الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دور الحالة النفسية في تضخيم بعض الأعراض المرضية

السؤال

يومياً وفي فترات متباعدة أشعر بالأعراض التالية:

دوخة + ضيق في التنفس + ارتخاء في جميع أجزاء الجسم + ألم - وخزة في منطقة القلب أو الرئة ولم أتمكن من تحديد مكان الألم هل هو في القلب أم في الرئة- + الشعور بحركة خفيفة - انقباض خلف آخر عظمة من عظام القفص الصدري من جهة اليسار- + رعشة شديدة + تنميل في الصدر من الجهة اليسرى + الشعور بوجود شيء محشور في البلعوم + حركة انقباض في المعدة.

وللعلم فقد قمت بعمل رسم قلب أكثر من ثمان مرات، وكانت النتيجة أن قلبي سليم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Redha حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه الأعراض قد يكون سببها عضوياً، إلا أنه يبدو أنك قد راجعت العديد من الأطباء وتم إجراء تخطيط قلب ثمان مرات وكلها سليمة - ولله الحمد - وعلى الأكثر أنهم قد طمأنوك بأن الرئتين سليمة.

ولابد وأنهم قد أجروا لك تحاليل طبية، وأنها كانت سليمة؛ لأن مراجعتك ثمان مرات لتخطيط القلب لابد وأن يرافقها إجراء صورة شعاعية للصدر، وتحاليل، وأعتقد أن كلها سليمة لأنك لم تذكر ذلك.

هذه الأعراض عندما تتكرر ولا يوجد لها سبب عضوي فإنها تشير إلى منشأ نفسي، وخاصة بعض الأعراض التي لا يمكن تفسيرها طبياً، مثل التنميل في الصدر في الجهة اليسرى من الصدر، فهذه من الناحية الطبية لا يمكن تفسيرها إلا إذا كانت الأعصاب في الجهة اليسرى من الصدر متأثرة بسبب التهاب، وهذه الحالة تتواجد في حالات مرضية مثل السكري، وتتحسن بعد أشهر من العلاج، وأنت تقول أنها تأتي وتذهب يومياً عدة مرات.

وكذلك الإحساس بوجود شيء محشور في البلعوم، والانقباض خلف الصدر، والارتخاء في الجسم، قد يكون الإجهاد أو التوتر أو القلق والخوف من المرض أو الضغوطات النفسية في البيت أو العمل مصدراً لهذه الأعراض، وقد يكون الأمر في البداية بهذا الشكل ثم يتطور إلى أن يركز المريض بشكل كبير على أعراض قد تكون طبيعية، فهناك آلام طبيعية تحصل هنا وهناك في الجسم، وليس لها أي دلالة مرضية، كالوخزات الخفيفة في الصدر التي تأتي في مكان معين ولمدة ثوان فقط، إلا أن التركيز عليها مراراً يشعرك بأنها قوية وتترافق مع زيادة عدد مرات التنفس، مما يشعر الإنسان بالخوف، وهذا يرافقه زيادة التهوية، وبالتالي الدوخة والشعور بالتعب والارتخاء، وهذا يفسر معظم الأعراض عندك.

انتهت إجابة الدكتور محمد حمودة تليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري الأمراض النفسية لمزيد الفائدة ولوضع خطة للعلاج.

___________________________________________________

فلقد قام الدكتور محمد حمودة استشاري الطب الباطني والروماتيزم – حفظه الله تعالى – التوضيح الكافي والتفسير العضوي لحالتك.

أما من الناحية النفسية فبعد أن قمتُ بالتدقيق والفحص لأعراضك فأؤكد لك وبصورة قاطعة - إن شاء الله تعالى – أن هذه الحالة هي حالة نفسية وتسمى بـ (حالة النفسوجسدية) بمعنى أن الإنسان ربما يكون لديه بعض القلق أو التوتر أو حتى الاكتئاب النفسي ولكنه لا يستشعر ذلك وجدانياً ومعنوياً، ولكن يظهر لديه في شكل أعراض جسدية مختلفة، فهذه الحالات معروفة وهي تصنف تحت الحالات (النفسوجسدية).

وحقيقة طريقة علاجها ليست بالصعبة والذي أود أن أرشدك إليه وأرجو أن تلتزم به هو التالي:

أولاً: أرجو ألا تكثر من التنقل بين الأطباء، هذا أمر ضروري جدّاً، فحالتك لا تتطلب ذلك أبداً، وهذه المقاومة في عدم الذهاب للأطباء بكثرة وتجاهل الأعراض في حد ذاته علاج ممتاز، وهذا يعرف باسم العلاج عن طريق التجاهل.

بالطبع من حقك أن تتأكد حول صحتك الجسدية مثل بقية الناس، وفي هذه الحالة ننصح بأن تذهب مرة واحدة كل ستة أشهر لمقابلة طبيب الأسرة وذلك من أجل إجراء فحوصات أساسية يعرفها الأطباء وذلك من أجل التأكد من سلامة الصحة العامة، هذا هو الذي أنصحك به.

ثانياً: عليك بممارسة الرياضة – أي نوع من الرياضة – خاصة رياضة المشي أو الجري فقد وجد أنها ممتازة جدّاً في حرق هذه الطاقات النفسية السلبية، والشيء المعتقد هو أن القلق الداخلي أو ما يسمى بالقلق المقنع، وكذلك الاكتئاب النفسي هو الذي يؤدي إلى مثل هذه الأعراض، وقد وجد أن الرياضة تساعد في تنشيط وإفراز مواد كيميائية داخلية تقلل من هذه الأعراض وفي نفس الوقت تجعل الإنسان أكثر نشاطاً وتحسن المزاج لدرجة كبيرة، فأرجو الحرص عليها والصبر على ممارستها.

ثالثاً: يجب أن تكون إيجابياً في تفكيرك، فأنت - الحمد لله - لديك الكثير من الأمور الطيبة في حياتك، فأرجو أن تستشعرها بصورة إيجابية وتتمعن فيها، فإن هذا يصرف تركيزك عن التركيز على هذه الأعراض الجسدية، فأنت - الحمد لله - لديك عمل جيد، فعليك دائماً أن تبحث في أن تطور نفسك في مجال عملك، وكذلك كن إدارياً جيداً لوقتك، وخصص وقتاً للراحة، ووقتاً للرياضة، ووقتاً للعمل، ووقتاً للعبادة، ووقتاً للتواصل الاجتماعي – وهكذا – فإن هذا في حد ذاته يساعدك كثيراً.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فإن هنالك أبحاثا علمية كثيرة معتبرة أشارت أن مضادات الاكتئاب تساعد كثيراً في مثل هذه الحالات حتى وإن لم يوجد الاكتئاب ظاهراً، وعليه أود أن أنصحك بتناول عقار مضاد للاكتئاب يعرف باسم (زولفت) ويسمى أيضاً باسم لسترال، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً – حبة واحدة – يومياً بعد الأكل، ويفضل تناولها ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

وبجانب الزولفت يجب أن تتناول عقاراً آخر - وجد أنه أيضاً مفيد كثيراً في مثل هذه الحالات – يسمى (دوجماتيل) فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

أرجو اتباع الإرشادات السابقة وتناول الأدوية التي وصفتها لك، وأرجو أن تطمئن وتتأكد أن حالتك هي في الأصل ذات منشأ نفسي، وليس هنالك أسباب عضوية لمثل هذا النوع من الأعراض.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً