الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف من الأم المتصفة بالخصال الذميمة

السؤال

السلام عليكم.

والدتي حفظها الله فيها الكثير من الخصال الذميمة، مثل الكذب والغلظة، وأشعر في قلبي بعدم الحب لها، وأنا لا أزورها في البيت إلا قليلاً مخافة الاختلاف معها، فما حكم عملي هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Asad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن اتصاف والدتك بالكذب والغلظة لا يبرر لك التقصير في حقها، وأرجو أن تجتهد في نصحها، وأن تحسن صحبتها وعاملها برفق، واجتهد في برها، وقدم بين يدي نصحك لها صنوفاً من الإحسان، واحتمل غلظتها والتمس لها الأعذار، وإذا لم يحتمل الإنسان من والده أو والدته فعلى من سيصبر بعد ذلك، ومرحباً بك في موقعك بين آباء وإخوان يتمنون لك كل توفيق وسداد.

ولا يخفى على أمثالك أن الله قال في حق الذين يأمران ولدهما بالشرك بالله: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ))[لقمان:15]، ثم قال سبحانه: ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ))[لقمان:15]، فكيف إذا كانت الوالدة تقع في أشياء دون الشرك بالله وهو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله ويفغر ما دون ذلك لمن يشاء؟!

وأرجو أن تجتهد في معرفة أسباب وقوعها في الكذب فإنه إذا عرف السبب بطل العجب، وحاول أن تذكرها بالله وتبين لها جمال الصدق ومنزلة الصادقين والصادقات، وبين لها أن لعنة الله على الكاذبين، وأن رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يبغض من يكذب، وأنه صلى الله ما كان يقبل على الكذاب حتى يعلم أنه أحدث توبة.

أما بالنسبة لغلظتها فالأمر سهل، ونحن نحذرك من مقابلة غلظتها وشدتها بالمثل، وتذكر أن الله سبحانه نهى عن مجرد قول (أف)، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: ما بر أباه من أحد إليه النظر عند الغضب.

ونحن نتمنى أن تجتهد في حبها، والصواب أن تكره مخالفتها لأمر الله وعصيانها له، ولكن الكره لا ينصب عليها وأسوتك في ذلك نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام الذي قال لقومه: ((قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ))[الشعراء:168]، وكما قال أبو الدرداء في الرجل المسيء الذي وجد الناس يضربونه فنهاهم، فقالوا له: إنه فعل كذا وكذا، ألا تكرهه؟! فقال أبو الدرداء: بل إني أحبه ولكن أكره ما فعل، فإن تركه كان أخي فبكى الرجل وتتبع أبا الدرداء ومات وقد حسنت توبته.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة الدعاء لها والرفق بها والإحسان إليها، ثم بدعوتها إلى الله.
ونسأل الله لها الهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً