الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج الدوائي والسلوكي للخوف من السباحة في البحار والبرك العميقة

السؤال

أنا رجل أخاف أن أسبح في برك السباحة العميقة والبحار، لأني أخاف أن أغرق، أستطيع أن أسبح في برك ليست عميقة، والذي أستطيع فيها أن أقف بدون أن أغرق أو رأسي ينطمر في الماء، رغم أنني أقوم كثيراً بالتدريب، وكان المنقذون بجانبي، ولكن عندما أكون بمفردي بدون منقذ فلا أستطيع أبداً أن أسبح في العمق، وأشعر بخوف شديد كلما اقتربت من بركة عميقة أو في أي بحر، أبقى في الماء المنخفض دائماً، فما هو السبب وما هو العلاج؟

أرشدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن الذي تعاني منه يعرف بـ (المخاوف البسيطة) أو (المخاوف الخاصة)، وهذا الخوف الذي تعاني منه أيضاً يعرف بـ (الخوف الوسواسي)، ويسميه البعض بـ (الخوف التوقعي).

حقيقة السبب في مثل هذه المخاوف غالباً من نوع من التجارب أو الخبرات السابقة، فربما تكون قد سمعت عن قصص لمن غرقوا أثناء دخولهم البحر، أو هذه الحوادث التي تُذكر عن غرق السفن والمراكب ونحو ذلك، وهذه قد لا يعيرها الإنسان اهتماماً، ولكن بعض الناس لديهم القابلية والاستعداد بأن تحتقن أعماقهم الوجدانية الداخلية وهذا يؤدي إلى تولد مثل هذه المخاوف.

وبعض الناس بالطبع يكون لديهم تجارب مباشرة عاشوا أحداثاً معينة هي التي جعلتهم يحدث لديهم هذا النوع من الخوف.

طريقة العلاج هي بالطبع أن تقوم بإجراء المزيد من التمارين، وهذه بالطبع مطلوبة؛ لأن التمارين سوف ترفع من كفاءتك وسوف ترفع من مهاراتك، وفي ذات الوقت سوف تعطي الثقة بنفسك.

ثانياً: هنالك علاجات سلوكية نسميها بـ (علاجات التعرض في الخيال)، ونقصد بذلك أن تكون جالساً في مكان هادئ وتتأمل لمدة عشرين دقيقة على الأقل أنك تسبح في بحرٍ هائج وأمواج متلاطمة وأنت وحدك، عش هذا الخيال بكل قوة وبكل جدية، ولابد أن تدمج التصور الخيالي بأن تصل إلى النهاية السعيدة، وهي أنك - والحمد لله - استطعت أن تسبح إلى بر الأمان.

عش خيالاً آخر: فتصور أنك كنت في مركب مع مجموعة من الناس وغرق هذا المركب، وأنت - بفضل الله - استطعت أن تنقذ نفسك وأن تنقذ أحد الأشخاص الآخرين، وهكذا.

هذه الخيالات لها فائدتها العلمية، وهذه مثبتة ولا شك في ذلك، فأرجو أن تأخذها مأخذ الجد وتحاول أن تشبع نفسك بها، فهذا سوف يقلل بكل تأكيد من المخاوف، وحاول أيضاً أن تقرأ عن البحار وعن السباحين الكبار، وأن تعرف أنواع السباحة، فهذا سوف يشبع عقلك الباطني بمفاهيم جديدة حول السباحة وفائدتها.

هذه طرق أراها جيدة وأراها مفيدة، وهي من أفضل الوسائل لعلاج المخاوف الخاصة أو ما يعرف بالمخاوف البسيطة.

هنالك أيضاً أدوية تساعد في تقليل مثل هذا الخوف، وهذا الخوف نحن نعتبره أيضاً يأتي تحت أمراض القلق كما ذكرت لك، فهنالك عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وهو عقار سليم جدّاً ولا يؤدي إلى أي نوع من الاسترخاء العضلي أو النعاس، بمعنى أنك يمكنك أن تتناوله وتسبح دون أي مشكلة، وهو دواء في الأصل مضاد للاكتئاب ولكنه يفيد في مثل هذه الحالات أيضاً.

أنا لا أحتم على استعمال هذا الدواء، ولكن أرى أنه قد يفيدك، فلا مانع أبداً أن تجرب هذا العقار، خاصة أنه عقار سليم، فتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم بمعدل كبسولة واحدة كل يومين لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

هذا الموضوع موضوع بسيط، وأرجو ألا يكون شاغلاً لك، فقط عليك الثقة بنفسك، وعليك أن تقتحم أفكار الخوف وأفكار القلق، وأن تحقرها وأن تستبدلها بأفكار أخرى، مع التركيز على التعرض في الخيال، وبعد ذلك يأتي التطبيق وتطبيق الإرشادات التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وكل عام وأنتم بخير،وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً