الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عودة أعراض القلق والاكتئاب بعد تقليل جرعة العلاج

السؤال

السلام عليكم

منذ بداية (حزيران 2004) أتتني بعض العوارض وهي: أوجاع مفاصل مؤلمة، وطقطقة في العظام، وتعب ووهن ووجع رأس وغثيان، وتعرق مفاجئ، وتنميل وخدر شديد في الأطراف، وأفكار متتالية سئية، ونفسية متشائمة، وخوف كبير من كل شيء، وعدم القدرة على التركيز ونوم كثير، وأحياناً أشعر بتسارع في النبض.

فقمت بعمل تحاليل وزيارة أطباء وأخذ مسكنات ومرخيات عضلية، وزيارة الشيوخ، ثم مع أحد الأطباء في 10/10/2005 بدأنا بالفافرين مع سمباتيل وأوربانيل، حتى 10/1/2006 ولا يوجد تحسن، ونفس الحالة ونفس الشعور - ربما أيام تكون شديدة أكثر من أيام أخرى وتأتي الأوجاع والحالة فجأة -.

وبعد 95 يوماً فافرين توقفنا وذهبنا إلى زولفت، ومعه أحياناً بروفين، وأحياناً أوربانيل عند الحاجة، وذلك لمدة 175 يوماً وبانتظام، حبة زولوفت 50ملغ - ربما أحياناً كنت أستعمل أوربانيل حسب الحاجة عندما أشعر بخوف أو بصعوبة في النوم، أو للهروب من الأفكار المزعجة أحياناً، وبعد 140 يوماً شعرت بتحسن جيد قياساً عما كنت فيه.

المهم أنه وبعد 175 يوم، وكنت قد قرأت الكثير عبر الإنترنت عن الزولفت والحالات المشابهة، فقررت تخفيض الجرعة إلى نصف حبة يومياً بدلاً من حبة، وهذا كان ولمدة 62 يوماً، وعندما شعرت باستقرار حالتي قررت أيضاً خفض الجرعة إلى نصف حبة (يوماً نعم ويوماً لا)، وهذا كان لمدة حوالي 45 يوماً.

وبعدها شعرت بألم خفيف عما كنت أشعر به سابقاً، واستمر هذا الإحساس يومين فخفت وعدت إلي جرعة نصف حبه كل يوم ولمدة أيضاً 38 يوماً.

وبعدها أتى يوم شعرت فيه بغثيان - نفس القديم - وتعب ووجع مفاصل، وبدأ عقلي يسيطر عليه فكرة والانتكاسة والخوف مما قد يعود.

سؤالي هو: هل هذا فعلاً انتكاس للمرض؟ وهل سيعود؟ وهل توجد أدوية تجعلني رجلاً طبيعيا؟! وماذا أفعل الآن؟!

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد الإمام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشكرك كثيراً على رسالتك المفصلة والدقة في التاريخ المرضي، وكذلك تاريخ العلاج وجرعات الأدوية التي تناولتها.

وبصفة عامة نقول أن حوالي (30%) من الناس ربما يحتاجون للأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والوساوس لمدة محدودة، وبعدها يتم لهم الشفاء الكامل بإذن الله تعالى، ولكن هنالك حوالي (60 أو 70%) من الناس تتطلب حالتهم الاستمرار في العلاج لمدة أطول، والسبب في ذلك يرجع إلى أن هناك بعض الأشخاص الذين لديهم الاستعداد في الأصل لحدوث الأعراض أو لاستمرارها في حالة التوقف عن الدواء.

ولا نقول إن هذه انتكاسات، ولكن هذا استعداد ربما يكون استعداداً إرثياً أو جينياً أو متعلق بالبناء النفسي وبناء الشخصية، وهناك الكثير من العلماء النفسيين المعتبرين الذين يرون الآن أن هذه الحالات النفسية مثل القلق والاكتئاب والوساوس والمخاوف يجب أن تُعامل وتعالج مثلما تعالج الأمراض الأخرى، كارتفاع ضغط الدم ومرض السكر وخلافه، والدليل على ذلك أن هذه الحالات النفسية لديها أيضاً منشأ بيلوجي أو كيمائي، وإذا أخذنا الأمور بالمنطق البسيط فما دام هنالك خللاً بيلوجياً أو كيمائياً، فهذا لا يمكن تصحيحه إلا عن طريق الأدوية؛ لأن الأدوية تعمل وتتفاعل بصورة كيميائية.

وأعتقد أن هذه المقدمة مهمة وضرورية في حالتك، فأنا أعتقد أنه لديك الاستعداد أصلاً لهذه الأعراض، وحين قللت الدواء أصبحت الأعراض تنتابك، ولا أود أن أسميها انتكاسة مرضية، ولكنها هي عودة للأعراض السابقة؛ حيث أن الدواء كان مثبطاً وموقفاً لهذه الأعراض، وحين أوقفت الدواء ظهرت الأعراض مرة أخرى.

إذن؛ أنت لديك الاستعداد لهذه النوبات، ونصيحتي لك هي أن تستمر على الدواء، استمر على الدواء وبجرعة صحيحة، والجرعة الصحيحة هي حبة كاملة، وليست نصف حبة، ومهما طالت المدة لا تنزعج من ذلك مهما طالت مدة العلاج؛ لأن هذه العلاج علاج سليم وممتاز، ولا يؤدي إلى أي آثار جانبية سلبية أساسية.

ولا نستطيع أن نقول إن هناك دواء سوف يؤدي إلى شفاء مستمر أو إلى شفاء أبدي، فلا نستطيع أن نقول ذلك في الوقت الحاضر، ما دام الإنسان لديه الاستعداد لحالة ما، عضوية كانت أم نفسية، فلابد أن يأخذ بالأسباب التي توقف هذه الحالة، وفي هذا الوضع يكون الدواء هو السبب الذي يجب أن نأخذ به، ونسأل الله دائماً أن يجعل لنا فيه الفائدة والخير.

إذن؛ عليك باستعمال الزولفت بجرعة حبة واحدة، وعليك أيضاً الاهتمام بسبل وطرق العلاج الأخرى مثل الرياضة، فقد وجد أنها تمثل قيمة علاجية كبيرة في الحالات النفسية، لأنها تؤدي إلى تنشيط المسارات الكيميائية والبيلوجية، خاصة المسارات العصبية، كما أنها تمتص الطاقات المنحرفة - إذا جاز التعبير - أي: طاقات الغضب وطاقات التوتر الداخلي تمتصها وتزيلها بإذن الله.

فهذه آليات مهمة، ومن الأشياء العظيمة والتي دائماً يجب أن نبدأ بها هي أن ندعو الله أن يشفينا وأن يحفظنا، فهذه أمور أساسية يجب أن نقتنع بها، ويجب أن لا ننساها، فهذه كلها أمور ضرورية في العلاج، وبجانب ذلك لابد لك من الفعالية في وظيفتك وفي عملك، وفي تواصلك الاجتماعي، هذه كلها من وسائل العلاج.

ونحن في بعض الأحيان نركز على الأدوية، أنا لا أهمل أبداً فعالية الأدوية، وأنا من الذين ينتمون إلى المدرسة البيلوجية لدرجة ما، ولكن بالطبع الآليات الأخرى للعلاج تعتبر في نظري مكملة جداً للأدوية، وأنت الحمد لله رجل متفهم وواع.

أسأل الله لك العون والشفاء، ونحن في أتم الاستعداد للتواصل معك، ومتى ما رأيت أن هناك حاجة للاتصال بنا فنحن كما ذكرت على أتم الاستعداد لتلبية أي طلب فيما يخص هذه الاستشارات.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً