الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعثر في الكلام بعد الحديث بطلاقة عند الطفلة

السؤال

ابنتي محبة عمرها سنتان وخمسة أشهر، حالتها الصحية الظاهرة جيدة، توفي والدها قبل ولادتها بخمسة أيام، ونعيش أنا وهي في بيت أبي، ونحيطها جميعاً بالحب ونغمرها بكامل العطف والحنان.

منذ ما يقارب ثمانية أشهر وجدت أن محبة قد أنعم الله عليها بملكة الحفظ، وحفظ القرآن خاصة، فبدأت بتحفيظها ولكني لم أكثفِ لها الكمية، وهي الآن اقتربت على إتمام جزء عم، وقد توقفت منذ ثلاثة أشهر عن تحفيظها بسبب انشغالي بالماجستير، أيضاً لم يعد اهتمامي بها كسابق عهدي معها، فنحن لم نكن لنفترق أبداً، حتى الحمام كانت محبة تلازمني فيه، والآن أنا معها دائماً ولكني أنشغل عنها بالبحث على النت أو المذاكرة، كل ذلك وهي بجواري، ولكن يظهر عليها الضيق فتطلب مني أن أترك مذاكرتي وأذاكر لها في الكتب التي دائماً أحضرها لها أو تطلب مني أن أرسم لها أو أغني، وإذا رأتني جالسة أمام الكمبيوتر تأتي وتغلقه، هذا وقد أتممت بحثي وتفرغت لها وأحاول الاستعداد للامتحان النهائي، ولكن ظهرت على محبة حالة غريبة منذ ما يقرب من أسبوعين، فبعد أن كانت تتحدث بطلاقة أصبحت تتعثر بالكلام، وتجد صعوبة في التحدث، ويظهر ذلك بوضوح على عضلات وجهها حين تحاول جاهدة النطق بالطريقة التي تعودت عليها كما يظهر أيضاً على حركة عينيها، وقد ذهبت بها إلى طبيب الأطفال وقال: إنها عضوياً ليس بها أي شيء وأعطاها فيتامين فقط.
أفيدوني بالله عليكم فهي الأمل الوحيد في حياتي بعد أن غاب عني أعز الناس، هل أذهب بها إلى طبيب مخ وأعصاب أو ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مديحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يحفظ لك ابنتك، وأن يرحم زوجك، وأن يغفر له ولك إن شاء الله.

بالنسبة لهذه الطفلة - حفظها الله - لا شك أن العلة واضحة تماماً، وهي أنها قد عوملت كطفلة خاصة، وبطريقة خاصة، حيث أنها هي الوحيدة ووالدها قد توفي قبل ولادتها، وحدث بصورة شعورية أو لا شعورية هذا التلاحم الشديد بينك وبينها، هذا أمر طبيعي لا تلامي عليه، وبالطبع حاولت أن تقدمي لها كل العطف والتعويض الوجداني اللازم، وبعد ذلك انشغلت أنت بالدراسة وبدأت الطفلة تحس بأن هنالك تباعد وما كانت تتمتع به وتجده من عطف ومودة أصبح ليس متوفراً بالصورة المطلوبة، وهذا أدى إلى تعثرها في الكلام، وهذا يسمى بالنكوص النفسي أي أن الإنسان خاصة الطفل يرجع إلى وضع بدائي في تطوره كنوع من الاحتجاج على وضعه الحالي، وهذا ربما يكون بصورة لا شعورية، وما يظهر عليها من إجهاد في عضلات الوجه والعينين ومحاولة النطق هو أمر طبيعي جداً وليس شيئاً عضوياً أو نتاجاً عن شيء عضوي، فأرجو أن تطمئني تماماً بأن لا تذهبي به إلى طبيب المخ والأعصاب فهذه حالة تطويرية نفسية طبيعية جداً.
إذن: الطفلة تعودت على نمط معين.

الذي أنصح به بالطبع أن تطمئني تماماً وأن تقبلي هذا التفسير، وأسأل الله تعالى أن يكون هو التفسير العلمي الصحيح.

ثانياً: حاولي أن توازني بقدر ما تستطيعين بين التزاماتك بالتحضير للامتحان النهائي -وبهذه المناسبة أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيراً على هذا الجهد- وتوفقي ما بين إشباع رغباتها بصورة معقولة وفي نفس الوقت أعط نفسك الوقت للتحضير للدارسة، وحين يتم نوع من التباعد النسبي سوف تتعود عليه الطفلة، وحاولي أن تتجاهلي احتجاجها وحاولي أن تتجاهلي الطريقة التي تتكلم بها وسوف يعود كل شيء لوضعه الطبيعي، وحين تجدي الوقت لها أرجو أن تقللي من التصاقك بها، ودعيها تكون مع الألعاب التي تشغل نفسها عنك.

الشيء الآخر هو أتمنى أن تتيحي لها الفرصة بالاختلاط بالأطفال الآخرين في عمرها، فهذا إن شاء الله سوف يجعلها أكثر انطلاقة وأكثر طمأنينة، ولن تكون معتمدة عليك الاعتماد الشديد، وأرجو أن تطمئني أن هذه مرحلة وقتية، وواضح أن هذه الطفلة ذكية وقد حباها الله بمقدراتٍ عقلية كبيرة كما أنها أوشكت على إتمام جزء كبير من جزء عم وهي في هذه السن.

وأرجو أن تطمئني تماماً، وليس هنالك داعٍ لإعطائها الفيتامينات ولا الذهاب بها إلى طبيب مخ وأعصاب، هي مجرد حالة احتجاجية ظرفية مؤقتة إن شاء الله، وكما ذكرت لك تعالج بالوسطية والانسحاب التدريجي مما يوفر للطفلة من عواطف زائدة.

وبالطبع أقدر مشاعرك ومشاعر الطفلة جداً ولكن البناء الاعتمادي الشديد للطفل قد يضعف من شخصيتها في المستقبل، ولا شك أن الرعاية من الأم مطلوبة، والعطف مطلوب، وفي نهاية الأمر الله خير الحافظين، وعليك أن تطمئني.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً