الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على مصائب الدنيا واللجوء إلى الله في سداد الدين وتوسيع الرزق

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

خالتي متزوجة والحمد لله، وزوجها يتاجر في السيارات، وهو في أول حياته لم يكن ميسوراً، وفجأة أغناه الله وأصبح من ذوي الدخل العالي، ثم وقع في أزمة مالية كبيرة، فقد أخذ أموال الناس وبدأ يشغل بها واشترى بثمنها سيارات كبيرة وجمدها ولم تبع هذه السيارات، فأخذ يصرف من رأس ماله وأخذ الوضع يتدهور أكثر فأكثر، فهل توجد أدعية تفرج عليه وتوسع الرزق؟!

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الدنيا تجيء وتذهب، وهي عارية مستردة يوشك أن تودع أهلها أو يودعونها، وأهل الإيمان يصبرون لله عند إدبارها، ويشكرون الله عند إقبالها، وبالشكر ينالون المزيد، وبالصبر ينالون رضا ربهم المجيد، و(عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان له خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

وأرجو أن أشكر لك هذه المشاعر الطيبة، وأرحب بكِ وبخالتك في الموقع، وفي صحبة آباء وإخوان جندوا أنفسهم لخدمة أمتهم، والله وحده يعلم كم نحن سعداء بهذا التفاعل، ونسأل الله أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في الأقوال والأعمال والأحوال، ولا يفوتني أن أشكر لخالتك صبرها على فقر زوجها ووفاءها له ووقوفها إلى جواره، وهذا مما يعين هذا الزوج على الخروج من المأزق بعد توفيق الله، ونسأل الله أن يجنب هذا الرجل غلبة الدين وقهر الرجال، وأن يُخرجه مما هو فيه وأن يوسع رزقه ويغفر ذنبه.

ولا يخفى على أمثالكم أن سلف الأمة الأخيار كانوا إذا احتاجوا للمال أو الولد أو القوة أكثروا من الاستغفار، وهم بذلك يتأولون قول القهار: (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ))[نوح:10-11].

كما أن المسلم إذا شكر ما عنده رزقه الله بشكره المزيد، قال تعالى: (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ))[إبراهيم:7]، كما أن بر الولدين وصلة الحرم مما يزيد في الأرزاق، قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه).

وإذا استقام المسلم على شرع الله قدر الله له الخير، قال تعالى: (( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ))[الجن:16]، ولا عجب فإن الإنسان يحرم الزرق بالذنب يصيبه، كما أن للحسنة ضياء في الوجه وانشراح في الصدر وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق، وأرجو أن يبذل الأسباب ثم يتوجه إلى الكريم الوهاب، ونتمنى أن يجد منكم العون والتشجيع والدعاء مع محاولات تقليل المصروفات، ولا تحزنوا على ما فات، ولكن رددوا قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان الذي يريد أن يوقع في التسخط على أقدار مالك الأكوان، وذاك مما يجلب الشقاء والحرمان.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله عز وجل فإنه سبحانه وعد أهلها بتيسير الأمور فقال سبحانه: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ))[الطلاق:4]، ووعدهم بالرزق فقال: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3].

ونسأل الله أن يوسع رزقه وأن يغفر ذنبه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً