الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة بطاعة الأم في ترك الزواج ببنت قاتل زوجته وابنه

السؤال

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لي أخ أراد أن يتزوج من فتاة والدها قتل أمها وهي حامل، وأخاها الصغير، وأعدم هو بعد ذلك، والدتي عارضت هذه الزيجة بشدة، وهي غير راضية عنه وتدعو عليه، ولكنه عنيد ولم يقتنع بالتخلي عن هذه الفتاة.

وأنا من شدة خوفي على والدتي التي يصيبها نوع من الصداع عند فتح هذا الموضوع لا أعرف من أناصر؟ علماً بأن والدتي لن ترضى عن هذا الزواج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدر أخيك لطاعة والدتك، وأن يمن عليه بزوجة صالحة تكون عوناً له على طاعته وتعينه على بر والديه.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فكما لا يخفى عليك أن الله -جل جلاله- عظم مقام الوالدين، خاصة الأم حيث أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، ولذلك بين العلماء أن الأم لها ثلثا البر، وأن الأب له الثلث الباقي، وذلك نظراً لما تتحمله من مشقة وتعب لا يتحمله الأب، وجعل الإسلام من البر الحرص على إرضاء الوالدين، ومراعاة مشاعرهما حتى ولو كان تدخلهما فيه نوع من المبالغة، بل لقد طلب عمر رضي الله عنه من ولده أن يطلق زوجته، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأمره أن يطيع والده في طلاقها، فهذا إن دل فإنما يدل على عظم مقام الوالدين، وبما أن أخاك لم يتزوج إلى الآن فالأولى له أن يطيع والدته، وألا يقدم على خطبة هذه الفتاة، وخاصة مع موقف والدها الذي ارتكب مثل هذه الجرائم الخطيرة، فموقف الوالدة طبيعي جداً، وهذا من حقها؛ لأن هذه السيرة السيئة ستظل تلاحق أفراد هذه الأسرة لفترة طويلة من الزمن، بل قد تتعداهم إلى الأجيال اللاحقة، وعليك أن تجتهدي في نصح أخيك أن يقلع عن هذه الفكرة، وأن يصرف النظر عن هذه الفتاة إكراماً لأمه، وأن يعلم أن الله سيكرمه وبلا شك إكراماً لأمه، حاولي قدر استطاعتك، وإن عجزت فلا مانع من الاستعانة ببعض الكبار أو الأصدقاء من الأقارب أو المعارف والمشايخ لإقناعه بذلك، وعليك أن تنصحي أمك بالتوقف عن الدعاء عليه؛ لأنه لا يزيده إلا شقاء وسوءاً، وعرفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدعاء على الأولاد لاحتمال أن يوافق الدعاء ساعة إجابة فيستجيب الله لها، فانصحيها بضرورة التوقف عن الدعاء عليه مهما كان تصرفه، وعليها أن تدعو له بدل الدعاء عليه؛ لأن دعوة الوالد لولده أو عليه لا ترد، فإذا دعت له فلعل الله أن يصلحه وأن يقلع عن هذه الفكرة نهائياً بفضل دعائها له، حاولي معها واصبري عليها واجتهدي في كفها عن الدعاء وفوراً، لأنها لا تعالج الأمر بل تزيده تعقيداً أو صعوبة، وتزيد ولدها بعداً ونفوراً وشقاءً بدعائها عليه، وأنت بدورك أيضاً اجتهدي في نصحه والدعاء له، خاصة في أوقات الإجابة وبظهر الغيب؛ لأن دعاء المسلم بظهر الغيب مستجاب كما ورد في السنة، ولا تتوقفي أنت ولا والدتك عن الدعاء لأخيك قدر استطاعتكم، وإن شاء الله سوف ترون منه ما يسركم.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً