الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الوالدين في طلاق الزوجة

السؤال

أنا متزوج من فتاة أحبها جداً، ولكن توجد بيننا مشاكل استمرت لأكثر من 6 سنوات، وكنت دائماً أتغاضى عن أفعالها لحبي الكبير لها، ولكن فاض الكيل وتم الطلاق بيننا، وبعد فترة تزوجت من إحدى أقاربي، وكانت نعم الزوجة الصالحة، ولكن لم أستطع العيش دون أبنائي ( ولد عمره 6 سنوات وبنت عمرها 3 سنوات ).

وهما يمثلان لي الدنيا وما فيها، فقمت بإرجاع زوجتي الأولى بعد موافقة الثانية، ولكن بدون علم أهلي! وبعد أن انكشف الأمر واجهت كثيراً من المشاكل، وصلت إلى أن أهلي منعوني من رؤية زوجتي الثانية! وقام أبي بطردي من المنزل، وقال إنه بريء مني، مالم أطلق زوجتي الأولى أم أولادي، ونزولا لرغبة والدي وأهلي تم الطلاق، وبعدها رفضت زوجتي الأولى أن أرى أبنائي نهائياً، وأنا الآن لا أدري ماذا أفعل؟ لا أستطيع العيش بدون أن أرى أبنائي.

وينتابني شعور بالعجز وعدم المقدرة على المحافظة على من أحب فانصحوني إلى الطريق الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليس من حق أحد أن يجبرك على طلاق زوجة تحبها إلا إذا كانت هناك أسباب شرعية واضحة وكان الآمر أباً أو أماً لأنهم في تلك الحالة يأمرونك بطاعة الله، وأمر الوالدين بالمندوب يصيره واجباً فكيف إذا أمروك بطاعة الله التي تسندها روح الشريعة ونصوصها.

أما إذا كانت زوجتك مصلية وأنت تحبها ولك منها أولاد فإننا نقول لك كما قال عمر لمن سأله نفس السؤال حيث قال له: عندي زوجة أحبها وأبي يأمرني بطلاقها، فقال له عمر رضي الله عنه: (لا تفعل إنما الطاعة في المعروف) وقد تجد من يذكر لك قصة عمر حين طلب من ابنه عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته فرفض فرفع أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يطلقها، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة منها أن تقول: (إذا كان أبوك مثل عمر فأطع أباك، وقيل أمره بأن يطلق لأن عمر خاف على دين ولده عبد الله منها، ولذلك يكون السبب شرعياً والاعتبار شرعياً).

وأرجو أن تجد من العلماء والفضلاء من يستطيع أن يذكر أهلك بالله، فإن لم يقبلوا الوساطات ولم يخافوا من رب الأرض والسموات فاهتم بأبنائك طاعة لربك، واحرص على إرضاء والديك وصاحبهما في الدنيا معروفا، وليس من الضروري أن تطلعهم على كل صغيرة وكبيرة، وليس من حق زوجتك الثانية أن تمعنك من أولادك وعليها أن تتقي الله فقد تشرب من نفس الكأس، قال تعالى: (( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ))[النساء:9].

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إلى الله، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً