الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكن أن يجد الإنسان طريق النجاح والسعادة؟

السؤال

السلام عليكم..

في الحقيقة لا أدري كيف أبدأ؟ ولا أدري إذا كانت لدي مشكلة أم أنها أوهام في رأسي ولكن ما خاب من استشار؟

إنني أشعر بأن كل شيء في حياتي مبني على الخطأ، لم أفعل شيئاً في حياتي يجعلني أشعر بأنني إنسانة صالحة كي أعيش في المجتمع، فقد فشلت في كل شيء، أتذكر أن آخر نجاح حققته في حياتي هو عندما تخرجت من الثانوية، وبعدها بدأ الفشل يداهمني في جميع نواحي حياتي.

أنا لا أصلح لشيء أبدا، فشلت في دراستي الجامعية، هربت من فشلي هذا، ومن لوم والدي لي بأن قبلت الزواج من شخص لا أحبه، قلت في نفسي الحب يأتي بعد الزواج، لي الآن سنتان معه، نعيش حياة كأننا أخوان، أنا وهو لسنا زوجين أي لا تقام أي علاقة بيننا، والسبب مني أنا، فلم أستطع التقرب منه، ولكي أصلح هذا الألم الذي تسببت به لزوجي سأقوم بتزويجه حتى لا أظلمه هو وأهله من أن يرى طفلاً له، لا أعلم إن كان ما فعله صحيحا أم لا فقط ليرتاح ضميري؟ أما عن نفسي سأتحمل عواقب اختياري.

وهذا فشل آخر في أن أكون زوجة وأماً، لا تقل لي حاولي؛ لأنني حاولت فلم أستطع، نفسي لا تطيقه، ولا أستطيع أن أعود لأهلي لأنهم رافضون لفكرة طلاقي، وكلام الناس لا يرحم.

الآن وبعد كل هذا أجد أن عقلي لا يفقه شيئاً، أجلس في البيت بين الجدران، لا أكلم أحداً، ولا أفعل شيئاً، حتى المنطقة التي أعيش فيها أكرهها، فقد عشت طفولتي بها، ثم عدت إلى بلدي مع أهلي، وجاء نصيبي بأن أعود إليها مع زوجي، إنني لا أحتمل أن أعيش بها فهي تخنقني.

أحس بأنني بعيدة عن أهلي وأخواتي لا أجد من أشكو له، ولم أكون أي صداقات لأنني فاشلة في العلاقات الاجتماعية، لم أحقق أي نجاحات في حياتي، أحس بأنني أعيش للأكل والنوم، لقد مللت من حياتي، ومن الفشل، ومن الضياع، إنني أعيش عالة على المجتمع، وزوجي، وأهلي، لماذا أعيش؟

كل شيء جاء على عكس ما كنت أحلم وأتمناه وأنا صغيرة، لقد فقدت معنى الحب في كل شيء، أشعر بأن عمري يضيع بين الجدران والأسف على كل ما فات، إنني أنتظر الموت، لا شيء أصبح يهمني، فقدت معنى الحياة لأنني فاشلة بكل شيء، أتمنى من الله عز وجل أن يرحمني ويحسن خاتمتي.

حتى الحياة الاجتماعية والصداقات فشلت بها، وأصبح الخوف يتملكني في كل شيء، أحس أنه عائق في طريقي.

لا أفهم كيف أصنف مشكلتي، أشعر أنها مشكلات لا أعلم.

اعذروني أرجوكم لعلي أزعجتكم بطول رسالتي ولكني أطلب المساعدة حتى ولو بكلمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ميس حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يلهمك رشدك، ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن نجاحك في الثانوية دليل على أنك تستطيعين النجاح، فتوكلي على ربك الفتاح، وحافظي على أذكار المساء والصباح، وابذلي أسباب الفلاح.

واعلمي أن الفشل في الجامعة ليس هو نهاية المطاف، وإلا فكم من الناس نجح في حياته ولم يصل إلى مرحلة الجامعة، كما أن الفشل هو أول خطوات النجاح، ولولاه لما عرف الناس حلاوة النجاح، فاستقبلي الحياة بروح جديدة، وكوني لرب مطيعة ولزوجك معينة، وكوني له أَمة يكن لك عبداً، وكوني له أرضاً يكن لك سماء، وليس على الحب وحده تقوم البيوت، ولكن على أخوة الإيمان والرغبة في طاعة الرحمن، وإنتاج الإناث والذكران، لنكثر بهم جند الإيمان الذين سوف يفاخر بهم رسولنا المبعوث من عدنان.

وأرجو أن تعلمي أن السعادة لا توجد في الصديقات، ولكنها تنبع من النفوس المؤمنات، وتنمو في بيئة الذكر والصلوات، وتكتمل بالرضا بما قدره رب الأرض والسموات، والسعادة تنبع من داخل النفس، فابتسمي للحياة واتركي التشاؤم، ولا تفرضي على نفسك الحصار، واستغفري ربك الغفار، وأكثري من الصلاة والسلام على رسولنا المختار.

وليس في الوحدة خير، فإن الشيطان مع الواحد، وهي خير من صديقة السوء، ونحن نتمنى أن تبحثي عن الصالحات، وأن تذهبي إلى مراكز العلم الشرعي والتجمعات الخيرات، ولا تنظري للحياة بمنظار أسود، وتعوذي بالله من الشيطان وتذكري أهل المصائب ليسهل عليك ما أنت فيه، واشكري نعم الله عليك لتنالي بشكرك المزيد، واحذري من الاعتراض على ما قدره ربنا المجيد، واعلمي أن من أطاع الله هو السعيد.

ولا شك أن طريقة هذه الاستشارة تدل على أنك تستطيعين أن تفعلي شيئاً، وقد أعطاك الله قدرة على التعبير، فانهضي من السرير وسطري خواطر الخير، واشكري الخالق القدير، ولا تقولي لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن رددي في يقين (قدر الله وما شاء الله فعل، ولا تقولي لو أني فعلت كذا كان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان) وهمّ الشيطان أن يحزن أهل الإيمان.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً