الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إنكار المنكر في وسائل المواصلات العامة أو في الشارع وضوابطه

السؤال

أحياناً وأنا في (مترو الأنفاق) أجد شباباً يصعدون (المترو) مع بنات، وأحياناً يفعلون ما لا يليق وبغير حياء أمام الجميع، هل فقط عليَّ أن أغض بصري، وأنكر بقلبي أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق يوفقك للخير.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإن الحق تبارك وتعالى جعل خيرية هذه الأمة في دورها الإيجابي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث قال جل شأنه: (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ))[آل عمران:110].

هذا هو سبب خيرية هذه الأمة وفضلها وعلو منزلتها؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هو صيانة للأمة من داخلها، فهو نوع من أنواع الجهاد المستمر والدائم إلى يوم القيامة، ولقد جعله الله أيضاً من عوامل نجاة الأمة وعدم هلاكها، حيث ضمن لخلقه جل شأنه ألا يهلك الأمة وأهلها مصلحون، في حين أنه لم يضمن لها ذلك إذا كان أهلها فقط صالحون، فلابد لنا جميعاً من القيام بهذه العبادة العظيمة حتى لا نهلك جميعاً، وحالنا في الدنيا كحال ركاب السفينة الذين تحدث عنهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث بين أن بقية الركاب لو تركوا هؤلاء العابثين وما أرادوا لهلك جميع الركاب وإن أخذوا على أيديهم ومنعوهم لنجوا جميعاً.
إلا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بما أنه عبادة من العبادات وقربة من القربات- لابد له من أركان وشروط وواجبات، ومن أهم هذه الأمور معرفة هل هذا الأمر الذي أنكره منكراً شرعاً أم لا؟

ثانياً: هل سيؤدي إنكار هذا المنكر إلى منكر أكبر منه وأشد أم لا؟

ثالثاً: هل لدي القدرة على تغييره أم لا؟

إذا توازنت مثل هذه الشروط لزمك ولزم الجميع الأمر والنهي، وعليه فإذا كان إنكارك لهذا المنكر لن يؤدي إلى منكر أشد منه فلا مانع من الإنكار، ولتعلم أن الإنكار له مراتب ثلاث لابد من أن تستخدمها مرتبة ووفق ضوابط الشرع، فليس من المعقول مثلاً أن تستخدم يدك في إنكار منكر عام خاصة مع شاب أو مجموعة لأنه خلاف الشرع، وقد يؤدي إلى قتلك أو ضربك ضرباً شديداً ومبرحاً وقد يحدث لك عاهة أو يفسد عليك عضواً مثلاً، فالمنكر العام إنكار باليد لولي الأمر المسلم، وأما أنا وأنت فدورنا في المرتبة الثانية وهي الحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة إذا رأيت أن هذا سيؤدي إلى الفرض المطلوب وهو إيقاف المنكر، فإذا كان هناك فرصة مثلاً لأن تكلم هذا الشاب إذا كان وحده أو أن تأخذ أحد الشباب بعيداً عن البقية إذا توسمت فيه خيراً وتكلمه لعله يتوقف أو يوقف من معه فهذا شيء رائع لأنك لو كلمتهم وهم مجموعة فقد يؤدي ذلك إلى منكر أكبر منه وأشد، فانظر في الحالة التي أمامك وما يصلح في موقف قد لا يصلح في موقف آخر، وإذا لم تستطع أو لم تر في نفسك القدرة على الكلام معهم أو رأيت أنهم لن يقبلوا منك وقد يضربونك فعليك بالإنكار بالدرجة أو المرتبة الثالثة وهي الإنكار بالقلب والذي يكون منه الانصراف والابتعاد عن هذا المكان الذي هم فيه، أو النزول من (المترو) وركوب آخر، وهذه كلها ملازمة للإنكار بالقلب، وأن يبدو عليك الانزعاج وعدم الراحة والحزن لما يحدث، وأن تقول ولو في نفسك: (اللهم إن هذا منكر لا يرضيك ولا يرضيني ) ولا مانع أن تدعو لهم بالهداية والصلاح فقد تكون لحظة إجابة فيكرمهم الله بدعوتك.

والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات