الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاضطرابات الوجدانية ثنائي القطبية وأحادي القطبية والفرق بينهما

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عزيز الدكتور.
1) هل هناك أعراض أو سمات معينة يتميز بها القطب الاكتئابي من مرض الاضطراب ثنائي القطبية عن الاكتئاب أحادي القطبية؟
بمعنى: هل هناك بوادر شك يجب على الطبيب أخذها بعين الاعتبار عند تشخيص من يعاني من نوبة اكتئاب ترجح أن يكون هذا اضطراباً ثنائي القطبية أو أحادي القطبية كعامل السن مثلاً؟!.. وما هي؟.

2) هل عقار Abilify مفيد لحالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية الذي يغلب فيه القطب الاكتئابي (اضطراب ثنائي القطب 2)؟.

3) هل مثبتات المزاج التي تستخدم لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية تملك تأثيراً مضاداً للاكتئاب أم أنها تعمل فقط على منع ظهور حالة الهوس؟. حيث أني حالياً في نوبة كآبة متذبذبة الشدة بين يوم وآخر وأتناول الديباكين منذ أشهر ولم أجد منه فاعلية ملحوظة لإخراجي من النوبة الاكتئابية.

4) ما هو مضاد الاكتئاب الذي تنصحني به؟ حيث أني تعبت كثيراً من الاكتئاب، وأحتاج لدواء يخرجني من النوبة الاكتئابية دون إدخالي في نوبة هوس.

5) هل هناك أمل في شفائي من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية حيث:

- تعرضت في الماضي لأكثر من 7 انتكاسات... وفي عام 2006 أخذت النوبات طابع التقلب السريع.

- وجود نوبات هلع واضطراب الوسواس القهري (هواجس فقط بدون سلوك قهري).
- تأريخ عائلي في الإصابة بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب (والدي).

مع العلم أن عمري الآن 23 سنة..

مع مليون شكر.
تحياتي..

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hasan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

هذا سؤال طيب وجميل جدّاً، وهو كثير التفرقة بين الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية والاضطراب الوجداني أحادي القطبية إذا كانت النوبة التي حدثت هي نوبة اكتئابية.
أولاً: ربما لا يكون هنالك مقاسات بيولوجية نستطيع من خلالها أن نفرق بين النوعين من الاضطراب الوجداني، ولكن هنالك ملاحظة أن الاكتئاب إذا حدث في سن مبكرة، هذا ربما يكون أغلب الظن أنه اضطراب وجداني ثنائي القطبية.

ثانياً: والأمر الأهم والضروري جدّاً هو أن معظم الذين يعانون من اضطراب وجداني ثنائي القطبية لديهم تاريخ أسري إما لمرض الهوس المنفرد أو للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.. هذا عامل تفرقة ضروري وأساسي جدّاً..

ثالثاً: يأتي بعد ذلك بالطبع أن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية إذا بدأ الإنسان بحالة اكتئابية حين يعطى الأدوية المضادة للاكتئاب ربما تُدخله في حالة من حالات الهوس أو الانشراح الزائد أو ارتفاع في المزاج.

إذن هذه هي الأسس الثلاثة التي يستطيع الناس أن يفرقوا بين هاتين الحالتين، وهنالك دراسات تُشير الآن أنه بعد اتضاح الخارطة الجينية يمكن أن تتم التفرقة والتأكد في المراحل الأولى لأي من هذين المرضين.

أما بالنسبة لسؤالك الثاني عن عقار (الإيبفلاي Abilify) فحقيقة ليس واضحاً تماماً، ويوجد بعض التداخل في الكلمات الواردة، ولكن الذي أستطيع أن أستخلصه من كلامك هو أنك تسأل عن (Abilify) في علاج القطب الاكتئابي أو في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية..

هذا الدواء الآن (Abilify) هو أحد الأدوية المفيدة لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وهو يعالج القطبين: القطب الاكتئابي والقطب الهوسي، ويتميز بأنه بالطبع لا يؤدي إلى زيادة في الوزن، وأصبح الآن يلجأ له لأحد الأدوية الجيدة في هذا السياق.

أما بالنسبة للسؤال الثالث عن مثبتات المزاج فهي تعالج القطبين: تعالج القطب الهوسي وكذلك القطب الاكتئابي، وهذا هو الذي دفع المدرسة الأمريكية لأن تمنع بدرجة كبيرة استعمال مضادات الاكتئاب لدى الأشخاص الذين لديهم اضطراب وجداني ثنائي القطبية حتى لو كانت النوبة اكتئابية، لأنهم يعتقدون أن مضادات – أو مثبتات المزاج - مثل (الدباكين والتجرتول واللامكتال) قد تكون هي الأفضل لعلاج حتى حالة الاكتئاب.

ولابد أن أشير أن الإنسان إذا كانت تأتيه أو تعتريه حالة اكتئاب متكررة وهو يعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية هنا يعتبر (اللامكتال) هو الدواء الأفضل وليس الدباكين – خاصة الدباكين كرونو – مع أن الدباكين كرونو دواء ممتاز ومتميز ولكن الدراسات تشير أن اللامكتال هو الأفضل لعلاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية إذا كانت نوبات الاكتئاب هي الغالبة.

ولا بد بالطبع أن نشير أن اللامكتال يعاب عليه أنه يسبب آثاراً جانبية أكثر من الدباكين، كما أنه أكثر تكلفة.. أنا على علم ببعض الإخوة الذين يعانون من هذه الحالات وهم يتناولون الدباكين ومعه جرعة صغيرة من اللامكتال والحمد لله أمورهم أستطيع أن أقول إنها جيدة ومستقرة جدّاً.

أما بالنسبة لسؤالك الرابع وهو حول مضادات الاكتئاب، فكما ذكرت لك أن المدرسة الأمريكية لا تنصح أبداً باستعمال مضادات الاكتئاب وذلك بحجة أن مضادات الاكتئاب ربما تدفع الإنسان إلى نوبة هوسٍ أو انشراحٍ أو ربما تعجِّل وتجعل المرض أكثر دوراناً وتكرراً بصفة عامة، ولكن المدرسة الأوروبية – خاصة المدرسة الألمانية والإنجليزية كذلك – تختلف بعض الشيء، وهم يرون أنه لا بأس مطلقاً من استعمال مضادات الاكتئاب في حالات اضطراب الوجداني ثنائي القطبية إذا كانت النوبة الاكتئابية شديدة أو حتى متوسطة ولم تستجب فقط لمثبتات المزاج.
وهنالك دواءان فيهما مضادات للاكتئاب ينصح بهما في حالات اضطراب الوجداني ثنائي القطبية:

هنالك دواء زيروكسات يعتبر جيداً بشرط ألا تتعدى جرعته على عشرين مليجرام، فالدراسات تشير إلى أنه لا يدفع المريض في حالة الهوس.
وهنالك عقار آخر يعرف باسم (وليبيوترين Wellbutrin) بجرعة مائة وخمسين مليجرام صباحاً ومساءً أيضاً يعتبر من المضادات الاكتئاب الجيدة والتي لا تدفع المريض مطلقاً لحالة الهوس لأن هذا الدواء يعمل على السيرتونن وكذلك على الدوبامين.

هذا الدواء الأخير (Wellbutrin) ليس متوفراً في كل الدول، ولكنه موجود في دول كثيرة، ويتميز أيضاً أنه لا يؤثر سلباً على الأداء الجنسي مطلقاً، بل على العكس هنالك من يعتقد أنه يحسن الأداء الجنسي، كما أنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن مطلقاً بل يؤدي إلى نقصان في الوزن، ولكن يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى تنشيط نوبات صرعية لدى بعض الناس، ولكن هذا نادر ونادر جدّاً ويحدث دائماً مع الجرعات الكبيرة منه.

أما بالنسبة لسؤالك الخامس والذي يتعلق بالتقلب السريع وتقلب المزاج، فهذه كلها جزء من هذا الاضطراب الانفعالي.. المهم هو الانتظام على العلاج والإصرار على أخذ الدواء بالجرعة الصحيحة والصبر على الدواء، ولابد أن يؤهل الإنسان نفسه أيضاً لأن يواظب على عمله وأن يكون له فعالية في حياته الاجتماعية وحياته الأسرية، فهذا أمر ضروري جدّاً وهذا نوع من التأهيل المطلوب.

كما ذكرت لك وجود نوبات الهلع وكذلك الوساوس هي أيضاً جزء من المكون الوجداني الذي يكون مرتبطاً بالاضطراب الوجدانية – أيّاً كان نوعها – ولكن دائماً هذه الأعراض تكون أعراضاً ثانوية، وحين تتحسن الحالة الأساسية سوف تختفي - بإذن الله تعالى - .

كما ذكرت فأنت لديك تاريخ أسري فإن الوالد مصاب بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وهذا يؤكد ما ذكرناه والتي أشرنا للطرق التي يمكن أن نفرق بين الاكتئاب الوجداني أحادي القطبية وثنائي القطبية، ولكن الأمر الذي أود أن أؤكد لك أن العامل الوراثي ليس عاملاً نستطيع أن نقول إنه سوف يؤثر في كل مرة، بمعنى أنه ليس من الضروري أن يصاب أولادك وذريتك بهذا المرض، فبالرغم من أن والدك يعاني من هذه الحالة وأنت الآن تعاني منها إلا أن ذلك يجب ألا يجعلك تكون قلقاً حيال ما سوف يحدث لذريتك وأولادك.

نعم نحن لا ننكر العامل الوراثي ولكنه ليس عاملاً مطابقاً أو لا يحدث في كل مرة، حيث أن الوراثة في الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية لا تتبع ما يعرف بقوانين (ماندليلا) لأن هذه القوانين هي التي حددت الشجرة الإرثية أو تأثير الجينات في الأمراض، ولكن الذي يورث ربما هو استعداد المرض وليس المرض، وهذا لا يصيب بالطبع كل أفراد الأسرة أو كل الذرية.

أسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويحفظك وأن يجعل الشفاء والعافية من نصيبك.

وبالله التوفيق.
وللمزيد عليك بمراجعة التالي: ( 237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً