الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتي مصابة بالعين.. كيف نعالجها؟

السؤال

أرغب في التعرف على كيفية العلاج من العين، وكيف يتم أخذ الأثر من العائن؟ وهل أخذ بعض بقايا طعامه مثل نوى التمر بعد أن يأكله ووضعه في إناء به ماء وغسل المعيون به يكون علاجاً بإذن الله؟

سؤالي الأخير هو: ابنتي مصابة بالعين، وأصبحت الرقبة والإبط والعانة دائماً سوداء بالرغم من اجتهادها في النظافة حتى تصبح بيضاء ولو تركتها يوماً واحداً عادت كما كانت سوداء، أفيدوني ما هو العلاج؟

ودمتم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يحفظك وابنتك من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فإن العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقت العين، ولا يصرف السوء إلا الله سبحانه، ومن الأدب الذي تعلمناه من رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا رأى شيئاً يعجبه ينبغي عليه أن يبارك ويذكر الله، ويردد: ما شاء الله تبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ونحو هذا من الأذكار الطيبة، وإذا لم يلتزم هذا الأدب فقد يضر الإنسان نفسه وماله وعياله فضلاً عن غيرهم، والعين نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث يحصل للمنظور منه ضرر.

ومسألة الإصابة بالعين ثابتة، وهي تؤثر بقدرة الله فتدخل الرجل القبر، وقد اجتهد العلماء في بيان الكيفية التي يحصل بها ذلك الضرر فقالوا: إنها عبارة عن شعاع يخرج من العائن إلى بدن المحسود فيؤثر بقدرة الله وقدره، وربما وجد العائن حرارة في عينه، وهذا الضرر ينفذ من خلال الأجسام والجدران، فإذا صادف غفلة عن الذكر ومحلاً قابلاً للتأثير أثر، ويزداد الخطر إذا كانت مع الإعجاب عين حاسدة أو كافرة لعدم طهارة هذا النفس بالإيمان والذكر.

والمسلم يحصن نفسه بالأذكار والطاعات ويجتهد في إخفاء المحاسن ويقضي حوائجه بالكتمان، ويوجه أطفاله لاتخاذ الأسباب الواقية من العين مثل ذكر الله، وأساليب أخرى كما فعل نبي الله يعقوب حين قال لأبنائه: ((لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ))[يوسف:67]، فقد ذكر بعض المفسرين أنه كان يخاف عليهم لجمال خلقتهم وكثرة عددهم ولكنه ردد في يقين: ((وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنَ اللَّهِ...))[يوسف:67].

والأذكار النبوية هي خير وقاية من العين والسحر وكافة الشرور، وخاصة أذكار الصباح والمساء، وتلاوة القرآن وخاصة المعوذتين وخواتيم البقرة وآية الكرسي، وعلينا أن نحصن أطفالنا الصغار بهذه الأذكار ونعلمهم تردادها إذا استطاعوا ذلك، ولا ينبغي أن نعلقها عليهم ومن علق شيئاً وكل إليه.

وننبه إلى حرمة تعليق التمائم ومن علق تميمة فلا أتم الله له، وفي الأذكار الشرعية كفاية ووقاية، ومنع التعليق للأذكار على الأطفال فيه سد لباب الذريعة وتفويت الفرصة على المشعوذين.

ومما ينبغي أن ننبه له عدم جواز اتهام الناس، ولكن إذا ثبت ذلك بيقين أو كان الشخص معروفاً بذلك ومشهوراً، بل وبعضهم والعياذ بالله يعترف بذلك ويفاخر به، فإن طريقة العلاج هي أن نطلب من العائن أن يغسل مفاصله وداخل إزاره ويصب ذلك الماء على حين غفلة على الذي أصابته العين وسوف يبرأ بإذن الله، لما ورد من اغتسال سهل بن حنيف رضي الله عنه وكان أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة رضي الله عنه فقال: (ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة! فلبط سهل وسقط إلى الأرض فأتى رسول الله فقال: هل تتهمون أحداً؟ قالوا عامر بن ربيعة فدعا عامراً فتغيظ عليه، فقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه وظهره ثم كفأ القدح، فراح سهل مع الناس ليس به بأس).

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب الشفاء العاجل لهذه الطفلة، واجتهدوا في الدعاء والتوجه إلى الله.

والتغيير في لون الجسد من الأدلة على الإصابة بالعين والعين تسرع في الأطفال لكونهم محط نظر الناس، وخاصة عندما تظهر على بعضهم علامات الملاحة والذكاء، فعلينا أن نجتهد في تحصينهم بالأذكار صباحاً ومساءاً ونحرص على أن تكون مجالسنا وبيوتنا عامرة بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن في ذكرنا حماية لنا فإن ذكر الله كمثل رجل طلبه العدو فدخل حصناً فمنع نفسه من العدو، وفي إعلان ذكرنا لله تذكير لذلك الغافل وعندها ينصرف الشر عن أنفسنا وأولادنا وأموالنا بإذن الله.

أما كيفية العلاج فيكون بالرقية الشرعية كحديث أم سلمة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال: (استرقوا لها، فإن بها النظرة)، والرقية لا تجوز إلا إذا كانت بكلام الله وأسمائه وصفاته، وأن تكون باللغة العربية وبكلام مفهوم المعنى، مع اعتقادنا أنها لا تؤثر بنفسها ولكن بتقدير القدير سبحانه، ومنها قوله: (بسم الله أرقيك...)، (اللهم رب الناس....) والفاتحة والمعوذتين والإكثار من قراءتهما مع آية الكرسي، وأرجو أن نقوم نحن بالرقية خاصة الآباء والأمهات مع الدعاء والإلحاح والحرص على الطاعة لله، ويمكن تعليم هذه الصغيرة أدعية وأذكاراً ترددها بنفسها.

والعين قد تكون من الإنس والجن والرقية الشرعية نافعة في كل ذلك بإذن الله خاصة إذا صادفت قوة في الفاعل وهمة، وصادفت يقيناً ومحلاً قابلاً، ويجتنب الإنسان عين الجن بالبسملة والاستعاذة بالله، والمعوذتين وسائر الأذكار والطاعات، والرقية من قدر الله وقد أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأسماء بنت عميس: (ارقيهم..) وهذا لأبناء جعفر رضي الله عنه.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب سميرة

    اللهم زد و بارك

  • الأردن موجوعه على حبيب

    يارب اشفي الي الغالي من اي مكروه ورجعو لاهله بالسلامة يارب العالمين يارب اشفي خليل ابن سندس مما هو فيه امانه كل من يقرأ رسالتي يدعي لابن اخوي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً