الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تدني المستوى الدراسي ليس له علاقة بالدين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا طالبة في الخارج، ومتزوجة ولله الحمد، وقد بدأت الدراسة منذ عام تقريباً، ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أتحصل إلا على العلامات الأخيرة في الفصل، حتى أصبحت لا أرفع رأسي أمام الأساتذة والطلاب، ولقد أهنت ديني، والآن مهددة بالطرد إن لم أتحصل على درجات عالية، فماذا أفعل بعد أن خذلت ديني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كريمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن النجاح نعمة تحتاج إلى شكر، والرسوب مصيبة تحتاج إلى صبر، وليس الرسوب نهاية المطاف، وقد تعرض كثير من النابغين إلى نكبات ونكسات ولكنهم ذاقوا بعدها حلاوة النجاح وجعلوها مجرد محطات للصعود في سلم الفلاح، ولولا الفشل لما عرف الناس طعم الفوز، بل طرد بعض العباقرة من الدراسة ولكنهم لم يتوقفوا، وأرجو أن تعلمي أن النبوغ قد يأتي متأخراً، وليس للنجاح دين وليس للفشل مِلّة ينتمي إليها، ولكن كما قيل:
وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألق دلوك في الدلاء.

وأهل الإيمان أقرب للنجاح لمن يؤمن ولمن يفكر؛ لأن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، ولو كانت كذلك ما سقى الكافر منها جرعة ماء، كما أن للنجاح أسباباً أخرى، ومن أهمها ما يلي:

1- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- تنظيم الأوقات.

3- إعطاء الجسم حظه من الراحة وحقه من الطعام.

4- سلامة الصدر وتمني الخير للجميع.

5- تجنب المعاصي والذنوب فإنها تنسي العلم وله شؤمها وآثارها، وقد أحسن من قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور *** ونور الله لا يُهدى لعاصي.

6- فهم الدرس ومراجعة المعلومات.

7- اتخاذ صديقات مجتهدات.

8- معرفة أسباب الرسوب لتفاديها، والمؤمنة لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين.

9- الرضى بقضاء الله وقدره.

10- تجنب اليأس والحرص على تكرار المحاولات، واعلمي أن لكل أجل كتاباً.

11- تقوى الله في السر والعلن.

12- الحرص على فهم السؤال قبل الإجابة.

واعلمي أن الطريق ما يزال مفتوحاً أمامك، ورسوبك ليس له علاقة بخذلان الدين، وإنما خذلان الدين يكون في التفريط فيه وفي ضعف التزام بشرائعه وشعائره، صحيح أن من معك من غير المسلمين في الدراسة قد يقيمون دينك بناء على شخصيتك وتفوقك في دراستك، لكن هذا التقييم ناقص وغير صحيح، فلا تحملي هماً، واستعيني بالله في كل أمورك، واتقيه في عسرك ويسرك، وأدعوك للوقوف طويلاً مع هذه الآيات - وحبذا لو رجعت إلى تفسيرها- ليتضح لك الطريق والهدف:((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا))[الطلاق:2-3]

كما أدعوك للوقوف على الأسباب الحقيقة لتأخرك في علاماتك الدراسية لتلافيها، فقد تكون مثلاً انشغالك الزائد بأمور البيت وحقوق الزوجية مثلاً، والمطلوب هو إعطاء كل ذي حق حقه، لكن مع شيء من الترتيب والاتفاق المسبق بينك وبين زوجك على هذه الأمور، ومن الأسباب أيضاً صعوبة المادة أو عدم اتضاحها، فلا حرج من الاستعانة بالأخوات والصديقات على ذلك، وكما قيل لابد من اللسان السؤول والقلب العقول حتى تدركي هذا العلم، وأعلم أن أمر سؤال الأقران والنظراء يسبب حرجاً لأصحاب النفوس الكريمة - وأنت تسمين كريمة !! فلابد أن تكوني كذلك حكيمة، فتستفيدي من زميلاتك بالأساليب اللطيفة التي لا تسبب لك حرجاً.

نسأل الله أن يعينك ويثبتك على دينه وأن يردك إلى الحق ردا جميلاً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً