الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو الأفضل تعجيل عقد القران أم تأخيره؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أولاً: أحب أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، وربنا يجزيكم كل خير! هل ممكن أن تساعدوني في الإجابة عن هذه الاستفسارات؟

أولاً: أحب أن أعرفكم أني مخطوبة منذ شهرين تقريباً، والحمد لله ربنا أكرمني بشخص جيد من حيث الأخلاق والمستقبل -إن شاء الله- والحمد لله هو صريح جداً، وأهله والحمد لله طيبون ومحترمون جداً، وعندهم صراحة في كل شيء.


الشيء الذي يؤرقني هو أن خطيبي سريع الغضب، يعني أنه من أقل كلمة يمكن أن يغضب، وأنا فهمت هذه الصفة فيه ومن البداية أحاول أن أتفاداها، وأحاول كذلك أن ألتمس له الأعذار؛ لأن طبيعة عمله مجهدة نوعاً ما، ولكني أخاف أن يأتي يوم وتفلت أعصابي من هذا الأمر، وأحاول أن أغير هذه الصفة فيه، ولكني لا أعرف كيف، علماً بأنه يكبرني بعام واحد.

الأمر الثاني: أني والحمد لله ملتزمة في علاقتي بربي، وأحبه جداً جداً جداً، وأتمنى أن أتقرب إليه أكثر، وأتمنى كذلك أن آخذ بيد خطيبي وأن يكون طريقنا واحداً، وأن أقربه ويقربني من ربنا جل وعلا.

وبمعنى أدق، أتمنى أن يكون عنده شفافية أكثر في علاقته بربه عز وجل، فهو والحمد لله قد انتظم في الصلاة، ويقرأ القرآن في بعض الأوقات، لكني أتمنى أن يكون أفضل مما هو عليه.


أحب أن تعلموا أني كنت مرتبطة قبل خطيبي بزميل لي في الكلية، والحمد لله لم يحدث بيننا شيء يغضب الله، وكان الموضوع معروفاً للجميع بما فيهم الأهل، ولكن الله تعالى لم يرد أن نرتبط، وحدثت بيننا خلافات وانتهى الأمر على ذلك.

لقد قصصت قصة زميلي السابق على خطيبي؛ لأني لا أحب أن أخفي عنه شيئاً، وقد وعدني أن هذا الموضوع لن يؤثر على علاقتنا، وأنا لا أفكر بذلك الشخص السابق أبداً وقد أغلق الموضوع بيننا نهائياً، وأنا أعلم أني أخطأت حينما قصصت على خطيبي تلك القصة، لكني بدأت أرتاح إليه، وهو بالمقابل قص علي قصة خطبته السابقة، ولكنه حاول أن يكثر علي في الأسئلة حول موضوعي السابق، فقلت له: إن شاء الله سيكون الزفاف في آخر هذا العام.

سؤالي هو: هل من الأحسن أن نعقد قراننا الآن؟ أم ننتظر حتى يقترب ميعاد الزواج؟ أيهما أفضل؟
أم أن فترة الخطوبة -برأيكم- ليست كافية لتكوين انطباع نهائي للارتباط؟ أشكر لكم سعة صدركم، وأرجو مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ M حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن خير البر عاجله، ولن تستفيدوا من التأخير، فإنه يجلب الملل ويقتل العواطف، ولا يفيد في جانب التعرف المزعوم؛ لأن فترة الخطوبة تقوم على المجاملة وإظهار الإيجابيات وإخفاء السلبيات، وطول الخطبة مصدر إزعاج لأسرة الفتاة، وفيها تعريض الجميع للفتن؛ لأن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، ولا يتيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التحدث معها إلا في الأمور المهمة وبالحدود المعقولة، وإذا وجد الرجل العاطفة والتنازلات من الخطيبة، فإنه يزهد في إتمام مراسيم الزواج، ولماذا يستعجل إذا كان ما يطلبه متاحاً؟

وقد أعجبني استعدادك للتعامل مع سرعة غضب الزوج، وهذا دليل على كمال عقلك، وإليك هذه القصة لامرأة عاقلة دخل عليها زوجها وقال لها معتذراً: إنني سيء الأخلاق، فقالت له: أسوأ منك من يدفعك إلى سيء الخلق، ثم عاشت معه سنوات بأهنأ عيشة.

وقد أفرحني حرصك على الطاعة وحبك لربك سبحانه، ولا يخفى عليك أن من أهم علامات محبة الله طاعته واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: (( قل إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ))[آل عمران:31].

وقد وضع الإسلام ضوابط للتعامل مع الرجل، فاحرصي على التمسك بآداب الإسلام، ولذا فنحن ننصحكم باستعجال أمر الزواج، وذلك بعقد القِران ثم بإتمام مراسيم الزواج، وعندها سوف تتمكني من الأخذ بيد الزوج إلى ميادين الطاعات، وأبشري فإن المرأة الصالحة تؤثر على زوجها لأنها تملك وسائل التأثير، والسعادة تتحقق بالتعاون على البر والتقوى.

ونحن نتمنى أن تعجلوا بإتمام الزواج، وأن تكفوا عن فتح الملفات القديمة، وهذه الأشياء من سلبيات طول فترة الخطوبة، ومن الآثار السيئة للجلسات الطويلة، حيث ينتهي الكلام المهم ويكون الدخول إلى أمور لا حاجة إليها، وأتمنى عدم تكرار هذا الخطأ مرة أخرى، وأثبتي لزوجك أنه الوحيد في حياتك، ولا تذكري غيره أمامه، وحاولي أن تثني على صفاته الإيجابية وتعترفي له بالفضل، فإذا وجدت فيه عيباً فاعلمي أنك لن تجدي رجلاً بلا عيوب، وأنت كذلك لن تكوني خالية من النقائص، والكمال لله وحده، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وكفى بالمرء نبلاً أن تُعد معايبه.

ونسأل الله أن يسهل أمركم وأن يغفر ذنبنا وذنبكم، وأن يجمع بينكما على الخير، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً