الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انطواء الطفل وعزلته خاصة في المدرسة

السؤال

إخواني الأفاضل! السلام عليكم.
ابني لديه ثلاث سنوات ونصف، أدخلته الحضانة هذا العام وبدأ متحمساً للمدرسة أول الأيام، وقد شكت لنا المعلمة أنه لا يتفاعل معها أو مع زملائه وأنه منطوي ومنعزل لا يكلم أحداً، ولا يرد على معلمته!

وإذا كلمته يعطيها ظهره، ولا يرد ويبكي ولا يسكت، إلا إذا رأى ابنة خالته التي توجد معه في تلك الحضانة -في مثل سنه- وهو لا يلعب بالألعاب الموجودة لديهم في الحضانة! ولا يردد معهم الأناشيد، ولا يكلم أحداً -كما أسلفت- علماً بأنه في البيت طليق في الكلام، وذو لعب ومرح ونشاط، لديه أخ أكبر منه بثلاث سنوات يلعبان سوياً، ونحن نحاول قدر الإمكان ألا نشعره بالغيرة من أخيه، هو مختلط بأصدقائي، وكذلك الجيران، ولا يجد حرجاً في التحدث مع أي أحد إلا في المدرسة.
حاولت معه بكل الطرق أن أحببه فيها بلا جدوى، هو عنيد ولا يسمع الكلام بسهولة، ماذا أفعل معه؟ وكيف أجعله يتعود المدرسة بلا بكاء يومي؟
شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو ألا تنزعج مطلقاً للأمر، فهذا تفاعل يحدث لدى الكثير من الأطفال، وهذا بالطبع نوع من الانفعال الذي نسميه بـ (انفعال الانفصال) أو (الخوف من الانفصال)، بمعنى أن الطفل حين يبتعد عن محيط المنزل ومحيط المنزل دائماً هو الأمان ودائماً هو مصدر الطمأنينة لكثير من الأطفال، خاصة إذا كان الطفل ملتصقاً بوالديه بدرجة كبيرة، يصعب تعويضه خارجياً، إلا أن الأمر قد يتطلب بعض الوقت.

إذن من الواضح أن هذا الطفل يُبدي احتجاجه وذلك بانعزاله وعدم تفاعله مع بقية الأطفال، ولا يشعر بالأمان ولا الطمأنينة بالرغم من الجو الذي هُيئ له، وأنت كما تفضلت وذكرت حين تكون ابنة خالته معه يحس بالطمأنينة، وذلك لأنه قد ألف أن يراها وأن يتفاعل معها.

ليس لدي أي شك أن هذا الطفل بخير -الحمد لله تعالى- ولكنه يعاني مما يعرف بقلق الانفصال أو قلق الفراق.

العلاج هو نفس المبادئ التي ذكرتها وهو أن نحببه في الروضة، وهو أن نقول له: إن الروضة مكان جميل وأنه فيها الألعاب وسوف تقابل الأطفال -وهكذا- وأن والدته تحبه أن يذهب إلى الروضة -وهكذا-.

هذا هو السياق الذي نفضله، كما أنه لابد أن يذهب إلى الروضة يومياً، لا يحدث أي نوع من التقاعس، فإذا تقاعس الطفل يوماً ثم أردنا أن نرسله في اليوم التالي فكأننا قد بدأنا من الصفر، فإن عملية الاتصال أن يذهب إلى الروضة تعتبر هي المحك والمقياس الرئيسي لمدى إمكانية أن يكون متوائماً ومتطبعاً مع الروضة.

هذه يجب أن تكونوا حريصين فيها جدّاً، ويجب ألا تكونوا عاطفيين أو وجدانيين حيال هذا الأمر، فمهما انعزل الطفل ولم يتفاعل فسوف يأتي اليوم الذي ينشرح فيه قلبه ويتفاعل مع بقية الأطفال، وهذا اليوم قريب جدّاً -بإذن الله تعالى-.

حين يعود من الروضة عليكم أن تستقبلوه بالفرح وبالاحتضان وبالتقبيل، وذلك كنوع من التحفيز له أنه ذهب إلى الروضة، ويكرر معه هذا الأمر في الصباح حين يكون ذاهباً إلى الروضة.

نصيحتي أيضاً هو أن تقللوا من ظاهرة أن يكون الطفل ملتصقاً بوالديه في البيت، فلابد أن تكون هنالك مسافة جغرافية ومسافة وجدانية؛ لأن هذه تساعد في بناء شخصية الطفل وفي نفس الوقت تجعله أقل تفاعلاً مع ما يعرف بقلق الانفصال أو تفاعل خوف الانفصال الذي ذكرته لك، فهذه أيضاً ضرورية جدّاً.

سوف يكون أيضاً من الجميل أن يحمل معه بعض ألعابه معه إلى الروضة، فلا مانع أن يأخذ معه أحد ألعابه المفضلة إلى الروضة إذا كان سوف يتم المحافظة عليها هنالك، وإن كنت لا أراه ضرورة شديدة.

فأرجو ألا تنزعجوا وهذه ظاهرة في حياة الطفولة التطورية وهي تحدث - وكما ذكرت لك - وهي تعبير عن الاحتجاج، وتعبير عن قلق الفراق وليس أكثر من ذلك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً