الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لعب الطفل مع البنات دون الأولاد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله، أما بعد:

أنا سيدة لدي طفلان، بنت تبلغ من العمر 6 سنوات، وولد عمره 4 سنوات، مشكلتي مع الولد؛ حيث أنه في البداية تأخر في النطق (بدأ يتكلم في العام الثاني) وكان يقول فقط ماما وبابا، والآن أدخلته قسم التحضيري مبكراً، وقد لاحظت المربية عليه الشرود، ولا يفيق من شروده حتى تأتي إليه، كما لاحظت عليه عدم استيعابه للدرس كالسور القرآنية، إلى جانب أنه لا يتحدث إلى الأولاد، ويحب أن يلعب مع البنات، ويلعب بشعرهن؛ لأنه عندما كان صغيرا كان يحب لمس شعري كي ينام، كما أنه عندما أطلب منه أن يعرض علي ما تعلمه يجيب بالرفض، ويشتمني، وهو كثير الحركة في المنزل عكس المدرسة التي يكون فيها هادئا لا يتكلم إلى أحد، ولا يستمع إلى أحد، عنيد جداً، ولم أستطع تغيير سلوكه والتحكم في تصرفاته.

أنا أخاف عليه كثيراً، ولا أتركه يخرج من المنزل؛ لأنني أقطن في مكان فيه أطفال غير مهذبين، وأتركه مع أخته يلعب معها، وقد أدخلته التحضيري ليختلط مع الأولاد، لكنه لا يزال يلعب مع البنات، أنا لا أمنعه من شيء، أعطيته حرية التصرف، لا أحب ضربه، ولا أمنعه من رؤية التلفاز، ما يقلقني هو تصرفه هذا، فهو لا يخاف من أحد مطلقاً حتى والده، أطلب منه أن يدرس يصرخ ويشتمني، فماذا أفعل معه؟ وكيف أتصرف معه؟ أنا حائرة!

أريد النصيحة.
كيف أتعامل معه وأحسن سلوكه وأنمي قدرته على التركيز؟ كذلك أريده أن يهتم بالدراسة ويحبها، ويستمع لوالديه.

أرجو أن ترشدوني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الأوصاف التي وردت في حق هذا الابن - حفظه الله - لا أعتقد أنها تمثل مشكلة كبيرة، ولكن لابد ن نأخذها في الاعتبار.

بالنسبة للنطق وتأخر الكلام، أنا لا أعتقد أن هنالك تأخر حقيقة في الكلام بالنسبة لهذا الطفل؛ لأنه بدأ ينطق كلمات معقولة منذ عمر الثالثة، ويعرف تماماً أن المقدرة على النطق والتخاطب ربما تتأخر لدى بعض الأولاد مقارنة مع البنات، وأنتِ بالطبع يكون لديك ميول لدى مقارنته بأخته، والبنات دائماً أكثر فصاحة ومقدرة، وتكون لديهم ملكة الكلام متطورة منذ عمر مبكر، ومهما كانت العلة الكلامية فسوف تتحسن وتتطور بالإكثار من مخاطبته، والاستفادة من الألعاب، واللعبة تعتبر وسيلة تعليمية ممتازة، وأتاحت الفرصة له للاختلاط مع الأطفال الآخرين وإن كان لديك بعض المحاذير.

بالنسبة لكثرة حركته في المنزل، وهدوئه في المدرسة، فهذا لا يدل على أن هذا الطفل يُعاني من داء فرط الحركة أو زائدة الحركة، والذي غالب هو متصل بضعف في التركيز؛ لأن علة فرط الحركة تكون في جميع الأماكن، وفي جميع الأزمان، ولا تتقيد بموقف معين، وما دام هذا الطفل - حفظه الله - هادئا في المدرسة فهذا يعني أنه ربما يكون تعود على نمط معين في البيت، بمعنى أنه قد عومل معاملة فيها الكثير من اللين والرأفة، وهذا بالطبع جعله يستفيد من هذا الموقف، ويرفض التوجيهات التي تقدم له، وكثرة الحركة هي دليل على شيء من العصبية، والطفل حين يكثر من الحركة يجعل من ذلك وسيلة من التعبير بالنسبة للأشياء التي لا يقدر أن يعبر عنها بالمخاطبة.

المطلوب أولاً هو تحسين لغة الطفل، وأنت ذكرتِ أن الطفل يصرخ ويشتم، والطفل في هذا العمر لا يستوعب الألفاظ غير السوية إلا إذا كان قد تعلمها من مصدر ما، يجب أن يدرب الطفل ويوجه، ونكرر له الكلمات الطيبة مع ابتسامة وتحفيز وتشجيع، هذا - إن شاء الله - سوف يساعده في التخاطب، وسوف تتحسن الكلمات لديه، وكذلك الأسلوب.

المبدأ العام بالطبع هو مبدأ التحفيز، نحن لا نميل كثيراً للترهيب في هذه السن، الطفل يجب أن يحفز وذلك بالكلام والتشجيع والهدايا، وأن يشعر بأهميته، وفي ذات الوقت أرجو أن تتجاهلي تصرفاته السلبية؛ لأن كثرة الانتقاد نتقص من استيعاب الطفل، وتجعله يصر على السلوك السلبي.

أرجو أن تتحملي قدر المستطاع تصرفاته السلبية، لا بأس بالطبع من التوجيه البسيط والصبر على سلوكياته السلبية، وبمرور الوقت -إن شاء الله- فسوف تقل هذه التصرفات إلى أن تنتهي تماماً، أنا دائماً حينما يشتكي الآباء والأمهات من الأبناء تأتيني فكرة أن الأبوين ربما يكون أصبح لديهم التحمل قليلاً، نعرف ذلك تماماً، الطفل ربما تكون لديه علة، وهذه العلة ربما لا تكون بالشدة أو الانزعاج الشديد، ولكن ما يزيد من توتر الآباء والأمهات هو عدم المقدرة على التحمل، والذي ينتج غالباً من القلق والتوتر الذي يصيب الآباء والأمهات، إذن الذي أود أن أقوله هو أن هذا الطفل لا زال صغيراً، وحقيقة اختلاطه ببقية الأطفال يعتبر أمراً ضرورياً، وأنت ذكرت ميله للبنات، هذا بالطبع ربما يكون ما تعلمه، وهذا السلوك يمكن أن يغير، وذلك بأن نتيح له الفرص بأن يلعب مع الأولاد بقدر المستطاع، وعموماً نحن لا نتخوف كثيراً قبل الخمس سنوات، وبعد عمر الخمس سنوات من الأفضل للطفل أن يلعب مع جنسه، وأنا أقدر تماماً المخاوف التي تحدث لك فيما يخص تركه مع الأطفال، ولكن هنالك أطفال مهذبون، ولا نقول أن كل الأطفال غير مهذبين، ويمكن في عطلة نهاية الأسبوع أن تزوري بعض الأقرباء أو الأصدقاء الذين لديهم أطفال في مثل عمره أو حتى أخذه للحدائق العامة والحدائق الجيدة.

هنا سوف يجد الفرصة للتفاعل والاختلاط مع الأطفال، خاصةً الذكور، والطفل دائماً يتعلم من الطفل، وهذا أمر ضروري.

بالطبع كما ذكرت لك يمكنك أن تستفيدي من الألعاب، اللعبة وسيلة تعليمية ممتازة جداً، وهذا الابن - حفظ الله - يمكن أن تتاح له فرصة بالألعاب ذات الطابع الذكوري، الألعاب التي تناسب الأولاد، وهذا - إن شاء الله - سوف يغير من توجهه، ويزيد تفاعله مع الأولاد .

بقي شيء واحد أود أن أذكره، وهو أنه لم تأتني شكوك حقيقة في مستوى الذكاء لدى هذا الابن - حفظه الله - ولكن سيكون من المفيد لو ذهبتم إلى الأخصائي النفسي؛ وذلك لقياس مستوى الذكاء لديه؛ لأنه في بعض الحالات القليلة العناد الشديد من جانب الطفل، وعدم الاستيعاب بصورة جيدة، وكذلك كثرة الحركة والشرود الذهني ربما تكون مرتبطة في بعض الأحيان بضعف في المقدرات المعرفية، ومستوى الذكاء.

أرجو أن لا تنزعجي لذلك تماماً، هذا مجرد أمر قمت بذكره؛ وذلك من أجل اكتمال الصورة الإرشادية بالنسبة لسؤالك.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا ماجد السيد

    جزاك الله خيرا دكتور

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً