الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة تقليد الطفل لأحد إخوانه وكيفية بناء شخصيته المستقلة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طفلتي عمرها ثلاث سنوات، وهي دائمة التقليد لأخيها الأكبر منها في كل شيء، وهي تعي تماماً أنها بنت وهو ولد، ولكنها تتصرف مثله حتى عندما يريد دخول الخلاء، فإنها تبكي وتطلب أن تدخل قبله، وهذا حالها معنا جميعاً، وأعتقد أن هذا ناتج عن غيرتها من أخيها الأكبر والأصغر، ولها أيضاً تصرفات سلبية أخرى، فهي تبكي لأتفه الأسباب، وأحياناً أكون صبورة معها، ولكن عندما يتم تكرار نفس الخطأ فلا أستطيع تمالك نفسي معها، فكيف أستطيع أن أجعل لها شخصيتها المستقلة؟!

علماً بأن شعر رأسها رفيع جداً، وإذا شده أحد فإن شعرها يخرج في يده، فهل هذا طبيعي؟ لأن شعر أخيها الأكبر ليس بهذا الضعف.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أم عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الطفلة تكثر من تقليد أخيها، وهذا ربما يكون ناتجا من أن الوقت الذي تقضيه مع أخيها في المنزل هو وقت طويل، ولا تجد فرصة للاحتكاك مع أطفال آخرين، خاصة مع بنات من جنسها، وهذا ربما يكون هو السبب الأساسي.

والسبب الآخر: ربما يكون لأخيها الشخصية القوية النافذة، مما جعلها تكون مقلدة ومتبعة له، فإن تقليد الأطفال، واتباعهم لبعضهم البعض هي ظاهرة معروفة جدّاً، ونحن لا نتخوف كثيراً بالنسبة لسلوك الأطفال، فيما يخص جنسهم قبل عمر خمس سنوات، حيث يحصل الكثير من التداخلات في التنشئة، والتصرفات مما يصعب في بعض الأحيان التفريق بين سلوك الولد وسلوك البنت، ولكن بعد عمر الخمس سنوات لابد أن تكون الأمور واضحة، ولابد أن يلتزم الأبوان بأن تُنشأ البنت كبنت والولد كولد، وهذا ضروري جدّاً.

وهذه الطفلة محتاجة لنوع من الاستقلالية، وربما يتطلب الأمر منك بعض الجهد لتجعليها تقلدك أنت، فحاولي على سبيل المثال أن تضعي ملابسها مع ملابسك، وأن تجعليها تقوم بالأشياء التي تقوم بها الأنثى في حدود ما تدركه في هذا العمر.

ويمكنك أيضاً التركيز على الألعاب ذات الطابع الأنثوي، أو الألعاب التي تناسب البنات، فاجعلي لها دمية (لعبة) أنثوية تنشغل بها، وتحاول على سبيل المثال أن تقوم بتنظيف وترتيب وتمشيط شعر هذه الدمية وهكذا، فإن هذا يبني لديها داخلياً نوعاً من التوجه نحو جنسها، وإن كنتُ غير منزعج أبداً في هذه السن لتحديد جنس الطفل.

وهناك أمر ضروري إتاحة الفرصة لها للالتقاء مع أطفال آخرين، خاصة من جنسها، مع علمي أن ذلك ربما غير متيسر في بلاد مثل هولندا، ولكن عليكم المحاولة بالالتقاء بأسر مسلمة أخرى في نهاية الأسبوع، وأعطوا البنت الحرية لكي تلعب مع الأطفال الآخرين، ويجب أن لا يكون أخوها متواجداً مع نفس المجموعة من الأطفال، فإن هذا يعطيها القدرة على الاختلاط والتعرف على أطفال آخرين غير إخوانها.

وأرجو أيضاً أن تلجئي إلى تحفيزها، فقومي على سبيل المثال بإعطائها شيئاً تطلبه، وبعد ذلك قومي بتحفيزها أيضاً عن طريق الكلام وتقبيلها واحتضانها، ثم اطلبي منها الشيء الذي قمت أنت بإعطائه لها، وبعد أن تعطيك ما طلبته منها قومي أيضاً بتحفيزها واحتضانها وتقبيلها، فهذا يبني فيها نوعا من الاستقلالية ويبعدها قليلاً من تقليد أخيها.

وأما محاولتها لدخول الحمام وتسابقها مع أخيها، فأعتقد أنه بالشرح البسيط لها أن هذا ليس صحيحاً يمكن أن تحل هذه المشكلة، وفي نفس الوقت حاولي أن تلفتي نظرها إلى نشاط آخر حين يود أخوها دخول الحمام، فيمكن أن تُشغل ويوجه انتباهها إلى نشاط آخر بأن تطلبي منها على سبيل المثال إحضار شيء معين يكون محببا ومفضلا لديها.

وأما بالنسبة لكثرة البكاء فربما يكون هو تعبير عن الاحتجاج ومحاولة لفت النظر، ونحن ننصح في مثل هذه الحالات بتجاهل الطفل قدر المستطاع، وأن نحفز الطفل ونشجعه لأي عمل إيجابي يقوم به، وأعتقد أن تطبيق طريقة النجوم قد تكون مجدية مع هذه الطفلة في هذا العمر، بمعنى أن أي عمل إيجابي تقوم به تُعطى عدداً معيناً من النجوم كنوع من الحافز وتُسحب منها نجوم معينة في حالة قيامها بأي فعل سلبي كالبكاء مثلاً، وبعد ذلك يستبدل ما اكتسبته من نجوم بمكافئة معينة في نهاية الأسبوع.

وخلاصة الأمر هو: أن هذه الطفلة محتاجة لأن تخصصي لها وقتاً أكثر، وحاولي أن تعطيها الفرصة للالتقاء مع أطفال آخرين دون وجود أخيها، ومارسي معها التجاهل كوسيلة علاجية لبعض التصرفات السلبية، وحاولي أن تحفزيها وتبني فيها السلوك الإيجابي، حيث أن التحفيز هو أفضل وسيلة لتغيير السلوك.

وأما الضعف الذي لوحظ في شعرها فربما يكون من الأفضل مراجعة الطبيب لذلك، حيث إن نقص الفيتامينات ربما يكون سبباً في بعض الأحيان أو وجود نوع من الالتهابات في جذور الشعر ربما تلعب أيضاً دوراً في ذلك، فسيكون من الجيد والمفيد أن تعرضيها على طبيب الأسرة، وربما يقوم بإعطائها نوعا من الفيتامينات التعويضية، وذلك بعد أن يقوم بفحصها.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً