الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني يخاف من الظلام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما هو العمل حيال ابني الذي عمره 11 سنة، والذي عنده خوف من الظلام وخوف بأن ينام قبله الآخرون؛ لأنه في غرفةٍ مع أخته الصغيرة وعمرها 8 سنوات، ويتلاشى هذا كله إذا نام معنا في الغرفة أو مع جدته في غرفتها -أي أن الغرفة مظلمة- وقد يحصل لنا النوم قبله ومع ذلك فهو يستغرق في النوم بهذه الطريقة، والعكس صحيح إذا كان في الوضع الأول مع أخته، فكثيراً ما تسمعه يدخل ويخرج من غرفته قلقاً ويحرص بأن يقفلها ويضيء الأنوار، وقد يوقظ أخته مرات وهي نائمة ويسألها: هل نمتِ أم لا؟

فكيف التصرف الأمثل معه وزرع عدم الخوف فيه؟ مع العلم بأننا نحاول جاهدين عن معرفة ذلك وسؤاله: هل تتخيل شيئاً أم تسمع أصواتاً؟ فتكون الإجابة: لا.

نرجو منكم الإفادة، ولكم جزيل الشكر والتقدير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيُعرف أن الخوف من الظلام والخوف من الحيوانات من أكثر أنواع المخاوف التي يُعاني منها الأطفال، ولابد أن يكون الخوف قد أصاب هذا الطفل نسبةً لتجارب سلبية في الصغر، ويعرف أن هذه المخاوف تختفي بالتدريج.

هنالك عدة طرق لأن يتحسن الطفل:

أولاً: نحاول أن نبني شخصيته وهذا ضروري جدّاً، فلابد أن نشجعه، ولابد أن نحفزه، ولابد أن نجعله يعتمد على نفسه، ولابد أن يرتب ملابسه في الخزانة، ولابد أن يتعلم كيف يدير شؤونه، لابد أن نعطيه الثقة في نفسه، وذلك بأن نستشيره حتى في بعض الأمور الأسرية، وأن نجعله – على سبيل المثال – يقابل الضيوف، وأن نعطيه المهام حتى حين تذهب الأسرة إلى التسوق فنستشيره ونجعله يساهم في اختيار المتطلبات المنزلية، وأن يقوم بدفع المبلغ المطلوب لدى البائع –وهكذا- .

هذه أمورٌ بسيطة ولكنها تدعم الثقة في النفس وتقوي شخصية الطفل، فهذه يجب أن تركز عليها كثيراً.

ثانياً: يجب أن تتاح الفرصة الكاملة للطفل بأن يتعلم مع أقرانه، وأن يقضي معهم وقتاً معلوماً، فإن الطفل يتعلم من الطفل، خاصة الطفل الذي في عمره، وهذا ضروري.

ولابد أيضاً من أن يمارس أي نوع من الرياضة، مثل لعب الكرة وخلافه، فهذا أيضاً يبني لديه العزيمة ويرفع من طاقاته الجسدية ومن طاقاته النفسية.

يأتي بعد ذلك الشرح للطفل، فهذا الطفل يستطيع أن يستوعب، وأنا أحسب أنه يتمتع بدرجةٍ طبيعية من الذكاء، فهذا الطفل يمكن أن يُشرح له، فاحكِ له قصصاً عن نفسك أنك كنت تخاف قليلاً من الظلام ولكن في عمر السابعة تخلصت من ذلك تماماً، فاحكِ له أنه في ليلة من الليالي انقطع التيار الكهربائي وكنت وحدك في المنزل.. وهكذا، قل هذه القصص للطفل واجعله يستوعب أنه ليس الوحيد الذي قد ينتابه الخوف من الظلام، وفي نفس الوقت كيفية التخلص من الظلام.

واجعله دائماً يشعر بأنه دائماً تحت رعاية الله، حتى وإن كان المكان ظلاماً، ولكنه في حرز الله وحفظ الله تعالى، فهذا ضروري جدّاً في إيصال هذا المعنى إليه.

من المستحسن أيضاً ألا تترك الطفل دائماً ملتصقاً بك أو بوالدته أو بجدته، فلابد أن تكون هنالك مسافة جغرافية في أثناء النهار، فأنا أتصور أن هذا الطفل لا يخاف من الظلام فحسب إنما يخاف من الفراق أيضاً، فإذا جعلت هنالك مسافات ومساحات بينكم وبينه في أثناء النهار فهذا سوف يقلل من هذا الشعور.

ما دام يبلغ من العمر أحد عشر عاما وأخته في الثامنة فبالطبع لابد أن يفرق بينهما في المضاجع في هذا العمر، والذي أراه هو أن يُترك الطفل وحده في الغرفة وتكون الإضاءة موجودة، وبعد ذلك يُطفأ النور ويكون هو لازال مستيقظاً وبعد خمس دقائق تعاد الإضاءة، ثم تطفَأ الإضاءة مرة أخرى ثم تعاد الإضاءة؛ حتى يعرف أن الفرق بين الظلام وبين النور ليس كثيراً...وهكذا.

أيضاً يجب أن يحفز الطفل ويشجع، وطريقة النجوم من الطرق الجيدة جدّاً في هذا العمر، بمعنى أن الطفل إذا قام بعملٍ إيجابي فإنه يكافأ بأن يُعطى ثلاث نجمات، وإذا قام بأي عمل سلبي خاصةً إذا أصر أن ينام معكم أو مع جدته هنا تسحب منه النجوم، وبالطبع يُشرح للطفل مسبقاً أنه سوف يستبدل مجموع النجوم التي سوف يتحصل عليها بهدية مفضلة في نهاية الأسبوع.

هذه هي المبادئ السلوكية العامة لأن يتحسن هذا الطفل وأن يقوي من شخصيته، ولابد أن تطبق هذه المبادئ السلوكية من جميع أفراد الأسرة، بمعنى أن لا نريد أن تكون هنالك مسافة بينك وبينه ويذهب لوالدته وتحتضنه، فهذا ليس صحيحاً، فيجب أن يكون مستوى المعاملة واحدة، وبتشجيعه وتحفيزه والشرح له - إن شاء الله تعالى –سيتحسن.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فهنالك من يرى أن للأدوية دوراً بعد عمر العاشرة، فهنالك عقار يعرف تجارياً باسم (تفرانيل Tofranil) ويعرف علمياً باسم (امبرمين Imipramine) وهو من الأدوية القديمة، يمكن أن يُعطى بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، وحتى الأدوية الجديدة الآن هنالك أبحاث تدل أنها يمكن أن تكون مفيدة، فهنالك عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، يمكن أن يعطى بجرعة خمسة مليجرام - وليس أكثر من ذلك – ليلاً، لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر أيضاً.

هذه الأدوية هي في الأصل أدوية مضادة للمخاوف ومضادة للقلق، فيمكن أن يُجرب أحد هذين الدواءين، وهي أدوية سليمة وليست ذات آثار جانبية، فقط ربما يزيد النوم لدى الطفل قليلاً.

إذن هذه هي الإرشادات التي أرجو أن تكون مقنعة، وأرجو أن تطبق، وإن شاء الله سوف يجني هذا الابن فائدةً كبيرة منها، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً