الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب النفسي ومشكلاته النفسية والجسدية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحالة:
انا شاب عمري (28) عاماً، لم أكن أعاني من أية أعراض منذ طفولتي وحتى المراهقة، وكنت ذو شخصية متزنة واجتماعية حتى تخرجي من الثانوية العامة، حيث كنت أطمح إلى مجموع عالٍ، وكنت خائفاً جداً من عدم تحقيق ذلك مما ولد عندي ضغوطاً نفسية شديدة في هذه السنة لدرجة أنني كنت أفقد التركيز عند المذاكرة مما زاد لدي درجة الخوف والتوتر، وقد أثرت على تحصيلي الدراسي حتى ظهرت نتيجة الامتحان، ولكن ليست كما كنت أرجو حيث لم أحصل على المجموع الذي كنت أطمح إليه، فأصبت بإحباط شديد، وحزن عارم لم أشهده من قبل، فشعرت بأنني بدأت أفقد السيطرة على أعصابي، وأحسست بألم خلف رأسي، وكانت هذه بداية معاناتي، فقدت تركيزي واستيعابي للأمور، وثقتي بنفسي، وتغيرت شخصيتي نحو الانطوائية والشعور بالدونية، وخوفي من التعامل مع الآخرين، أو التواصل معهم بسبب شدة ارتباكي وتوتري، وخوفي من ملاحظة من حولي لهذا التغيير، فقد أصبحت واضحة في شخصيتي مما زاد من شدة آلامي وحزني وانعزالي عن الآخرين مع شعوري بالضيق والحزن الدائمين، ولم أعد أشعر بأي شيء من مباهج الحياة حولي، وصرت أشعر بشكل دائم بهذه الأعراض: اكتئاب وتوتر وقلق، وخمول وكسل وانطواء، وكثرة النوم، وتعب جسدي مستمر، وقلة تركيز وأرق، وكنت أبكي كثيراً وأتمنى الموت لسوء حالتي، واستمريت على هذه الحال مدة (10) سنوات بدون علاج بسبب قلة الوعي بالطب النفسي، وازدادت حالتي سوءاً، فكنت عندما أحزن بشدة -مثال ذلك: عندما فسخت خطبتي- تنتابني حالة مخيفة من الشعور بالاختناق واللهاث وتسارع في نبضات القلب، وعدم قدرتي على الوقوف أو الجلوس وحيداً، مع البكاء والشعور بالاحتضار من شدة الضيق، ثم ذهبت إلى طبيب أعصاب فوصف لي بروزياك (20) مل حبة واحدة يومياً، وانديرال (10) مل حبتين يومياً، ولكن لم تعط نتيجة ملحوظة، فضاعف جرعة البروزياك إلى حبتين يومياً، حيث أعطت تحسناً ملحوظاً فاستمريت على هذه الجرعة مدة سنة كاملة، ووصف لي عندها مجموعة مركبات فيتامينات (B1+B6+B12) لمدة شهر ونصف.
ثم أرشدني أحد الأطباء إلى دواء (Wellbutrin xl 150) مل حبة واحدة يومياً، وهو مطور عن البروزياك، وله تأثير أقوى وغير موجود سوى في أمريكا؛ لأنه يساعد على ترك التدخين، وشركات التبغ تسعى لعدم تسويقه عالمياً، فتعالجت بهذا الدواء لمدة ستة شهور مع جرعة الأنديرال ووجدت فيه فائدة وتحسن أكثر من البروزياك، ولكنني إلى الآن أشعر بنفس الأعراض السابقة، ولكن بنسبة أقل من السابق عدا الكسل والخمول وكثرة النوم حيث أنني إلى الآن أشعر بتعب دائم وعدم القدرة على الحركة.

أشعر أيضا بضيق عند إرادتي للحركة في المنطقة بين أعلى الصدر وأعلى البطن وفي الرأس مع كثرة النوم، حتى أنه سبب لي مشاكل في العمل، وضغط نفسي كبير بسبب غيابي وقلة نشاطي، حتى أنني لا أذهب إلى عملي مع بقائي مستيقظاً بسبب خمولي الشديد وانعدام نشاطي، وقد أخبرني الطبيب أن أقصى مدة مفترضة للعلاج بهذا الدواء هو ستة شهور، ولا يوجد داعي لتعاطيه لأكثر من هذه المدة، وأن الأعراض الموجودة تزول مع الوقت، وأرشدني لاستخدام فيتامينات B بشكل دائم، وعدم العودة للبروزياك؛ لأن هذا الدواء الجديد قد أعطى مفعول البروزياك مع الاستمرار بأخذ الأنديرال.
فما هو علاجي من هذه الحالة وجميع الأعراض، حيث أنني الآن منقطع عن العمل لهذا السبب، ومتضايق بشكل كبير، بالإضافة إلى أن حفلة زفافي بعد أربعة شهور، وأنا في حيرة من أمري بين الاستمرار بالعلاج أو تركه؛ بسبب خوفي من كون سبب خمولي هو هذه الأدوية أو أحدها.
وهل صحيح بأن الويلبوترين أفضل من البروزاك، وأصبح الآن هو العقار الشائع في أمريكا بعد أن كان البروزاك؟ حيث أن الويلبوترين مثبط للناقلات العصبية الدوبامين والنوربينفرين، أما البروزاك فهو مثبط السيروتونين، وهل يوجد دواء بنفس مفعول الويلبوترين بديلاً عنه؛ بسبب كلفته الباهظة، وصعوبة الحصول عليه؟

وما هو رأيكم بعقار الزيروكسات، هل هو آمن مثل البروزاك، وليس له أضرار على المدى القريب أو البعيد، حيث أنني إلى الآن أعاني بشكل كبير من الرهاب الاجتماعي، والخوف من الناس، وشدة ارتباكي معهم، وسمعت بأن هذا العقار مفيد جداً لهذه الحالة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.

لا نختلف أبداً بأنك تعاني من اكتئاب نفسي متوسط الدرجة، ولكن ليست هذه هي المشكلة في نظري إنما المشكلة الأساسية هي أحكامك السالبة على نفسك، والفكر التشاؤمي الذي انتهجته، وعدم إعطائك الفرصة لنفسك لتدخل على ذاتك مزاج التحسن والإصرار على هزيمة الاكتئاب والخروج من دائرته!
والذي أراه هو أن تسعى الآن لذلك، انظر كم أشياء جميلة في حياتك، وحاول أن تتذكرها وأن تطورها، وابتعد عن مساومة النفس خاصة في إدارة الوقت، وعدم الاستسلام للتكاسل والتقاعس، ولابد أن تشعر بالقيمة الحقيقية للأشياء، قيمة الحياة، قيمة العمل، قيمة الانفعالية الإنسانية، قيمة العبادة... وهكذا.

من مشاكلك وصعوباتك هو الشعور بالكسل وقلة النشاط، وهذه يا أخي تعالج بشيء بسيط جداً وهو ممارسة الرياضة بإصرار والتزام، وسوف تحس بقيمتها حين تداوم عليها، وكم سترى أن صحتك النفسية قد تحسنت.

بالنسبة للعلاج الدوائي أخي كل هذه الأدوية متشابهة ومتقاربة بدرجة كبيرة، ودواء الولبيوترين الذي ذكرته موجود في كثير من الدول، وهو يستعمل في مصر منذ أكثر من (10) سنوات، وهو دواء جيد جداً للمساعدة في إيقاف التدخين كما ذكرت، ويأتي تحت اسم تجاري آخر يعرف (Zyban)، أما بالنسبة لفعاليته في الاكتئاب فهي مشهودة، ولكن لا نستطيع أن نقول: إنه أفضل من البروزاك، إنما الأمر هو أمر نسبي، ولكل إنسان الدواء الذي يناسبه، وبالطبع حسب حالته. يتميز الولبيترين بأنه لا يزيد الوزن، ولا يؤدي إلى النعاس، كما أنه لا يؤثر مطلقاً بصورة سلبية على المعاشرة الزوجية، وهو يعمل كما ذكرت على أكثر من موصل عصبي.

لا أعتقد أن فترة (6) أشهر للاستمرار على الدواء كافية في مثل حالتك مع احترامي لرأي الطبيب.

عموماً إذا أردت أن تغير الدواء فبرغم من أن الزيروكسات دواء فعال جداً لعلاج الخوف والرهاب إلا أنه قد لا يناسبك؛ لأنه كثيراً ما يؤدي إلى الشعور بالاسترخاء الزائد والنوم، وبما أنك مقدم على الزواج فهنالك دراسات تشير إلى أنه ربما يقلل نسبياً من الرغبة الجنسية، فأرى أن أفضل دواء لك هو عقار (مكلوبمايد) لأنه ممتاز جداً في علاج الخوف والاكتئاب، ويزيد من الحيوية والنشاط الجسدي، كما أنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن أو تأثيرات جنسية سلبية، وجرعته وهي (150) مليجرام ثلاث مرات في اليوم، ولابد أن تتناوله لمدة عام على الأقل.

ربما تكون هنالك إشكالية فيما يخص سعر هذا الدواء فهو متوسطة التكلفة، وإن لم يتيسر لك أو لم تستطع الحصول عليه نسبة لتكلفته فسيكون البديل أمامك هو عقار (توفرانيل) بالرغم من أنه دواء قديم ولكنه فعال جداً، ولا يؤدي إلى شعور بالخمول أو الكسل، وجرعه البداية هي (25) مليجرام في اليوم ترفع كل أسبوعين بمعدل (25) مليجرام أيضاً حتى تصل إلى (200) مليجرام في اليوم، وتستمر على هذه الجرعه لمدة عام، ثم بعد ذلك تخفض الجرعه بمعدل (25) مليجرام كل شهرين.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً