الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما رأيكم عرض الفتاة نفسها على من تشعر بميله نحوها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جاء إلى مكتبي شاب متعلم وذو خلق عالٍ ودين، وهذا الشاب قد حضر إلي بسبب استشارة في موضوع عملي، وقد قابلته مرتين فشعرت اتجاهه بشيء ولكني تجاهلت هذا الإحساس، ولكن بعد أيام قليلة أرسل لي رسالة بالجوال ليسأل عن أمر يتعلق بعملي، فأجبته لأن هذا واجبي تجاه كل من يطلب مني خدمة، ثم عاود الأمر مرة ثانية وثالثة، فبدأ قلبي يخفق بشدة ويدق، وبدأت أنتظر رسائله.

فدلوني هل أصارحه؟ فهو دائماً يحاول المصارحة ولكنه لا ينطقها، وهو حاصل على الدكتوراة من أشهر قليلة ويبحث عن عمل، وكل يوم يمضي تكبر مكانته في قلبي، وميلان القلوب ليس بيدي، مع العلم بأنني فتاة متدينة وأتقي الله في تصرفاتي، وطوال عمري لم يحدث معي شيء كهذا، فماذا أفعل؟!
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح، وإذا شعرت الفتاة بميل رجل صالح إليها فإنها تدله على باب أهلها، وهذا أمر يزيد في مكانتها عنده، ويعمق فيها ثقة أهلها، والأهم من كل هذا أن ذلك يرضي ربها، وإذا كانت عندك معرفة بأهله وخاصة محارمه فيمكن أن تعلني لها ما عندك من مشاعر، ويمكن أن تكتفي بالثناء على أدبه وأخلاقه.

ولا يخفى على أمثالك أن خديجة رضي الله عنها أرسلت صديقتها لتعرض رغبتها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكننا نفضل أن تكون المبادرة من جانب الرجل لأن في ذلك مصالح كثيرة لمستقبل العلاقة بين الرجل وزوجته، والإسلام دين يكرم المرأة ويريدها مطلوبة عزيزة ودرة غالية وجوهرة مصونة لا يستطيع أكرم الرجال أن يصل إليها إلا بطرق الأبواب واستئذان أهلها الأحباب، والثناء على أخلاقهم والآداب، ثم يقدم بعد ذلك صداقاً يدل على صدقه، ويدعو أهلها لأن يقفوا على دينه وأحواله وأهله.

ولو فرضنا أن الرجل أعلن رغبته فإن أول الخطوات هو أن يطرق بابكم ويحضر أهله ثم تجلسين معه في حضور أحد محارمك، وليس من المصلحة إعلان ما كان بينكما من اتصالات، ويكفي أن يكون قد شاهدك في ميدان العمل، وهكذا الرجل يسمع عن المرأة فيميل إليها أو يقابلها في العمل فيعجب بأدبها وأخلاقها، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

وقد أسعدني ما عندك من الحياء، والحياء خلق الإسلام، والحياء لا يأتي إلا بخير، وهو أغلى ما تملكه المرأة بعد إيمانها.

ونحن نتمنى أن لا تطول هذه المسألة، وإذا تأكد لك ميل الرجل ووجدت في نفسك ميلاً إليه ولم تجدي وسيلة لإيصال ما عندك وعجز هو من التصريح فيمكن أن تقولي له إذا كانت عندك رغبة فعمي فلان وأخي فلان وخالي فلان، وهذا يجعل البدايات صحيحة، ويجعلك تقفين على حقيقة الأمر قبل أن تتعمق المشاعر، فربما كان الرجل له ارتباطات ولكنه مجرد معجب بك، وقد لا تحصل موافقة الأهل من الطرفين، فلابد من وضع النقاط على الحروف، والدخول في شبكات الحب هين ولكن التأمل في الخروج، والإنسان لا يستطيع أن يسيطر على مشاعره إذا أطلق لها العنان، وأطهر المشاعر ما كانت في رضى الكريم المنان، والمنطلقة قبل ذلك من محبة الرحمن، والانطلاق منها لحب أهل الإيمان، وتقديم من ظهر دينه وخلقه وشعرت معه بالأمان.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله والحرص على طاعته، وشكراً على هذا السؤال الذي يدل على ما فيك من الحياء والخير، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً