الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصبية والغضب ورفع الصوت على الكبار .. معاناة فتاة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا لكم على هذه الشبكة المتميزة، أما بعد:

أنا خريجة جامعية في 22 من العمر، غير متزوجة، يتيمة الأب، كنت معروفة بطبعي الهادئ وتحكمي بأعصابي، ورزانتي واحترامي للكبير.

أما بعد التخرج فقد انقلب حالي وأصبحت أفقد أعصابي لأتفه الأسباب، لدرجة أنني أصبحت أرفع صوتي على من يكبرني سناً، متقلبة المزاج، لا أدري ما السبب، أهو عدم حصولي على وظيفة أم عدم تقدم أحد لي؟ ليس رغبة في الزواج بحد ذاته، ولكن لدي شعور رهيب وأشعر بأنني إنسانة غير مرغوب بها، لا أعلم إن كانت هذه المعلومة ستفيد في الإجابة؟!

ولكن كنت أعاني من حمى الألبان أو الطيور كما سماها الطبيب، والتي تسببت بخفض نسبة كريات الدم البيضاء، كان يصف لي دواء (سيبروكير-دوكسيفارم ) تعاطيته على مدى 4 سنوات، كلما اقتضت الحاجة كان مزاجي يتحسن عند تعاطيه، أما الآن فلم أعد أتعاطاه بناء على أوامر الطبيب.

أرجو أن أعود إلى طبيعتي؛ لأن الأمر أصبح يفلت من يدي كثيراً، حتى أن احترامي لمن هم أكبر مني سنا بدأ يقل برفع صوتي عليهم، فأرجو أن ترشدوني إلى الحل!

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الإنسان ربما يتغير مزاجه حسب المرحلة العمرية أو الظرف الذي يعيشه، وليس من الضروري مطلقاً إذا كان الإنسان أصبح في مرحلة ما مصاباً باكتئاب أو عسر في مزاجه سوف تستمر معه هذه الحالة.

حقيقة يصعب التفسير لماذا يحدث الاكتئاب لبعض الناس، ولكن هنالك نظريات عامة تتحدث عن الشخصية عن البناء النفسي، والظرف الاجتماعي، والقابلية، والوراثية، وهكذا.

لا شك أن قضية الزواج أمر مهم بالنسبة لك كفتاة، ولكن أرى إن شاء الله أنه لا زالت أمامك هذه الفرصة متاحة، فأرجو ألا تضعي هذا التفسير كسبب للحالة التي تمرين بها، هذا الذي تمرين به من الواضح أنه عدم القدرة على التكيف، وعدم القدرة على التواؤم لشيء ما.

بالنسبة لوفاة الأب أو الأم في سنٍ مبكرٍ هنالك دراسات تدل أن ربما يؤدي ذلك إلى الاكتئاب، خاصة وفاة الأم، هذه مجرد نظريات أردت أن أسردها لك، والشيء المهم هو أن تتبدل هذه الحالة التي تعانين منها الآن، وهي حالة الاكتئاب والتوتر وعسر المزاج الذي أصبح يؤدي إلى التواصل السلبي مع الآخرين.

أولاً: لابد للإنسان أن يعرف أن التحكم في تصرفاته سوف يحسن من علاقاته مع الآخرين، هذا مبدأ أساسي.

ثانياً: الإنسان يستطيع أن يوجِّه إرادته مهما كانت الظروف المحيطة به سيئة، أو مهما كان في حالة نفسية غير مواتية، هذا أمر آخر مهم جدّاً.

ثالثاً: أرجو أن يكون لديك القدرة على التفريغ النفسي الذاتي، والإفراغ عمَّا في داخلك.. هذا يؤدي إلى ارتياحك وعدم الاحتقان النفسي.

رابعاً: أرى أنه سيكون من المفيد لك جدّاً أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، هنالك علاجات تؤدي إن شاء الله إلى التحكم في الأعصاب، منها علاج بسيط جدّاً يعرف باسم (تفرانيل)، وهو غير باهظ التكلفة ومتوفر في فلسطين.

أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة 25 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع إلى 25 مليجرام صباح ومساء لمدة أربعة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى 25 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناوله.

أرى أن هذا الدواء إن شاء الله سوف يحسن من مزاجك، وسوف يؤدي إلى زوال القلق والتوتر، وسوف تحسين أنك أصبحت أكثر ارتياحاً.

أي نوع من تمارين الاسترخاء سوف يفيدك، خاصة التمارين التي تعرف بتمارين التنفس وإعادة التنفس.. هنالك عدة كتيبات وأشرطة موجودة في المكتبات تساعد على تطبيق هذه التمارين بصورة صحيحة.. أي نوع من الرياضة أيضاً؛ خاصة رياضة المشي سوف تفيدك كثيراً.

عليك أيضاً بالالتزام بما ورد في السنة من معالجة القلق، بأن تتوضئي، أن تغيري مكانك، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وتصلي ركعتين، ولابد لك من الإكثار من الدعاء.

أسأل الله أن يرفع عنك هذه الحالة، ويزيل عنك الهم والحزن والغم، وسوف يفرغ هذا كثيراً عنك..
الالتزام قطعاً بالصلوات في وقتها أيضاً يعتبر حافزاً نفسياً فاعلاً يقوي من النفس، ويعيد الثقة للإنسان، ويجعله يحترم التعامل مع الآخرين، ويحسن التواصل.

لا شك أنه لا يوجد أي رابط بين الحالة التي تعانين منها – حمَّى الألبان أو حمَّى الطيور – وليس هنالك أي علاقة بينهما، وأنتِ فيما أرى قد تم شفاؤكِ التام من هذه الحالة.

هنالك وصية أخيرة أقولها لك، وهي: إن انخراطك في أي أعمال خيرية أو أي أعمال دعوية سوف يفيدك كثيراً في تقييم الأمور بمفهوم مختلف عن مفاهيمك الحالية، خاصة أنك – كما ذكرت – أصبحت متقلبة المزاج وترفعين صوتك على من هو أكبر منكِ.

أرجو أن تأخذي هذه الإرشادات وتتناولي الدواء المطلوب، وسوف تتحسن حالتك بإذن الله.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً