الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتئاب وقلق شديد وخوف أثناء قيادة السيارة وركوب الطائرة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعاني من الخوف أثناء قيادة السيارة وركوب الطائرة، ولدي اكتئاب وقلق شديد، وأستعمل الأدوية التالية:

1- بروزاك حبتين يومياً.
2- نصف حبة روميرون ليلاً للنوم.
3- حبة سيروكسات طويل المفعول.
4- حبتين دوقملتيل 50 ملجم يومياً.
5- ثلاث حبات نيورنتين 300 ملجم.

وأريد أن أمارس العلاج السلوكي إضافة للدواء، فهل يمكن لسعادتكم التكرم وإيضاح خطوات العلاج السلوكي المناسب لحالتي؟
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالعلاج السلوكي هنالك عدة طرق وعدة مدارس، وهو يقوم على أن الخوف في مثل حالتك هو أمر مكتسب، بمعنى أنه ليس فطرياً وليس شيئاً ولد مع الإنسان، فربما الإنسان مستعد له ولكنه أمر مكتسب، ومنطق الأشياء يقول: إن الشيء المكتسب يمكن أن يُفقد، وأهم طريقة للعلاج السلوكي هو أولاً أن يجري الإنسان حواراً هادئاً ومنطقياً مع نفسه، بمعنى أن يقول: لماذا يقود الناس السيارات بلا خوف وأنا أخاف؟ الطائرات يركبها آلاف بل ملايين الناس دون أي مشكلة، وحتى حوادثها أقل من حوادث السيارات، فلماذا أخاف أنا، لماذا لا أكون متوكلاً وأقرأ دعاء الركوب فهذا يبعث فيَّ الطمأنينة ولن يحدث لي -إن شاء الله- أي مكروه، ولماذا لا أتذكر أن هذه السيارة هي نعمة من نعم الله علينا وكذلك الطائرة.

إذن نوعية هذا الحوار يعتبر حواراً سلوكياً مهماً، وهذا يوصل الإنسان إلى قناعة من خلالها يحقر الخوف ويقلل من درجته.

الخطوة الثانية في العلاج السلوكي هي ألا تتجنب مصدر الخوف، بل أن تواجهه، فعلى سبيل المثال بالنسبة لقيادة السيارة عليك أن تقرأ عن السيارات، وهذا يسمى العلاج بالتعرض (أن تعرض نفسك لمصدر الخوف)، اقرأ عن السيارات، انظر إلى السيارات، زد معلوماتك عن السيارات، كيف تعمل هذه السيارة.. هذه طريقة غير مباشرة لتقليل الخوف، ثم بعد ذلك يمكنك أن تجلس يومياً على مقعد القيادة لمدة عشرة دقائق دون أن تقود السيارة، وبعد ذلك تأتي مرة أخرى وتقود السيارة، وقل: سوف أقودها لمسافة قصيرة ثم أتوقف، ثم أقودها لمسافة أطول.

هذا يسمى بالتعرض التدريجي، أن تعرض نفسك لمصدر خوفك وأنت في نفس الوقت تفكر وتحقر فكرة الخوف ذاته.. هذا - يا أخي - مهم جدّاً.

بالنسبة للخوف من ركوب الطائرة، فيمكن أن نتخلص بأن نبدأ رحلة السفر من بدايتها، فحين يفكر الإنسان في السفر لابد أن يقوم بالحجز، ولابد أن يراجع مكتب التذاكر، ولابد أن يعد نفسه من ناحية الأموال، من ناحية أهله وهكذا، عش هذه الرحلة بكل تفاصيلها وكرر ذلك أكثر من مرة، وبعض الناس ننصحهم بأن يذهب إلى المطار ويشاهد الطائرات وهي تقلع وتهبط وهكذا، هذا أيضاً نوع من التعرض، أن تتعرض لمصدر الخوف، فإذا طبقه الإنسان بصورة صحيحة فسوف يستفيد كثيراً.

هذه تقريباً التمارين المهمة، ولكن بالطبع تتطلب أن يكررها الإنسان، لا يستطيع الإنسان من جلسة أو جلستين أو ثلاثة أن يتخلص من الخوف، الشيء الطبيعي أن يرتفع معدل الخوف حين يعرض الإنسان نفسه لمصدر الخوف، بعد ذلك يصل الخوف إلى مستوى من الاستواء ولا يزيد، ثم بعد ذلك يبدأ في الانخفاض.

يقال: إن الإنسان محتاج من 15 إلى 20 جلسة نفسية من الذي ذكرته حتى يتخلص من مصادر خوفه.

هذه تقريباً هي الخطوات العلاجية السلوكية باختصار، وبالطبع سيكون من الأفيد تماماً أن تذهب إلى أحد الأخصائيين النفسيين، وليس طبيباً نفسياً، الأخصائيون النفسيون مجيدون جدّاً لهذه العلاجات؛ لأن الإنسان أيضاً يحتاج إلى قدوة، ففي كثير من الحالات نحن نطلب من المعالج النفسي أن يذهب مع المريض، إذا كان على سبيل المثال يخاف من ركوب المصعد، فكثيراً أطلب من المعالج أن يذهب مرة أو مرتين مع المريض، وهذا يجعله يطمئن كثيراً، ثم بعد ذلك يدخل المريض وحده ويتركه المعالج وينتظره في مكان معين وهكذا، هذا يسمى العلاج عن طريق القدوة وهو أيضاً فعال جدّاً، فأرجو أن تصل إلى أحد الأخصائيين النفسيين لأن ذلك سوف يكون أكثر نفعاً لك.

الأدوية الجيدة تفيد كثيراً، ولكن يلاحظ أنك تتناول كمية كبيرة من الأدوية، فربما يكون في رأي الزيروكسات كافياً مع نصف حبة من الريمانون، فهذا ربما يكون كافياً جدّاً إلا إذا نصحك الطبيب بأن تتناول الدوجماتيل والنيرنتين، فهذا أمر آخر، وبالطبع ربما يكون للطبيب وجهة نظره.

هنالك دراسات الآن تشير أن السبراليكس ربما يكون دواء جيداً لعلاج المخاوف من هذا النوع، وهنالك دراسات أيضاً تقول أن (المكلوباميت) أيضاً دواء جيد ولكنه لابد أن يتناوله الإنسان وحده.

عموماً هذه مجرد وجهة نظر، فهذه الأدوية قد تفيد البعض وقد لا تفيد البعض، وفعاليتها تختلف من إنسان إلى آخر، ولكن يعرف تماماً أن الجمع بين العلاج السلوكي وتقوية الإرادة، وتناول الدواء - إن شاء الله - تساعد كثيراً في زوال مثل هذه المخاوف.

وبالله التوفيق.
---------------------------
انتهت إجابة المستشار ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول علاج الاكتئاب سلوكياً : ( 237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 )، والقلق: (261371 - 263666 - 264992 - 265121 ) والمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121).

وفقك الله لكل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً