الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج بعض الألفاظ والأمور المكتسبة لدى الطفل

السؤال

السلام عليكم.

لدي ثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ 5 سنوات من العمر، والثاني 3 سنوات، والثالث 5 أشهر.

المشكلة هي في الطفل الأكبر، فبمجرد دخوله روضة الأطفال وهو في عمر 3 سنوات بدأ يكره الناس، ويستعمل هذا اللفظ: أنا أكره الناس! ويرفض الذهاب إلى الروضة، مع أن الروضة مختارة، ومشهود للمربية بها بالاستقامة والأمانة، وهي بنفسها كانت تلاحظ تصرفاته الانطوائية، فهو لا يشترك في اللعب مع الأطفال الآخرين، وقد يكتفي باللعب مع أحدهم فقط!

المهم أن الولد لا يتناول طعامه بشكل طبيعي، وهو يرفض أن يعتبر جائعاً، حتى وإن كان جائعاً بالفعل! وقد بدأ مؤخراً بترديد عبارة: أنا أحب الليل وأكره النهار! وكثيراً ما يستخدم اللون الأسود لتلوين الرسومات!

وهو يحب الديناصورات، ويغضب كثيراً إذا ما أخبر بأنها ماتت وانقرضت، وهو يريد أن تعود من جديد لتفترس الناس وتريحه منهم! ولا أدري عن أي ناس يتحدث؛ فهو يبدو لي أنه يكره الغرباء كثيراً.

وهو يكره أهل زوجتي (جده وجدته) ويعبر عن ذلك بصورة واضحة، ويتذرع بأنهم أكلوا ذات يوم بطة مطبوخة (وكانت أمه قد أخبرته يوماً بهذا) فصار يحب البط ويكره الصيادين الذين يصطادونه، ولا يستطيع الاستمرار في مشاهدة فيلم كارتوني عن صياد يحاول اصطياد بطة!

ولا يزال الطفل يرفض الاستيقاظ من النوم للذهاب إلى الروضة إلى اليوم، مع أنه يقول أن معلمته الجديدة أفضل من القديمة، فهل هذه المشكلة مألوفة ومعروفة لديكم؟ وبم تنصحون؟
وفقكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mehmaz حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالاكتئاب النفسي عند الأطفال يظهر في شكل اضطرابات في المسلك واحتجاج على وضع معين، وربما يضطرب الطفل انفعالياً، ويظهر ذلك في شكل اضطراب في النوم وعدم تناول الطعام والتبول اللاإرادي، وكذلك العزلة.

لكن الاكتئاب بمفهومه العلمي لم يسجل في أي طفل قبل سن الـ 7 سنوات، وحتى الحالات التي سجلت في أطفال يبلغون سن السابعة كانت قليلة جدّاً.

الذي أراه أن هذا الابن حفظه الله يحتج على أوضاع، ومن أهم هذه الأوضاع هو أنه لا يريد فراق أمان المنزل، ربما يكون بحكم أنه الطفل الأكبر أعطي اهتماماً في السنين الأولى من العمر، وبعد أن رزقكم الله تعالى بأخويه بدأ يشعر أن مركزه أصبح متنازعاً عليه، وهذا يؤدي إلى شعور طبيعي بالاحتجاج والتذمر، والأطفال يتفاوتون في تفاعلهم مع مثل هذه المواقف.

أرى أن الكلمات التي يقولها: أنا أحب الليل وأكره النهار، أنا أكره الناس، وكذلك كراهيته لأهل زوجتك، هي أمور مكتسبة ومتعلمة، ربما يسمعها هذا الطفل، وربما يكون هذا الطفل يتمتع بدرجة كبيرة من الذكاء والنباهة، وهذا الطفل لا يستوعب في هذا العمر المعنى الحقيقي لهذه الكلمات، ولذلك أرى أنها مكتسبة أيها الأخ الفاضل.

الذي أود أن أنصح به هو أن يتم التجاهل الكامل للتصرفات والكلمات ذات المعنى السلبي التي يقوم بها الطفل، فهذا أمر ضروري، وهذا يسمى العلاج بالتجاهل وهو يقوم على ركائز علمية.

ثانياً: العلاج بالتحفيز والتشجيع، وهو أن يطلب من الطفل القيام ببعض الأمور الإيجابية ثم يكافأ عليها، ويمكن أن تكون هذه المكافآت عن طريق إعطائه نجوماً أو علامات، وفي نفس الوقت تسحب منه هذه النجوم أو العلامات حين يقوم بعمل سلبي دون انتقاده، فقط إشعاره بأنه قد خسر ما اكتسبه، وفي نهاية الأسبوع يمكن أن تستبدل ما حصل عليه من علامات أو نجوم بهدية بسيطة من الأشياء المفضلة له.

هذه التمارين السلوكية معروفة الجدوى والقيمة العلمية، فقط بعض الناس لا يصبر عليها، أو لا يشرحها للطفل بالصورة المطلوبة، وهذا ربما يؤدي إلى خلل في التطبيق، فأرجو أن تقوم بتطبيقها أنت وزوجتك بالصورة الصحيحة.

بالنسبة للذهاب للروضة، هو أمر مهم جدّاً، وأيضاً يقوم على التحفيز وعلى الإصرار من جانبكم، لابد أن يؤخذ الطفل في مواعيد الروضة في الصباح، يذهب حتى لو كان محتجّاً، سوف يحتج مرة أو مرتين أو ثلاثة، ولكنه بعد ذلك سوف يتطبع.

أرجو عدم إشعاره بأن هنالك فوارق بين المعلمات، بل أن تغرس في نفسه أن المعلم هو المعلم، وأنهم جميعاً ممتازين ويحبونه كطفل، هذا هو الذي أراه يا أخي، وأرجو ألا تتضخم ولا تتجسم المشكلة في تفكيركم، هذا ليس اكتئاباً، هذا احتجاج من جانب الطفل، واتباع الوسائل الإرشادية السابقة سوف يقلل منها وسوف تختفي وسوف تستبدل بتصرفات وأفكار إيجابية.

لابد من إشعار الطفل بأهميته في الأسرة، ولابد من بناء شخصيته أيضاً بأن تجعله أكثر اعتماداً على نفسه، خاصة في الأمور الأساسية البسيطة التي تناسب عمره، أنا أعرف أنكم على دراية بذلك ولكن قصدت التنبيه، فالقيمة العلمية لمثل هذا السلوك معروفة ومهمة جدّاً لبناء شخصية الطفل وجعله ينصرف من التصرفات السلبية.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً