الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج السلوكي والدوائي للرهاب الاجتماعي

السؤال

السلام عليكم.

سعادة الدكتور - محمد عبد العليم - بارك الله فيك!
أرسل إليك هذا السؤال العاجل:
وهو أني مصاب بهذا الرهاب، وقد قرأت عنه كثيراً وخصوصاً استشاراتك الطيبة، لكن عندي ملاحظة وسؤال، وهو أنك تقول إن أفضل علاج للرهاب هو إقحام النفس في المواقف الجماعية، وإهمال الخوف وعدم الالتفات إليه.

ألا تعتقد أن هذا مما يزيد الرهاب، وقد جربت هذا كثيراً فبعد موقف معين أشعر أن الناس يهزءون بي، وبعض المرات أقسم أن لا أعود إليه، وأنظر إلى نظراتهم إلي في كل مناسبة: (هذا الذي ارتبك في الموقف الفلاني...) فما رأيكم.

ثم قرأت موضوعا في الإنترنت وهي نصيحة من بعض الشباب عن علاج هذا الرهاب وهو يقول إنه لا رهاب بعد اليوم، وقال أنه استخدم عقاراً يقال له (بروبانولول) فما رأيكم في هذا؟ وهل له آثار جانبية؟ وخصوصاً أني بحثت عنه في الصيدلية وقال لي هذا علاج للقلب؟

وبالنسبة للزيروكسات فقد استخدمته لمدة تقريباً شهرين لكني لم أشعر بتحسن يذكر، فهل يحس الإنسان إذا استخدمه بشيء معين؟
وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد حملت رسالتك محاور مهمة جدّاً فيما يخص الرهاب الاجتماعي، وهو أن الشعور لا ينقطع بالاقتحام ومواجهة الفكرة، أتفق معك تماماً أن اقتحام هذه الأفكار والأخذ بما هو ضدها يزيد من الخوف والقلق في المرات الأولى، ولكن أثبتت التجارب النفسية المعتبرة والمعتمدة أن مستوى القلق يكون في ازدياد مضطرد مع المواجهة، ولكن بعد ست أو سبع مواجهات واقتحامات يصل الخوف إلى درجة السكينة والتوقف، أي لا يزداد، وفي هذه الحالة لابد للإنسان أن يتواصل في الاقتحام، ثم بعد مرتين أو ثلاثة يبدأ الخوف في النقصان والانحسار.

أتفق معك تماماً - أخي وليد – أن المواجهات الأولى تزيد من الحالة، وهذا هو الوقت الذي نريد فيه الإنسان أن يكون قويّاً وصابراً وصموداً، وفي بعض الحالات نقول لبعض الإخوة يمكن أن تستعين بأحد الإخوة ليكون معك، وأعرف أن هنالك مراكز علاجية يذهب فيها المعالِج مع الإنسان الذي يعاني من هذه الحالة، يذهب معه لمواجهة بعض المواقف الاجتماعية، وذلك مرتين أو ثلاث، ثم يتركه لنفسه حتى يواصل بقية المشوار.

لكن الذي أود أن أؤكده لك، أن ما تتصوره من شعور الناس أنهم يستهزؤون بك أو أنك مرصود من قبلهم؛ هذا ليس صحيحا مطلقاً، وقد دلت التجارب والتي قامت على تصوير الشخص حين يخضع للعلاج من الرهاب والناس الذين حوله، دلت هذه الصور بعد ذلك أن تصور الإنسان الذي يعاني من الرهاب ليس صحيحاً، وسوف يتضح بما لا يدع مجال للشك أن الناس لا تراقبه ولا تستهزئ به ولا ترصده مطلقاً.

ما يقوله الشباب من علاج الرهاب، هو من أجل بناء العزيمة والتصميم، وهذه أيضاً وسائل فكرية جيدة، أن تحتم على نفسك أنه لا يوجد رهاب بعد اليوم، أن تبدأ العزيمة وأن تبدأ القوة وأن تواجه، الفكرة من نوعية هذا العلاج هو أن تجعل الفكرة المرضية في موقف التحقير والإذلال، أن تقلل منها وأن تحقِّرها، وهذا بالطبع يؤدي إلى نتائج إيجابية.

أما بالنسبة للعقار الذي استخدمه البعض وهو بروبانولول - والذي يعرف تجارياً باسم إندرال - هو من الأدوية المعروفة جدّاً والأدوية البسيطة، ويعرف عن هذا الدواء أنه يقلل من إفراز مادة الأدرانالين، وهي المادة التي تؤدي إلى تسارع ضربات القلب، وبما أن المخاوف مرتبطة بضربات القلب أو تسبب نوعا من الخفقان وتزايد في ضربات القلب؛ فإن هذا الدواء يقلل من هذه الضربات مما يؤدي إلى شيء من الطمأنينة.

الإندرال له عدة استعمالات منها أنه يستعمل في تخفيض ضغط الدم، ولكن في هذه الحالة يكون بجرعة كبيرة – حاولي 120 مليجرام في اليوم – كما أنه يستعمل بتنظيم ضربات القلب في بعض الأحيان، وتكون الجرعة 40 إلى 60 مليجرام، وهكذا، أما في مثل هذه الحالات البسيطة وهي القلق والمخاوف فيستعمل بجرعة 10 إلى 20 مليجرام مرتين في اليوم، فلا مانع من استعماله أبداً يا أخي، وكما ذكرت لك هو دواء بسيط ولديه عدة استعمالات.

لا شك أن العلاج الدوائي مهم جدّاً بالنسبة للرهاب وقد أثبت فعاليته، بالنسبة لك لم تشعر بتحسن من استعمال الزيروكسات بالرغم من أنه الدواء الذي أشارت الأبحاث إليه بأنه هو الأفضل في هذا السياق، ولكن هذا ليس مستبعدا لأن بعض الناس قد لا يوافقهم الدواء، كما أن بعض الحالات تتطلب أن يُستعمل الدواء بجرعة كبيرة قد تصل إلى 60 أو 80 مليجرام في اليوم ولمدة أطول، إذن توجد بعض الاختلافات من إنسان إلى آخر.

هنالك يا أخي دواء بديل وجيد أيضاً لعلاج الرهاب وهو الزولفت أو ما يعرف باسم لسترال، فقط تتطلب جرعته أيضاً البناء التدريجي حتى تصل للجرعة المعقولة، فعليك يا أخي أن تبدأ في استعماله، ابدأ في تناول زولفت بمعدل حبة واحدة في اليوم – 50 مليجرام – بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة كل أسبوعين بمعدل حبة واحدة أيضاً حتى تصل إلى ثلاث حبات في اليوم، استمر على هذه الجرعة العلاجية الصحيحة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل حبة واحدة كل شهر، وسوف تجد إن شاء الله أن هذا الدواء قد أفادك كثيراً.

أخي عليك أيضاً بممارسة الرياضة الجماعية، وحضور حلقات التلاوة، حيث أنها وسائل غير مباشرة للتخلص من الرهاب الاجتماعي.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً