الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الثقة بالنفس والإيمان بقدراتها يحتاج إلى العمل الجاد للحصول على النتائج المرجوة

السؤال

أنا شاب فاشل دراسياً، عندما كنت في المرحلة الثانوية كان مجموعي قليلاً (60%)، ولكن لأن أمي كانت تتوقع أن أكون متفوقاً وأن أدخل أعلى الكليات، ولكني لم أكن أذاكر، وأعتمد على الدروس، وأحياناً الغش في الامتحان، ونتيجة للضغوط النفسية أصررت أن أدخل معهداً فنياً يمكن بعده الدخول إلى كلية الهندسة، وبالفعل تفوقت في المعهد ودخلت كلية الهندسة - جامعة عين شمس - ورسبت في السنة الإعدادية ثم دخلت أحد الأقسام المتخصة في الكلية، وفي هذه المرحلة التزمت والحمد لله، وأطلقت لحيتي، ولكني رسبت ثلاث مرات.

وكان من المفترض أن أفصل ولكن الكلية أعطتني سنة إضافية؛ لأن مجموع المواد كان لا يستحق الفصل، ولكني لم أنجح في المواد المطلوبة كلها، وفصلت من الكلية، وأنا كنت أحب علم النفس فالتحقت بكلية الآداب قسم علم النفس هذا العام، ولكني لاحظت أني في المعمل أثناء إجراء الاختبارات أني أكثر أخطاء ممن حولي مثل تجارب المتاهة والإدراك عن طريق البزل، مع العلم أن تركيزي ضعيف فبماذا تنصحونني؟

مع العلم أنه لم يقل أحد أني غبي قط، بل على العكس تماماً كل من يتعامل معي يقول أني ذكي جداً، وأني أخذت دورات في موضوعات كثيرة مثل الكهرباء والكمبيوتر، ودورات في الإسعافات الأولية وطب الطوارئ، وكنت متميزاً جداً في هذه الدورة بالذات لدرجة أنهم ظنوني نائباً من النواب، وكنت أتعلم بمجرد النظر للأشياء العملية أسرع وأفضل من أطباء الامتياز، بل وأسرع من النواب الجدد، وكان النواب الكبار يعتمدون علي دونهم، وأنا أؤمن بقدر الله ولكني لا أعمل، وهذا يصيني بالاكتئاب والضيق.

مع العلم أنني لم أذهب إلى طبيب نفسي، فماذا أفعل وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ T77 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالتفوق الدراسي أو النجاح في الحياة بصفة عامة يتطلب المثابرة والجدية وتحقيق الوسائل التي توصل الإنسان إلى هدفه، وتحقيق الوسائل لا يكون بالتمني ولا بالاعتماد على أحلام اليقظة بل يكون بالتطبيق، وأنت الحمد لله ذكرت أن لديك مقدرات، وأن ذلك قد ذكر لك وهو بشهادة الجميع، هذا أمر جيد، ولكن أرجو ألا تعتمد على ذلك كثيراً، أرجو أن تنزل إلى أرض الواقع وهي أن تقسم وقتك بالصورة الصحيحة، وأن تكون مثابراً فيما تعمل، وأن تحاول الإجادة وأن تكرر وتكرر، فالتكرار هو وسيلة جيدة للتعلم، وأنت من الواضح ربما تود إنجاز الأمور في وقت قصير وبسرعة ثم بعد ذلك تحاول أن تكافئ نفسك بهذا الإنجاز، ولكن الإسراع يأتي بنتائج سلبية ويؤدي إلى الفشل، وهذا الفشل يشعرك بالإحباط ويفقد التركيز ويقلل من ثقتك في نفسك.

إذن اعط كل مشاعرك وكل مقدراتك لما تود أن تقوم بعمله مهما كان بسيطاً، لا تستعجل الأمور، لا تقل أني سوف أنجز هذا الأمر من أول وهلة، ركز واتبع الخطوات، كن متدرجاً في عمل أي شيء مهما كان بسيطاً، إن التدرج واتباع الخطوات هو الذي يوصل الإنسان إلى ما يريد، ونجرب ونجرب حتى نصل.

أديسون العالِم الذي اكتشف الكهرباء يقال أنه قام بأكثر من ألف محاولة فاشلة، ثم بعد ذلك نجح حتى أضاء لنا الدنيا كما نرى، إذن المثابرة والجدية وأخذ الأمور بفعالية، ولا تعتمد مطلقاً وتقول أنني صاحب مقدرات، هذا جيد، ولكن المقدرات يجب أن تتحدث عن نفسها ولا نتحدث عنها.

الشيء الآخر هو بجانب الأمور الأكاديمية التعليمية الدراسية لابد للإنسان أن يثبت بروزه وفعاليته الاجتماعية بأن يكون متواصلاً مع أهله وأرحامه ويقوم بإدارة وقته بصورة جيدة، ولا يؤجل عمل اليوم إلى الغد، يشارك في أي نشاط اجتماعي خيري كالانضمام إلى الجمعيات، ويساعد الأهل، ويكون له وجود فعال في داخل الأسرة، وكثيراً ما نتجاهل هذه الأمور في حياتنا، ونود فقط أن ننجح في أمور أخرى، كما رأينا الذين قد نجحوا أكاديميّاً ولكنهم كانوا معاقين تماماً من الناحية الاجتماعية، ولكن النجاح الاجتماعي دائماً يتأتى منه النجاح الأكاديمي، فهذه حقيقة.

أرجو أن تستفيد كثيراً من وقتك ومن تجاربك السابقة حتى وإن كانت تجارب فاشلة يجب أن تستفيد منها من أجل تطوير المستقبل وألا تضيع الفرصة التي بين يديك الآن.

لا أنكر أنك قد عشت نوعاً من عدم الاستقرار الأكاديمي، هذا التنقل يؤدي إلى نوع من ضعف الثقة في النفس، ولكن أرجوك أن تحول هذه المشاعر إلى أمر إيجابي وذلك بما ذكرته لك من نصائح سابقة.

إذا كان هنالك عسر حقيقي في مزاجك وشعور بالاكتئاب والضيق، فهذا ربما يكون أمراً ظرفياً، ولكن إذا كان ملازماً لك لا مانع أبداً من أن تتناول دواء مضاداً للاكتئاب والضيق، عقار مثل بروزاك هو دواء جيد وسليم جدَّا وغير إدماني، ولا يشكل أي نوع من الأضرار، أرجو أن تتناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي 20 مليجرام، تناوله يوميّاً لمدة أربعة أشهر، وإن شاء الله سوف يحسن من الدافعية بالنسبة لك ويزيل هذا الاكتئاب والضيق بإذن الله تعالى.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً