السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 30 عاماً، مشكلتي أني مترددة في اختيار الزوج، بمعنى أدق أريد واحداً كاملاً وهذا صعب، وأهلي هم من جعلوني هكذا، عندما يتقدم أحد يقولون غذاً يأتي من هو أفضل منه، إلى أن وصلت إلى هذا السن، منذ فترة قليلة تقدم لي شاب في سن 37 لكنه مطلق وعنده طفل، الطفل كان سيعيش معنا -وللأسف الشاب مريض بالسكر- هذا سبب رفض أهلي له، مع أني كنت متقبلة جداً، وهو كذلك إلى الآن يتصل بي ويريدني، لكني خائفة من ردة فعل أهلي، تعبت نفسياً ماذا أعمل؟ وهل ما فعله أهلي في مصلحتي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن طلب الكمال من طلب المحال، والنقص موجود في النساء وفي الرجال، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولك الأحوال، واعلمي أن الأمر لله من قبل ومن بعد، فسبحان الكبير المتعال.

ونحن لا نكلمك عن خطأ رد الخطاب؛ لأنك قد أدركت عواقب ذلك، ولكننا ندعوك إلى عدم المجاملة في هذه المسألة؛ لأنك من سوف تعيشين مع الزوج، فإذا وجدت في الرجل المتقدم الدين والأخلاق، ولاحظت أن نفسك تميل إليه وترتاح فلا تترددي في القبول به بعد الاستخارة والاستشارة والتوجه إلى من بيده الخير والهداية.

وأرجو أن تعلمي أن كل شيء بقضاء وقدر، وسوف يأتيك ما قدره لك الله في الوقت الذي كتبه الله، فأصلحي ما بينك وبين الله، وأشغلي نفسك بطاعته، واحشري نفسك في زمرة الصالحات، وواظبي على الصلاة والذكر وسماع الدروس والمحاضرات.

واشكري أهلك على حرصهم، وشجعيهم على أن يتعاملوا بالعقل لا بالعاطفة، وأرجو أن يدرك الجميع أنه ليس العيب في الارتباط برجل متزوج أو مطلق، وإنما الإشكال في الارتباط بمن لا دين له ولا أخلاق، والتجربة السابقة للرجل لا تدل على أن الفشل سوف يتكرر؛ لأن كل تجربة حالة قائمة بذاتها، ومن حق أسرتك بل من واجبهم أن يتأكدوا من دين وأخلاق من يطرق الباب، كما أن من حق كل خاطب أن يتعرف إلى مخطوبته وأحوال أسرتها من ناحية الدين والأخلاق، مع ضرورة أن تكون نظرة الجميع واقعة؛ لأن وجود عيب أو أكثر في الرجل أو المرأة لا يعني أنه غير مناسب؛ لأننا لا يمكن أن نجد إنساناً بلا عيوب، ولكن الأمر كما قيل: طوبى لمن انغمست سيئاته في بحور حسناته، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

ومن الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط

وموضوع مرض السكر ليس عيباً يرد به الزوج، وإنما يمكن التعايش معه تعايشاً طبيعياً، فنرى أن تسلكي الوسائل التي تؤدي إلى إقناع أهلك بهذا الخاطب بعد التأكد من دينه وخلقه كما ذكرنا، فتوسطي بعض أقربائك ممن تثقين فيهم، على أن يكلموا الوالد والوالدة بهذا الخصوص ويضعوا جملة من المبررات، منها تأخرك في الزواج، وربما لا تتكرر الفرصة، ومنها صلاحية الخاطب وأنه قد تم التأكد منه، ومن قدرته على تحمل أعباء الزواج، وقبل كل ذلك تلجئين إلى من بيده مقاليد الأمور كلها، فتلحين على ربك بالدعاء، وتكثرين من فعل الخير والإحسان، فإن الله قريب من المحسنين.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، واحرصي على بر والديك، وطلب الدعاء منهم، وعليك بالإحسان إلى الأرحام والجيران والأيتام، ليكون في حاجتك من لا يغفل ولا ينام.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.