الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر اللغة على التفاهم والتعامل مع الآخرين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد:

أنا على يقين وإيمان وقناعة تامة على أن ديننا الحنيف الكامل أتى لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور بمشيئة الله جل وعلا، لكن من الملاحظ والظاهر للعيان أن بعض العرب المسلمين سامحهم الله تعالى يجعلون من هذا الدين الحنيف الذي يعترف بجميع الألوان والألسنة والأجناس بحيث لا يفرق بينهم إلا بالتقوى، ومن حيث مخافة الله تعالى، يجعلون منه كأنه أتى لتعريب البشر، وطمس هوياتهم ومحو لغاتهم وحضاراتهم، كما وقع ويقع في بلدان شمال أفريقيا وباقي البلدان الإفريقية.
نعم، أنا مسلم أباً عن جد -والحمد لله- الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحانه.
سؤالي كالتالي: هل يرضى عربي أن ينسى أصله ولغته التي ميزه الله بها لحكمة ما؟
ولكم جزيل الشكر، حفظكم الله ورعاكم بنصره وعزته، والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق، وأن يزيل ما لديك من شبهة ولبس.

بخصوص ما ورد برسالتك، أخي الكريم (ماسين) فأنا معك ومن أعماق قلبي أحمد الله فعلاً أن جعلنا من المسلمين، وأن أكرمنا باتباع نبينا محمد سيد الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين، وكما قال سفيان بن عيينة أحد علماء السلف الكبار: (ما أنعم الله على عبد من العباد بنعمة أفضل من معرفة لا إله إلا الله) فحقاً أن نعمة الإسلام أعظم نعمة، وأما قضية اللغة العربية التي ذكرتها في رسالتك المباركة فالحق أن الله هو الذي تخيرها لينزل بها كتابه المنزل على نبيه، والعرب لا دخل لهم في هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، وبما أن الإسلام دين عالمي يتخلف عن غيره من الشرائع السابقة، كان من اللازم لفهم كلام الله الذي هو دستور المسلمين جميعاً على مشارق الأرض ومغاربها أن يتعلموا اللغة التي أنزل بها القرآن الكريم حتى يسهل عليهم فهم كلام الله وتطبيقه، وفوق ذلك فإن الإسلام لم يحارب لغات الشعوب مطلقاً لأنه يعلم أن لكل مجتمع لغاته وعاداته وتقاليده، فهذا أمر آخر أقر الإسلام المتابعة عليه بشرط إلا يتعارض مع الدين أو مسلمة من مسلماته أو سنة من سننه، فالأمر فيه سعة، ولقد ثبت من الواقع أن المسلم كلما كان على إلمام باللغة كلما كان أقدر على فهم كلامها.

هذا ليس شأن العربي فقط، بل جميع اللغات، كلما كنت متقناً لها كلما كان من السهل عليك التعامل معها وفهم قضاياها والتفاهم مع الناطقين بها، واللغة العربية بالإسلام أصبحت لغة عالمية ولا دخل للعرب في ذلك مطلقاً؛ لأنك في صلاتك مطالب أن تنطق بالعربية، وفي خطبة الجمعة وغيرها وفي قراءتك للقرآن، وعليك أخي الحبيب إذا لم تكن متقناً لها أن تجتهد في تعلمها حتى يقوي إيمانك ويثبتك يقينك وتتشرب الإسلام حقاً، أما الشعوب التي لا تحسن العربية فأنظر إلى حالها اليوم، وأتمنى أن تطلع على أحوال هذه الشعوب لتعرف مدى الخسارة التي تحققت بسبب عدم معرفتهم باللغة العربية، وكم كان سيتحقق من المكاسب لو كانوا ناطقين بها، قطعاً سيكونون أكثر التزاماً وفهماً وتطبيقاً وعرضاً ودفاعاً عن الإسلام، أما الآن فإن دورهم محدود جداً لعدم قدرتهم على التعامل المباشر مع نصوص القرآن والسنة، وفوق ذلك فهي لغة حبيبك صلى الله عليه وسلم، وكذلك هي لغة أهل الجنة كما وردت بذلك الأحاديث.

العربية لغة دينك أخي الحبيب وليست فرضاً لجنس أو للغتهم على غيرهم أبداً، وإنما هي لغة تربطك بكتاب مولاك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتعلمك لها يزيدك قوة في فهم دينك، وحسن تطبيقه، بل والدعوة إليه، ولا تشغل بالك ببعض التصرفات غير المسئولة، وعليك بنفسك حفظك الله.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات