الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع عناد الطفلة وإساءتها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية نشكركم على سماحكم لنا بهذه الفرصة، ونتمنى لكم مزيداً من التقدم إن شاء الله.

أنا أم لابنتين، الأولى عمرها أربع سنوات، والثانية عمرها سنة وأربعة شهور، أعاني مع ابنتي الكبيرة في تصرفاتها وعدم الرد على الكبار، وتمردها علينا، بل وتستخدم الفاظا لا تصح أن تقال لي ولأبيها ولكل الأقارب، بل وأي أحد قد تنزعج منه، حاولت معها بكل الطرق: المكافأة، والعقاب، والتحذير، ولم ينفع معها، وعندما أغضب منها كثيراً وأضربها تضرب أختها الصغيرة، بل وتقول لي بأنها تحب الضرب فاضربوني، مع أننا غير مقصرين معها في أي شيء، وكل شيء متوفر لها، وعندما أتفق معها أنني سأكافئها إن سمعت الكلام ترد إلى حين تأخذ المكافأة ثم ترجع لعادتها!

أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ضحى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأطفال ليسوا بشريحة واحدة في مسلكهم وكذلك في تصرفاتهم، فهذه البنية -حفظها الله تعالى- لا شك أنها قد اكتسبت هذا السلوك السلبي خاصة الألفاظ التي تستعملها في بعض الأحيان، فلابد أنها سمعتها من الآخرين، وبما أن السلوك السلبي هو أمر مكتسب ومتعلم وليس أمراً فطرياً فالشيء المكتسب والمتعلم يمكن أن يُفقد.

أولاً: الذي أرجوه منك هو ألا تكون نظرتك سلبية دائماً نحو الطفلة، فالكثير من الآباء والأمهات إذا كان لدى أطفالهم اضطراب في المسلك أو أن الأمور لا تحدث بالصورة التي تروق للآباء والأمهات بعد ذلك يتكون انطباع سلبي دائماً على الطفل، فأرجو ألا يكون لك مثل هذا التوجه.

انظري إلى الأشياء الإيجابية في ابنتك وحاولي أن تعززيها وحاولي أن تحفزيها بناء على ذلك.

أما بالنسبة لهذه السلبيات فأرجو دائماً أن تحفزي البنت بالتقرب إليها، وباحتضانها، وبإشعارها بأنها ذات أهمية وليس من الضروري أبداً أن تكون المكافآت دائماً هي مكافآت مادية، فالتحفيز اللفظي يعتبر من أفضل أنواع التحفيز للأطفال.

ثانياً: عليك أن تتجاهلي بعض تصرفاتها السلبية البسيطة؛ لأن لكل فعل ردة فعل، فأنت إذا دخلت في كل صغيرة وكبيرة وقمت بتوبيخ الطفلة أو عقابها لكل تصرف هذا ربما يعزز السلوك السلبي لديها، إذن فعليك بعد التحفيز عليك أيضاً بالتجاهل.

وبعد ذلك يأتي نوع من العلاج السلوكي الذي نراه ضرورياً، والذي لا نقول أنه عقاب ولكنه نوع من التشجيع السلبي الذي يساعد في اختفاء مثل هذه الأعراض، أرجو ألا تلجئي إلى الضرب بل قومي بحبس البنت في الغرفة لمدة خمس دقائق لأي خطأ ترتكبه، إذا كان الخطأ يتطلب ذلك بالطبع، ويجب أن تعلّم بعد أن تفتحي لها الباب وتخريجها من الحبس أنها إذا كررت هذا الخطأ أو أي شيء مماثل سوف تحبس للمرة الثانية أو التالية لفترة أطول، هذا وجد أنه من أفضل أنواع العلاج السلوكي الذي يجعل الطفل يتهيب الدخول في ممارسات سلبية.

بعد ذلك عليك أيضاً بقيام ببعض المعالجات النفسية، فعلى سبيل المثال حين تتلفظ الطفلة أو ترد رداً غير لائق فلا نلجأ بالهجوم عليها ونعاقبها، إنما تقولي لها بكل ود: (يا حبيبتي كان من المفترض أن تردي بكذا وكذا)، فيجب أن نعلمهم ويجب أن نلقنهم، هذا بالطبع سوف يبني مشاعر إيجابية داخلية لدى الطفل.

هنالك من يستعمل طريقة النجوم كطريقة تحفيزية، بمعنى أن تُعطى الطفلة نجمتين أو ثلاث توضع على الكراسة أو على الحائط أو قريباً من سريرها حين تقوم الطفلة بأداء أي عمل إيجابي، وتخصم أو تسحب منها نجمتان حين تقوم بأي عمل سلبي، وبعد ذلك يستبدل مجموع ما اكتسبته من نجوم بهدية بسيطة حسب عدد النجوم التي اكتسبتها، هذه الطريقة أيضاً طريقة جيدة ومحفزة للأطفال.

وعليك أيضاً أن تقربي بينها وبين أختها، وذلك بأن تجعليها هي الراعية لأختها، واجعليها على سبيل المثال أن تعطيها البربرونة ( الساهية/البزازة) أو أن تقوم بتبديل ملابسها - وهكذا – واجعليها تشعر بأهميتها وبوجودها وأنها عضو فعال داخل الأسرة، فإن هذا يساعد كثيراً.

أيضاً عليك بأن تجلسي معها - على سبيل المثال - في أوقات مشاهدة التلفاز، في برامج معينة تخص الأطفال، واشرحي لها وتفاعلي معها، فهذا أيضاً وجد أنه يساعد كثيراً.

وعليك أيضاً أن تستفيدي من الألعاب، فقد وجد أن اللعبة هي وسيلة طيبة وتعليمية وتهدأ كثيراً من قلق وتوتر الطفل.

أيضاً يجب أن تتاح الفرصة لهذه الطفلة بأن تندمج مع الآخرين الذين في عمرهم؛ لأن الطفل يتفاعل أكثر وبصورة إيجابية مع الأطفال الآخرين، وقد يتعلم منهم الكثير من السلوكيات الإيجابية.

هذه هي الأسس التربوية الضرورية، وأرجو ألا تنفعلي كثيراً؛ لأن هنالك بعض الأمهات لديهم عدم القدرة على تحمل أقل تصرفات سلبية من الطفل، حتى إن هنالك دراسة أشارت أن مثل هؤلاء الأمهات اللائي يتفاعلن لكل صغيرة وكبيرة مع الطفل ربما يكون لديهنَّ معاناة نفسية داخلية تتجسد في اكتئاب نفسي أو قلق نفسي داخلي.

أنا لا أقول أنك مصابة بذلك أبداً، ولكن الذي أقوله هو أنه من المفترض أن يكون لديك تحمل أكثر، واعلمي أن الأطفال أصلاً ليسوا بشريحة واحدة، وأن الطفل ليس من الضروري أن يكون مستكيناً ومستسلماً لأن هذا أيضاً مضعف للشخصية، وأيضاً أرجو ألا تلجئي إلى الضرب لأن الضرب من الوالدين في لحظات الغضب يبني قهرا وهزيمة داخلية، وضعفا في شخصية الطفل حين يكبر.
أسأل الله تعالى أن يحفظها ويقر عينك بها، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً