الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحب في الله وكيفية إعلانه والتقيد بضوابطه

السؤال

السلام عليكم

أرجو منكم إنجادي بالحل، لأنني والله لا أدري ما أفعل مع صديق لي أعزه وأحبه والله كل الحب، ولكنني لا أدري إن كان يبادلني الشعور ذاته، وسمعت أنك إذا أحببت شخصاً فمن اللازم أن يكون هذا الشخص يبادلك الشعور ذاته، ولكنني محتار فيما أفعل لأنني والله أحبه مثل أخي، بل وأعتبره كذلك.

علماً أنني لا أملك أخاً، وأحياناً أتمنى فيما لو كان أخي بالفعل، وفي كل يوم أدعو الله أن يكون فعلاً لي بقلبه حب، ولأنني إن علمت أنه لا يحبني بل يجاملني لا أستطيع أن أبقيه صديقاً لي، ولا أعرف لماذا.

أفيدوني بسرعة ماذا أفعل؟ وهل يمكن أن تكون المحبة غير متبادلة؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حكم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحب الحقيقي بين الإخوان هو ما كان في الله ولله وعلى مراد الله، وإذا أحب الإنسان أخاه في الله فإن السنة أن يعلمه بذلك، ليقول له ذلك الأخ أحبك الله الذي أحبتني فيه.

والمتحابون في الله ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والمؤمن يحب إخوانه لصلاتهم وصلاحهم، لا لأشكالهم وثيابهم وأموالهم، وكل أخوة لا تقوم على الإيمان والتقوى للرحمن تنقلب في الآخرة إلى عداوة ونكران، قال تعالى: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ))[الزخرف:67]، وما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انفصل وانقطع، والمؤمن يحتكم في علاقاته بضوابط الشرع ويدور معها.

ومن هنا فنحن نقول لك: إذا كانت صداقتك على الوجه الذي ذكرناه، فلا مانع من الاستمرار فيها والحرص عليها، لأنها من طاعة الله وأنت تؤجر عليها مثل المصلين الصائمين المطيعين لله، يبادلوك المشاعر أم لم يبادلوك.

وأرجو أن تعلم أن الإنسان قد لا يملك قلبه، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فقد لا يحصل الانسجام، وقد قال الله لنبيه ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))[الأنفال:63].

ونحن نوصي أنفسنا والشباب بضرورة أن يكون حبنا لأهل الإيمان جميعاً، ثم يزيد في محبة من يطيع الله، ونكره في العصاة مخالفتهم لأمر الله فإن تابوا ورجعوا وأقاموا الصلاة كانوا إخواناً لنا في الدين.

ومن دلائل المحبة النصح والصدق فيه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل:( إني لأحبك فلا تنسى أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وقد أحسن من قال: أخاك أخاك من نصحك في دينك وبصرك بعيوبك وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرك ومناك.

وإذا كانت علاقتك بالأخ في الله فبادر بإعلامه، واجتهد في نصحه، وأحب له الخير، وإن كانت لأجل شكله أو دنياه أو طريقته أو ظرافته، فلا خير في هذه العلاقة، ولا تحزن إذا لم يبادلك المشاعر، وعمر قلبك بحب ربك القادر، واعلم أنه لا خير في ود يجيء تكلفاً.

واجتهد أن تعامله وفق قواعد الإسلام، فلا تظلمه ولا تحقره ولا تخذله، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا مرض فعده، وإذا لقيته فسلم عليه.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يدفعك للخير ومرحباً بك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً