الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم علاج السحر المانع للفتاة من الزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، عندي مشكلة وهي التعطل عن الزواج أو بمعنى آخر مسحورة كي لا أتزوج.

سؤالي: هل أسعى وراء فك السحر عند من هو متمكن من فكه أم أتركها على الله سبحانه وتعالى والحمد لله؟

أشكر لكم الإصغاء إلى مشاكلنا وإفاداتنا بحلول مناسبة.

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك عاجلاً غير آجل ويكون عوناً على طاعته ورضاه.

وأما بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة ميمي – فإنه لمن المزعج حقاً أن يمر قطار الحياة ولا يتقدم إلى الأخت المسلمة رجل مناسب يعينها على طاعة الله ويساعدها على تأسيس أسرة طيبة مباركة، نحن معك بأن كل فتاة في مثل سنك منزعجة وتخاف أن تمر بها السنون ولا يتقدم لها أحد، خاصة وأن الناس قد جرت عادتهم أن يتقدموا للفتاة صغيرة السن، ولا يقبلون بكثرة على الفتاة الكبيرة السن إلا إذا كان لها شيءٌ يخصها أو تتميز به عن غيرها، لكن قد يكون هناك مانع من الموانع الخارجة عن إرادة الإنسان؛ لأننا نعلم أن كل شيء بقدر الله تعالى وأن الزواج هذا من أرزاق الله عز وجل، وأن الله تبارك وتعالى قسم لكل فتاة زوجها قبل خلق السموات والأرض، وأيضاً قسم لكل رجل زوجته قبل خلق السموات والأرض كذلك، كل ذلك موجود، ولكن إذا كان هناك مانع وُضع من قِبل البشر فينبغي إزالته؛ لأن الضرر يُزال - هذه قاعدة من قواعد الأصول - (الضرر يزال)، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا ضرر ولا ضِرار)، فلابد من ذلك.

أيضاً فوق ذلك - بارك الله فيك – هناك أمر آخر أيضاً وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داءً إلا وجعل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)، فأنت مطالبة أيضاً بأن تُعالجي، فإذا كان موضوع السحر حقيقة فينبغي عليك أن تجتهدي في فكه وفي رفع هذا البلاء عن نفسك؛ لأن هذا من حقك شرعاً.

والعلماء اختلفوا: هل العلاج والتداوي واجبٌ أم مسنونٌ؟ بعضهم يقول: بأنه واجب يجب على الإنسان أن يُعالج خاصة إذا كان في هذا الداء تعطيل رسالته في الحياة، وبعضهم قال: هذا مسنون أو هو رخصة إن فعلها الإنسان فبها ونعمت وإن تركها لله تعالى وصبر على البلاء فهو مأجور على ذلك، إلا أن رأي الجمهور أن العلاج مطلوب؛ ولذلك أولاً لابد أن تتأكدي أنك مسحورة، وهذا التأكد حقيقة - أختي الكريمة – ليس من السهل، وليس مستحيلاً أيضاً، ولذلك لابد من سؤال أهل العلم وعرض نفسك على الأخوة المتخصصين في العلاج على أكثر من واحد حتى تتأكدي فعلاً من أن الجميع مجمعون على أنك مسحورة، فإذا كان كذلك نبدأ في عملية السعي وراء فك السحر، وهذا أمر طبيعي جدّاً؛ لأن الله تبارك وتعالى – كما ذكرت لك من كلام حبيبك صلى الله عليه وسلم -: (ما خلق الله داءً إلا خلق له دواء)، فالسحر كأي مرض آخر له علاجٌ - بإذن الله تعالى – ونبيك المصطفى عليه صلوات ربي وسلامه سُحر، وأكرمه ربه تبارك وتعالى بأن جاءه جبريل فرقاه ففك عنه السحر، فهذا شيء طبيعي أنني إذا تعرضت لشيء من هذا وكنت متيقنة منه بشرط ألا أذهب إلى المشعوذين والدجلة الذين يضحكون عليَّ فأنا مطالب أن أرفع هذا البلاء عن نفسي.

ولذلك أقول لك: لا مانع أن تذهبي إلى أحد الإخوة الثقات – المشايخ الأثبات – الذين لديهم القدرة على فك هذا السحر؛ لمساعدتك في فكه وأن تكوني طبيعية؛ لأن السحر فعلاً قد يشوِّه صورتك في نظر من يتقدم لخطبتك، فقد تبدين أمامه قبيحة دميمة، بل قد يجعلك منفرة ولا أحد يألف أو يأنس بالجلوس معك، هذا كله وارد؛ لأن السحر حق، وهذا كلام الله تبارك وتعالى، وهذا ما عليه علماء المسلمين أن السحر حق وأنه حقيقة وأنه يغيِّر فعلاً في الأشياء بقدرة الله؛ ولذلك أقول: لا مانع - بارك الله فيك – في البحث عن علاجٍ لهذا السحر شريطة أن يكون على يد القادرين على ذلك من المسلمين الصادقين الذين لا يستعملون وسائل محرمة في فكه، وإن شاء الله وبإذنه تعالى لا يوجد سحر أو مرضٌ أو علَّة إلا ولها علاج علمه من علمه وجهله من جهله.

أنصح بذلك رغم أن الترك على الله شيء عظيم، ولكن الأولى - بارك الله فيك – أن تأخذي بالأسباب؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً، والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي أمرك بالتداوي ووعدك بأن يشفيك الله تعالى، فابحثي عن أخٍ صالح من الإخوان المتميزين في هذا الجانب ليساعدك في فك هذا السحر - بإذن الله تعالى– عسى الله عز وجل أن يمنَّ عليك بزوج صالح عاجلاً غير آجل، وتبشرينا بهذا الأمر قريباً - بإذن الله تعالى – لأنك من المتواصلات معنا، ونحن يسعدنا حقيقة تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، فاستعيني بالله وتوكلي على الله، وأسأل الله أن يقضي حاجتك وأن يفرج كربتك، وأن يفك عنك هذا السحر، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، إنه مولانا فنعم المولى ونعم النصير.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب rachida

    :-) :-) :-)

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً