الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المخدرات لا تعالج الهموم لكنها تجلب الحسرات والهموم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي باختصار: منذ خمس سنوات بعد انتهائي من دراستي الجامعية بسنة بدأت أشعر باكتئاب خفيف، ولكن بدأ يشتد سنة بعد سنة، وبدأت تظهر أعراض نفسية غريبة فيّ مثل التوتر الشديد ومتحفز لأي مشكلة سواء في المواصلات العامة أو مع الناس في الشارع.

أيضاً: عندما أرى مشكلة في الشارع تؤثر فيّ تأثيراً شديداً وتأخذ من تفكيري أياماً، وأشعر بضيق شديد في صدري، وخاصة لو كان هذا الحدث غير أخلاقي مثل التحرش بفتاة أو ضرب أو حتى سباب بين مجموعة من الأفراد.
ومرتين رأيت حادثتي تحرش بفتيات، وتدخلت لنجدتهن، ولكن الضيق الذي أشعر به بعد ذلك شديد ويستمر لعدة أيام، ويشتد الاكتئاب خاصة في فترة الليل، وبدأت الدنيا تسود في عيني تماماً، وأشعر أن لا سعادة في الدنيا.
وكنت آخد دواء موتيفال كمهدئ، ولكن نتيجته ضعيفة، وحاولت اللجوء للحشيش المخدر ليجعلني أخرج من هذه الحالة، ولكن قبل البدء في تعاطيه رفضته بشدة لأني أحتقر من يتعاطون.

طبعاً: هذا جعلني أمتنع عن الزواج حتى لا أنجب أطفالاً يأتون إلى هذه الدنيا التي أرفضها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الفاضل: أنت رجل صاحب قيم وخلق إسلامي قويم بإذن الله تعالى، فأنت تغضب لما يُغضب الله تعالى مثل التحرش بالفتيات، وعليه يا أخي جدير بك أن ترفض أو حتى لا تفكر في الحشيش مطلقاً؛ لأن في ذلك انتهاك لحرمات الله، فهو مضيعة للدين والعقل والمال والصحة.

أيها الأخ الكريم: من الواضح أن شخصيتك تحمل سمات الانفعال وسرعة الإثارة والغضب، وهذه يا أخي يمكن للإنسان أن يتخلص منها بالصبر والتعبير عن الذات، وذلك بأن تبدي وجهة نظرك أول بأول، خاصة فيما لا يرضيك، فالتفريغ عن النفس يعتبر صمام أمان ضد القلق والغضب والتوتر، وبالنسبة للغضب عليك أيضاً أن تلتزم بما أتى في السنة المطهرة بأن تتوضأ وتستغفر الله وتغير مكانك وتصلي ركعتين، هذا إن شاء الله يا أخي يجعلك مؤهلا للتحكم في طاقات الغضب.

عليك أيضاً بأن تمارس الرياضة؛ حيث أنها تؤدي إلى الاسترخاء وامتصاص طاقات الغضب والقلق.

لا شك أن الصحبة الطيبة أيضاً تشعر الإنسان بالطمأنينة؛ لأن القدوة الحسنة تتيح للإنسان التخلص من عيوبه، وبناء المقدرة على التحاور الفعال والتمسك بمكارم الأخلاق.

بالنسبة للعلاج الدوائي الـ (موتيفال) يعتبر من الأدوية الجيدة، ولكنه ضعيف الفعالية في بعض الأحيان، ولذا أنصحك بتناول علاج آخر يعرف باسم (توفرانيل)، وجرعته هي 25 ملغم صباحاً ومساء لمدة 3 أشهر بعدها خفض الجرعة إلى 25 ملغم مساءً لمدة شهر، ثم توقف عنه، هذا الدواء من الأدوية الجيدة لعلاج الغضب والعصبية، ويتميز بأنه سليم وغير باهظ التكلفة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء.

د/ محمد عبد العليم
=======================

ولإتمام الفائدة تم تحويل سؤالك على المستشار الشرعي الشيخ / أحمد الفرجابي، وأفاد بالتالي:

فإن علاج الخلل والفساد ونهي الأشقياء عن التعرض للبنات والأولاد لا يكون إلا بقوة أهل الخير وكثرتهم في البلاد، والطريق إلى ذلك إنما يكون بإنجاب الصالحين للأولاد، وبدعوة الغافلين للرجوع إلى رب العباد، ومرحباً بك في موقعك بين آباء وإخوان يتمنون لك السعادة في الدنيا والفلاح يوم يقوم الناس لرب العباد.

لقد أحسن الدكتور / محمد في إجابته ونسأل الله أن ينفعك بنصحه.

وكم أنا سعيد لرفضك للدخول في أعمال المخدرات والضياع، وأرجو أن تدرك أنه لا يمكن علاجنا في أمر حرمه الله علينا، وواهم من ظن أنها تعالج الهموم، لكنها يقيناً تجلب الحسرات والهموم، وتبعد عن طاعة الحي القيوم، ويفقد صاحبها الغيرة على عرضه، وتحرم الأسرة من الراحة والنوم.

ولست أدري هل لديك وظيفة تعمل فيها؟ ولماذا لا تشغل نفسك بالهوايات النافعة؛ لأن عدم وجود عمل يجلب السأم والملل، وعليك أن تجتهد في تلاوة كتاب الله وذكره وشكره واللجوء إليه، فإنه لا يهدي لأحسن الأخلاق ولا يصرف سيئها إلا هو سبحانه.

ولا شك أن خير الناس أنفعهم للناس، وأفضل الناس من كان فيه مروءة ونجدة ورجولة وعقل، وأنت بحول الله وقوته – من هؤلاء فلا تضعف ولا تنهزم، فإن لتصرفاتك آثارها الطيبة على الشباب والفتيات، وأرجو أن تكمل معروفك بتوجيه نصح لطيف للجميع مع ضرورة تجنب الملل، فإن داعية الخير كالمصباح، والمصباح لا يقول: ما بال الدنيا مظلمة؟ ولكن حسب المصباح أن يقول: ها أنذا مضيء؛ ولأن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام، فلا تعط الأمور أكبر من حجمها، وتذكر أن الله قال لنبيه: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر)، وقال سبحانه: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى)، وقال: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ)، وقال سبحانه: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)، بل قال سبحانه: ((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ).

فإذا أديت ما عليك فلا تغتم، ولا تحمل نفسك ما لا تطيق، وأكثر من اللجوء إلى الله والاستعانة به، كما أرجو أن تكون حكيماً في نصحك، وعليك بمراعاة الأنظمة الموجودة، ولا تتدخل في مشكلة إلا إذا علمت أن دخولك لا يترتب عليه ما هو أكبر منه، ومن أمر بمعروف فلا بد أن يكون بمعروف، ومن نهى عن منكر فلا بد أن يكون نهيه عن المنكر بلا منكر.

أرجو أن تقصد بكل ذلك وجه الله، واعلم بأنك مأجور في كل الأحوال إذا قصدت وجه ربك ذي الجلال والإكرام.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بضرورة حصر كل مشكلة في إطارها الزماني والمكاني، ولا تذهب إلى أماكن الغفلات، وابحث عن أصل الصلاح وأماكن وجودهم، فإنهم عون لك على الخير، وانظر إلى الدنيا بأمل جديد وبثقة في الله المجيد، واعلم أن الدنيا هي مزرعتنا للآخرة، وأن خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وأنك لا تزال بخير ما نويت وعملت الخير، وإذا شعرت بضيق الصدر فعليك بما جاء في قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ)، فما هو العلاج؟ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ).

وتذكر أن علاج الغم في قوله: (أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، وهي ليست له خاصة ولذلك قال: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، والغم حزن وضيق لا يعرف له الإنسان سبب.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً