الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحث على إكمال الدراسة والعزم على النجاح

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

أنا شاب في الخامسة والعشرين من عمري، وقد تزوجت منذ خمسة أعوام، ويعلم الله أني لم أكن أريد الزواج، بل كان الأهل لي بالمرصاد، فقد كنت أنوي إكمال التعليم ثم الزواج، ولكن كانت إرادة الله غير ذلك، والحمد لله على كل حال.

وقد أصلت تعليمي في دوله أجنبية، ولكني لم أُنه تعليمي حتى الآن، رغم مرور أربع سنوات على إقامتي في الغربة، وأصبت بإحباط شديد بعد علمي بأني لم أنجح في الاختبارات الأخيرة، علماً أنها نفس المواد، وقد دخلت الاختبارت أكثر من مرة ولكني فشلت فيها، ولم أعد أحس بالحياة كثيراً، وصرت كالسجين بين أربعة جدران.

وعندما توفي أخي قبل بضعة أشهر زاد الأمر سوءاً، وبدأت أشعر بالتغير في نفسي وفي تصرفاتي، بل وفي معالم وجهي، وأهلي لا يعلمون بأني قد فشلت في دراستي، بل صرت أدعو (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، وأشعر أني صرت عالة على نفسي وعلى أهلي لكوني متزوجاً ولدي ولدان.

علماً أن أهلي لم يبدوا انزعاجهم مني مطلقاً، بل يلحوا علي أن أكمل دراستي، وأنا أرى أنه يجب أن أتوقف وأبحث عن فرصة عمل، فماذا أقول لأهلي؟ وكيف أوصل إليهم قراري؟

أرجو منكم توجيهي ونصحي.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو فتح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أسعدني حرص أهلك على مواصلة الدراسة، وأفرحني قبل ذلك حرصهم على دخولك القفص الذهبي، خاصة وأنت ممن يدرس في الغربة، فهنيئا لك بالزوجة والأولاد، ونسأله تبارك وتعالى أن يوفقك ويسدد خطاك.

وأرجو أن تعلم أننا نكلمك بمشاعر ولسان الأب، ونقول لك: ستظل مكانتك محفوظة فلا تنزعج، وأرجو أن تعلم أن الإنسان عليه أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح؛ لأن النجاح هبة الفتاح، وإذا أدى الإنسان ما عليه فينبغي أن يرضى بالنتائج ويعلن رضاه عن العظيم سبحانه، كما قال عمر بن العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).

ولا يخفى عليك أن الفشل في الدراسة مرة أو مرات ليس نهاية المطاف، كما أن كثيراً من المبدعين والناجحين تعرضوا لعثرات وانتكاسات، ولكنهم لم يقفوا عندها طويلاً، بل تجاوزوها واعتبروها محطات مهمة في طريق الصعود للقمة، ولولا الرسوب لما عرف الناس قيمة النجاح، ولولا الهزيمة لما أدرك الناس حلاوة النصر.

وأنت بلا شك تستطيع أن تنجح بحول الله وقوته؛ لأن وصولك إلى هذه المرحلة دليل على قدرتك على النجاح، وأهم من ذلك هو ضرورة أن تدرك أن الذي وهبك النجاح في المراحل السابقة هو الذي سوف يعينك على النجاح الآن، فالجأ إليه وابذل أسباب النجاح، ثم توكل عليه فإنه كريم فتاح، وتضرع عليه فإنه واهب الفلاح.

ونحن على ثقة أن أهلك سوف يقفون معك في كل الأحوال؛ لأن الجميع يدرك أن الأمر لله من قبل ومن بعد، وأن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده سبحانه.

ونحن ننصحك بأن تقبل على الحياة والدراسة بأمل جديد، وبثقة في الله المجيد، وعليك بكثرة الدعاء، ثم بتنظيم أوقات المذاكرة، مع ضرورة تجنب المخالفات الشرعية، فإن الخطيئة تنسي العلم، واجتهد في معاونة الضعيف والمحتاج ليكون العظيم سبحانه في حاجتك، واجتهد في برك لوالديك، واهتم بالصلة لأرحامك، فإن هذه الطاعات ثوابها عاجل.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، فإنه سبحانه وعد أهلها بتيسير الأمور فقال سبحانه: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ))[الطلاق:4]، وقال سبحانه: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3]، ونسأل الله لك النجاح والفلاح.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا عبدالله الروبي

    اللهم زدنا علماً

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً