الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضعيفة الشخصية ودائمة الصراع مع الآخرين

السؤال

أنا فتاة في الثلاثين من بلد آسيوي، عندي قولون عصبي كما يقول الأطباء، دائم التردد والخوف والعصبية، ليس لأتفه الأسباب بل لأن الناس وطريقة أفكارهم الغير إنسانية منتشرة ودائماً في صراع مع الآخرين.

أنا لا أحب أي شخص من عائلتي أو من خارج أن يغلط على أحد أو يظلم أحداً بالقول، أحس بألم شديد لما أراه من سوء التفاهم بين الناس، أحس أني لابد أدخل بينهم وأفرق بين الصح والغلط. بدوني لا تحل الاشتباكات في وسط عائلتي.!

ماذا أفعل؟ أحس هذا عملي ومسؤليتي. أهمل نفسي وأفكر في غيري.
أعاني منذ الصغر بالوحدة رغم كثر من هم حولي من العائلة.

طفولية مع الصغار لكن خائفة من الكبار والذين هم في سن الشباب، لا أحب الأعراس والحفلات ولا أحب أن أتزين وأعدل شكلي، مهملة لست كباقي البنات اللاتي يسرحن ويلبسن، أحس بأن هذه مبالغة وهو سوف يأخذني إلى طريق الغلط!

لا أحد يفهمني صح ولا يسمعني أحد، ولا أحد يهتم لي.

دائماً أذكرهم بربي لكن مشكلتي النسيان، أنا لا أغيب عن الصلاة لكن أنساها! ولا أتذكر أول كلمات القرآن إلا إذا رأيت الكلمة أتذكر الباقي، ساعدوني كيف أتغلب على ضعف شخصيتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

أنت بصفة عامة تعانين من أعراض القلق النفسي، وهذا القلق أدى إلى توترات وعدم توافق مع الذات وعدت وفاق مع الآخرين، ولديك أيضاً بالطبع درجة من عسر المزاج الذي ينتج من القلق والذي هو جزء من شخصيتك فيما أعتقد.

بالنسبة للقولون العصبي دائماً يكون قرين للقلق، وأثبتت الدراسات أن القولون العصبي دائماً هو ثانوي للقلق، أي أن القلق هو الأصل ثم بعد ذلك تأتي أعراض القولون العصبي.

أود أن أنصحك بالآتي:

أولاً: أرجو أن تعرفي أن حالتك هذه ليست خطيرة، وهذا مهم جدّاً.

ثانياً: من الجميل أن تنزعجي لأخطاء الآخرين, لكن يجب أن تعلمي أنك لست مكلفة بأن تفرضي قيمك الذاتية على الآخرين. بالطبع من المستحسن أن يسدي الإنسان النصح للآخرين ولكن إذا كان هذا النصح ليس بالطريقة المقبولة أو الإنسان ليس لديه القدرة على ذلك فعليه بنفسه في مثل هذه الحالة.

أنا لا أقول أن تكوني سيئة التوقعات حيال الآخرين، لا أقول ذلك، ولكن أقول لك: من الأفضل أن تعرفي أن الإنسان ليس من الضروري دائماً أن يفرض قيمه الشخصية أو ما يؤمن به أو ما يدعو له على الآخرين؛ لأن كل إنسان يعتقد نفسه أنه هو الصحيح وأنه هو على الطريق الصواب، وهذا بالطبع يؤدي إلى التشرذم وإلى الرفض من جانب الآخرين في بعض الحالات.

من الجميل أنك دائماً تحاولي أن تصلحي بين أعضاء الأسرة، وهذا شيء حسن، ولا تكلفي نفسك فوق طاقاتها، والاشتباكات في داخل الأسر تحدث وكذلك الأحلاف في داخل الأسر تحدث، فنجد أن شخصين أو ثلاثة لديهم توجه، وشخصين آخرين لديهم توجه آخر في داخل الأسرة الواحدة، فالناس ليسوا بشريحة واحدة، وهذه الخلافات هي من طبيعة البشر، ولكننا يجب أن نتأمل في الإيجابيات التي في داخل أسرنا، والإنسان إذا حاول أن يقيم أو يقارن ما بين الإيجاب والسلبي سوف يجد أن الأمور الإيجابية دائماً هي الأكثر ودائماً هي الأغلب، ولكن التشاؤم والتفكير السلبي ينسينا هذه الإيجابيات.

فيما يخص الحفلات والأعراس فنحن بالطبع لا ندعو حقيقة لها إذا كانت هذه الحفلات والأعراس مختلطة، ولكن إذا كان الأمر فيما بين النساء فهذا شيء لا بأس به، وعلى المرأة أن ترتب نفسها وتعدل نفسها بالصورة المقبولة دون أي مبالغة، ولابد أن تهتمي بشكلك ولابد ألا تهملي نفسك، فهذا من الأسس المطلوبة من أي فتاة في وضعك.

أنا أعتقد ربما يكون الاكتئاب البسيط هو الذي جعلك تهملين نفسك وجعلك أيضاً لا تحسنين التركيز، فأنت أيضاً اشتكيت من كثرة النسيان، ولذا أرى أن تناول أحد الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب سوف يساعدك كثيراً إن شاء الله، والدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف باسم (زولفت) وهو موجود في الدوحة، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة بسيطة (50 مليجرام) ليلاً لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى (50 مليجرام) يوم بعد يوم، أي يوم تأخذي الدواء ويوم لا تأخذيه، وهذا لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عنه.

أختي الكريمة! الصلاة هي عماد الدين وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فلا عذر لنا أبداً، أسأل الله أن يعطيك الهمة العالية حيال الصلاة وأرجو ألا تتناسيها، لابد أن تكون لها الأسبقية في تفكيرك وفي أعمالك وفي أفعالك وفي وجدانك، ضعيها أمامك وسوف تجدي أن كل شيء – إن شاء الله – قد أصبح هيناً وسهلاً.

بالنسبة لكلمات القرآن فيمكنك أن تستمعي إلى التلاوة، فالحمد لله الأشرطة موجودة والـ (CD) موجود، ويا حبذا أيضاً لو ذهبت إلى أحد مراكز التركيز فهي منتشرة في قطر وسهل الاشتراك فيها جدّاً، وإن شاء الله تستطيعين أن تحفظي القرآن وأن تجيدي التجويد، وأيضاً تلتقي بالأخوات ويكون هناك نوع من التعارف، وهذا إن شاء الله يساعدك حتى في تقوية شخصيتك، حتى تستطيعي أن تتفاعلي مع الآخرين؛ لأن ضعف الشخصية هو في الأصل اعتقاد خاطئ، فالإنسان حين يقلل من قيمته الذاتية، ويحقر من قيمة نفسه يعتقد أنه ضعيف الشخصية، وثانياً الإنسان الذي لا يتفاعل مع الآخرين والإيجابيين يحس أنه ضعيف الشخصية، ولكن حين يتفاعل الإنسان ويحاور من هم إيجابيين سوف يأخذهم إن شاء الله قدوة، وإن شاء الله في مراكز التحفيظ هذه سوف تجدين أنك قد تفاعلت مع الأخوات الصالحات، وأنا على قناعة كاملة أنه سوف يساعدك كثيراً، فهذا نوع من التأهيل الاجتماعي وسوف تجدين فيه خيري الدنيا والآخرة.
أسأل الله لك التوفيق والصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً