الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهمال الزوج لمسئولياته الأسرية، وما تأثير ذلك على نفسية الزوجة واستقرار الأسرة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أشعر بالكآبة والحزن منذ مدة، أولاً لضغط المسئوليات التي عليّ؛ لأن زوجي كسول ويترك العبء علي وحدي من أعباء المنزل والأطفال، وكذلك حل المشاكل الخارجية من فواتير وخلافه، وكذلك الأطفال، وأيضاً أنجبت حديثاً لي الآن ثلاثة أشهر؛ لذلك أشعر بالضغط النفسي الشديد؛ لأن الأمور المتعلقة به كذلك يطلبها مني، وإذا قصرت أو أخطأت يرجع باللوم علي دائماً، ولا يشكرني على شيء من تلقاء نفسه إلاّ إذا ذكرته؛ فلذلك أنا أصبحت آكل كثيراً، وبالذات الحلويات والقهوة بكثرة، وأنا أعلم أنّ هذا يؤثر على حليب المولودة الجديدة وليس لي رغبة في شيء، وأصبحت أكثر عصبية على الجميع، فأنا كل ما أطلب منه التحدث والمصارحة لحل هذا الوضع يتهرب بالكلام أو يقول لي: لا أريد أن أتناقش في هذا الموضوع.

الرجاء أن تخبروني ماذا أصنع معه لأنني أفكر في الانفصال عنه، رغم أن لنا 6 سنوات متزوجان؛ لأنني أحس أن معنى القوامة والمسئولية للرجل ليست متحققة، وأيضاً قبل أن أتزوج كانت عبادتي أفضل، ومعه أصبحت ضعيفة جداً إيمانياً؛ لأن زوجي إما على التلفاز أو على الإنترنت، وأنا عليّ كل شيء فما فائدة وجود الزوج؟

وأيضاً ما الحل في موضوع الأكل كيف أحد منه لأنني أخشى أن يزيد وزني كثيراً فأنا لا أستطيع منع نفسي من الحلويات والقهوة عندما أشعر بالتوتر والحزن؟

ساعدوني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ظاهرة تناول الحلويات والقهوة بكثرة، والإكثار من الأكل، مع وجود الظروف الاجتماعية السلبية، وإصابتك بالقلق والتوتر هي دليل على وجود اكتئاب نفسي، وهذا نوع خاص من الاكتئاب النفسي، فهو نوع من الاكتئاب الانفعالي أو نوع من الاكتئاب الظرفي.

الذي أرجوه منك أولاً فيما يخص زوجك فيجب أن تبعدي فكرة الانفصال عنه تماماً، هذا في نظري سيكون قراراً خاطئاً تماماً، بالرغم من السلبيات الكثيرة التي ذكرتها، فالحياة الزوجية حقيقة تكون عرضة في كثير من الأحيان لبعض التقلبات وبعض الإخفاقات، وربما يكون هنالك نوع من عدم التساوي في الدور الذي يلعبه الأزواج، ولكن الذي أراه هو من المفترض أن يجد الزوج -أو الزوجة- العذر للطرف الآخر متى ما كانت هنالك إخفاقات، ويحاول أن يصلح الطرف الآخر دون أي نوع من إشعاره بالقصور بل اعتماد مبدأ التشجيع والتحفيز.

واعلمي -أختي الكريمة- أن الزواج ميثاق غليظ، وأنه هو المحبة وهو المودة والسكينة والرحمة، ماذا ستجنين من الانفصال؟ لا أعتقد أن ذلك سوف يكون قراراً حكيماً، ولا أعتقد أن تخليك عنه في مثل هذه الظروف سوف يكون أمراً صائباً، وأنت -ما شاء الله- صاحبة دين ونحسبك والله حسيبك ولا نزكي على الله أحداً.

فعليك -أختي الكريمة- أن تسخري هذه الطاقات النفسية والإيمانية في الحفاظ على زواجك، وقد ذكرت أنك الآن أصبحت كسولة فيما يخص الصلاة والعبادة؛ لأن زوجك لا يشجعك.

العبادة هي مسئولية شخصية لا شك في ذلك، وأتفق معك أن الإنسان إذا وجد من يشجعه خاصة إذا كان من الزوج فهذا سوف يعزز الدافعية ويعلم أنه هو المسئول وأنه صاحب القوامة، وتشجيعه وتحفيزه وعدم إشعاره بأي نوع من الإهانة هو الأفضل.

على سبيل المثال فيما يخص دفع الفواتير وخلافه والخروج من أجل التسوق، فعليك دائماً بأن تشعريه بأنه مرافق لك حتى وإن كنت أنت التي سوف تقومين بهذه الواجبات.

أيضاً عليك أن تطلبي منه أن يخرج معك -على سبيل المثال- من أجل ممارسة شيء من رياضة المشي وغيره، وهذا سهل ومتوفر جدّاً في بريطانيا، وفي مثل هذه اللحظات يمكنك أن تطرحي معه أمراً من الأفضل له أن يكون أكثر نشاطاً، وأن يكون فعالاً؛ لأن ذلك سوف يعود عليه إيجابياً من الناحية الصحية وكذلك على الأسرة.

عليك -أختي الكريمة- أن تديري وقتك بصورة جيدة، فهذا سوف يساعدك أيضاً في تخطي هذه العقبات التي نتجت من أن زوجك لا يقوم بالمشاركة الصحيحة أو أنه يتخلى عن واجبه ولا يشارك في أعباء المنزل ورعاية الأطفال.

أنت لم تعلقي إذا كان زوجك يقوم بعمله الوظيفي بصورة جيدة أم لا، فأعتقد أنه إذا كان يقوم بذلك فهذا في حد ذاته أمر إيجابي، وعليك أن تشجعيه أن يكون متميزاً في عمله، وأن يكون على درجة من المسئولية ليقوم بواجباته الوظيفية؛ لأن ذلك سوف يعود عليه من الناحية النفسية ومن الناحية الاجتماعية، وبالطبع هذا سوف يغطي ويسهل على الأسرة التزاماتها المالية.

أما بالنسبة لك فيما يخص الاندفاع نحو تناول الأطعمة بصورة غير صحية، فكما ذكرت لك هو نوع من الاكتئاب الانفعالي الاندفاعي الذي يحدث في مثل هذه الحالات، واستعمال أدوية الاكتئاب خاصة العقار الذي يعرف باسم (بروزاك) وجد أنه مفيد جدّاً في كثير من الدراسات، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرين مليجراما -كبسولة واحدة- بعد الأكل يومياً، يمكنك أن تتناوليه في أثناء النهار أو ليلاً، وبعد أسبوعين ارفعي الجرعة إلى أربعين مليجراما -كبسولتين- في اليوم، ويمكن تناولهما مع بعضهما البعض، ولكن يفضل ذلك دائماً أن يكون بعد الأكل -كما ذكرت لك- واستمري على هذه الجرعة -أربعين مليجراماً- لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، وهذه هي الجرعة الوقائية.

الذي أراه أيضاً هو أن تشجعي زوجك على الخروج بأن يذهب إلى أصدقائه، ويمكنكم أن تذهبوا في زيارة الأماكن الجيدة في بريطانيا كالمتاحف والحدائق وغيرها، هذا كله يبني فيه شيء من الدافعية، وكذلك اجعلي الأطفال يكونون أكثر قرباً منه؛ لأن اقترابهم منه سوف يعطيه نوعا من اليقظة أو نوعا من التنبيه الداخلي بأنه من الضروري جدّاً أن يشارك في رعايتهم وأن يشارك في متطلباتهم، ولابد أن تشعريه بأنكم تعيشون في بلاد قد يصعب فيها التربية وهنالك المشاكل الكثيرة قد تحدث للأولاد خاصة في مرحلة اليفاعة والبلوغ، ولابد أن يتقرب من أولاده، ولا بد أن يقوم بدوره التربوي.

أرى أن مثل هذا التناصح حين يكون زوجك حسن المزاج فهذا أمر طيب جدّاً، وحاولي دائماً أن تحثيه على الصلاة، فعلى سبيل المثال يمكن أن تصليا معاً، ويا حبذا لو كان لكما ورد قرآني وقراءة كتاب مثل كتاب (رياض الصالحين) معاً، فهذا سوف يشجعه كثيراً.

إذن عليك أن تأخذي أنت دائماً زمام المبادرة في هذه الأشياء الطيبة البسيطة، وأنا أعتقد أنه بمرور الزمن سوف تبنى لديه الرغبة والدافعية والتوجه الإيجابي نحو القيام بهذه الأشياء، وإذا نجحت بنسبة ثلاثين إلى أربعين بالمائة فهذا يعتبر إنجازا كبيراً جدّاً، وسوف تتطور الأمور مستقبلاً وتصبح أكثر إيجابية.

المرأة الذكية هي المرأة التي تحافظ دائماً على زواجها مهما كانت الصعوبات، فأنت تفهمين زوجك وتفهمين بيتك، فعليك أن تبني هذا النسيج بصورة أكثر إيجايبة، ولا تجعلي القلق والتوتر والعصبية والشعور الانهزامي يسيطر عليك، فأنت -الحمد لله- قوية وأنت إيجابية، وهذه الأمور السلبية التي تحدث في الزيجات تكون في الغالب هي أمور مرحلية؛ لأن الناس تتبدل وتتغير.

أسأل الله تعالى أن يغيّر أمركم إلى ما هو إيجابي، وأن يحصل التوافق فيما بينكما، وأن يؤلف على الخير قلوبكما، وأن يكون زوجك أكثر تفاعلاً فيما يخص متطلبات الأسرة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً