الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بين الإرادة الكونية والشرعية.

السؤال

السلام عليكم.
قرأت الفتوى رقم (16183) والاستشارة رقم (283768)، وحصل لدي لبس، ففي الفتوى إشاره إلى أن الزوجة من سعي الإنسان وتدبيره، أما في الاستشارة رأي آخر بأن الله هو الذي سيبعث الزوج بحسب إرادته بحسب ما فهمت.
أنا أعلم أن الخطأ في فهمي، فهل من توضيح؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hassan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا تعارض إن شاء الله بين الإرادتين، فكلاهما إرادتان لله تعالى، غير أن سعي الزوج في الزواج من امرأة صالحة، هو من كسبه وإرادته، وهذا يدخل تحت مسمى الاختيار التكليفي للإنسان، حيث يختار الخير أو الشر، ولا تتنافى إرادة الإنسان هنا، مع الإرادة الكونية الأزلية لله تعالى، فهو قد علم بساكن الجنة من ساكن النار قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما علم أقوالهم وأفعالهم وكسبهم، وجميع تفاصيل حركاتهم وسكناتهم ومعيشتهم وحياتهم، ولا تقع إلا وفق ما قدر أزلا.

ونضرب لك مثالاً على ذلك لتوضيح الرؤية: فلو أن شخصاً مبصراً رأى رجلاً أعمى يتجه نحو حفرة، وهو يعلم أنه سيقع فيها لأنه أعمى ولا يراها وأخبر من حوله بذلك، فالشخص المبصر لم يتسبب في وقوع الأعمى في الحفرة وإن كان قد صرح وحكم عليه بذلك، وإنما الأعمى بكسب يديه وقع في الحفرة؛ لأن هذا ما سعى إليه بقدميه، ومثال آخر: لو أن معلماً بالصف يعلم أن أحد الطلاب لم يذاكر، ولم يحضر حتى الدروس، ولذلك صرح قبل الامتحان بأن هذا الطالب راسب، وبعد أن دخل الطالب الامتحان وظهرت النتائج بأنه راسب، فالمعلم لم يظلم الطالب، ولم يتسبب في رسوبه ولكن الطالب هو من نال سعي يديه، هذه أمثلة فقط للتقريب، ولله تعالى المثل الأعلى.

وعليه فلا مدخل للاحتجاج بالقدر، وأن الله قد قدر علي هذا، لأنك لا تعلم ما خبأه الله لك،ولا تعلم ما ستأكل غداً من رزق، ولا تعلم ما سيكون عليك من حوادث في مستقبل الزمان، وهكذا ينبغي التسليم لله تعالى في أقداره الكونية والمصائب التي قد تحل بنا، مع حرصنا على سلوك طريق الخير، ومنها اختيار الزوجة الصالحة في دينها وخلقها؛ لأن هذا مأمور به شرعاً، فلا تعارض هنا بمشيئة الله تعالى، بين سعينا في اختيار الزوجة، وبين كونها قد اختيرت لنا أزلاً وقدراً قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة وأن يثبتك على دينه.
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً