الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الرضا بما قسمه الله للمرأة إذا لم ترزق بولد

السؤال

عمري 31 سنة وزوجي في الـ33، متزوجة منذ سنة و3 أشهر، بعد زواجي بشهر انقطعت الدورة الشهرية تماماً لمدة 6 أشهر ولم تكن كذلك قبل الزواج أبدا، وأثناء ذلك خضعت للكشف وتبين ارتفاع هرمون الحليب إلى 200، وخضعت لعلاج Dostinex لمدة 3 أشهر، بعدها فحصت وكانت النتيجة 13.
ولكن بمجرد انتهاء الدواء عادت الدورة بعد غياب 6 أشهر كاملة تعقدت فيها نفسيتي، 5 أشهر فقط وهي تأتيني تتأخر يومين، ثلاثة، أو تتقدم ولكنها تأتي، والآن شهر شعبان لم تأت، شهر رمضان جاءت 1 رمضان واستمرت 6 أيام خفيفة جداً، وجاءت في 25 رمضان واستمرت 6 أيام خفيفة جداً، شوال جاءت يوم 13 خفيفة جداً (نقط) لمدة 6 أيام، ذو القعدة لا شيء حتى الآن.

أنا أعاني نفسياً خاصة عندما عدت بالأمس من لدن الاستشارية الجديدة التي أتعالج عندها وأنا محطمة من نتيجة التحليل السلبي (لا حمل) .. فعرفت أن هرمون الحليب عاد للارتفاع إلى 192.

أنا أعاني من ضغط اجتماعي مهول وقلة الناحية المادية، أحال حياتي إلى كومة عقد وأمراض نفسية، ولم أعد أثق بأحد واعتزلت الناس لأنهم لا يكفون: لماذا لم تحمل زوجة فلان؟ ولماذا تأخرت؟ أريد أن أعرف تحديداً، ما هي الفحوصات التي من المفترض أن أجريها؟ فالوقت يسرقني ولست صغيرة في السن.

هل أجري فحصاً للغدد جميعاً؟ هل أجري فحص تكيس، وكيف أعرف أنه دقيق خاصة أني أجريته سابقاً وكنت سليمة؟ هل أفحص المبايض وعملها؟ أجريت فحصاً لأتأكد من وجود التصاقات سابقاً -والحمد لله- سليمة، فهل هو كافٍ؟ وهل يشمل الرحم أم أنه خاص بالأنابيب؟ هل لهرمون البرولاكتين علاقة بهرمون Fsh؟ متى أفحص وجود البويضة وصغر حجمها؟ هل يمكن أن أكون مصابة أيضاً ببطانة الرحم المهاجرة .. وكيف تكتشف؟ هل لالتهاب المسالك البولية علاقة بالأمر؟ هل لوجود غازات وقولون عصبي علاقة بالأمر؟ لأني أعاني بين فينة وأخرى منها.

ما هو سبب ارتفاع هذا الهرمون بالضبط؟ إذا كان وزني 44 وطولي 158، هل هناك أطعمة وأشربة معينة تؤثر عليه؟ هل هناك طريقة معينة لتنتظم الدورة؟ أنا جد محبطة، وأحب الأطفال لكني أحب زوجي أكثر وأخاف أن أفقده.

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محبة الأطفال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الحبيبة! أنت لست أول امرأة ولا آخر امرأة لم يرزقها الله الولد، فهذا ليس بطعن في شرعنا ولا ذلك مما يعتبر نقصاً فيك، فزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها وابنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لم ترزق بأي ولد وهي من هي؟ هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا وفي الجنة، وهي التي روت أحاديث كثيرة عن رسول الله وهي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها.

كما عليك أن تعلمي وتؤمني يقيناً أن الله سبحانه العادل الرحيم بعباده، فنحن لا نعلم الغيب ولا نعلم ما ينفعنا، فقد يؤخره الله إلى أجل ليعلم صبرك ويختبرك، وقد يكون في تأخيره خير لك، وهذا ما لا يشك فيه، فكم من أم رزقت بالولد فكانت الذرية وبالا عليها، ولا تربطي بقاء زوجك معك بالولد، فالمرأة المتقية لربها، المطمئنة الصابرة، المحتسبة الحكيمة، لا تجعل ذلك سبباً في تعاستها وتعاسة من حولها ومنهم زوجها، بل تستعين بالله على حزنها وتسأله الصبر والرضا، فما فائدة البكاء والنواح! فإنه لن يغير شيئاً بل يزيد الأمر تعاسة ويمرض الإنسان ويفتح للشيطان أبواب القنوط واليأس من رحمة الله وفضله، وقد يجر الإنسان إلى الكفر بأقدار الله والعياذ بالله من ذلك.

أختي الحبيبة! لن يعينك في هذه المحنة إلا خالقك، فأكثري من اللجوء إليه بالدعاء في الليل والنهار بمناجاته، وعليك بقيام الليل وما أدراك ما قيام الليل؟ فهي من العبادات العظيمة بعد المفروضة التي تثبتك وتشرح صدرك وترزقك الطمأنينة والسكينة فضلا عن أنها سبب لدخول الجنة، وإذا كانت في الثلث الأخير من الليل كان أفضل وأدعى لإجابة الله دعاءك فالله ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول : من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) رواه البخاري.

ولديك الاستغفار، فأكثري منه فإنه من أسباب رزق الذرية والمال؛ لقوله سبحانه: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))[نوح:10-12].

والصدقة، فهي سبب في الشفاء من المرض فضلا عن ما للصدقة من أجور أخرى عظيمة ولا يلزم أن تكون الصدقة شيئاً كثيراً، فيكفي بإذن الله اليسير، فرب درهم سبق ألف درهم.

كذلك الرقية الشرعية من القرآن والسنة فهي سبب للشفاء بإذن الله لأدواء النفس وأدواء الجسم.

فلا من سبيل إلى القنوط واليأس وأنت مع الله في كل دقيقة وساعة، وقلبك متعلق به سبحانه، وهل بعد ذلك حزن وهم وأنت مؤمنة واثقة، قد أحسنت الظن بربك.

وهذا لا يكلفك الكثير، ولا يكلفك إلا مجاهدة نفسك والشيطان وعدم استعجال النتيجة، فاستعيني بالله على ذلك.

وهذا كله مما يبعث الهدوء والطمأنينة والسرور في النفس والقدرة على مواجهة المشكلة.

ثم نأتي إلى الأسباب الدنيوية المشروعة وهي طلب العلاج مع إيمانك أن الشفاء إنما هو بيد الله.

فأول مسألة: وهي زيادة هرمون البرولاكتين (Hyperprolactinemia ) وله أسباب متعددة، أولها الضغوط النفسية، وبإذن الله إذا استعنت به فستحل الكثير من مشاكلك الصحية، ومن أسبابه خمول الغدة الدرقية ( Hypothyrodism)، وكذلك استخدام بعض الأدوية كمضادات الهيستامين وبعض أدوية الضغط، بالإضافة إلى وجود أسباب أخرى كالأورام الحميدة في الغدة النخامية (Adenoma of pituitary) أو ضعف في بعض حواجز المخ Empty sell syndrome).

وارتفاع هذا الهرمون يؤثر في الإباضة وبالتالي يسبب اضطراب الدورة وتأخر حدوث الحمل، فيجب علاج سبب ارتفاعه لتعود الإباضة وتعود الدورة لطبيعتها.

أما بالنسبة لعلاقة هذا الهرمون بالهرمون المنشط للجريبات Fsh) ) فهي علاقة غير مباشرة، فارتفاع هرمون الحليب قد يكون بسبب وجود تكيس المبايض الذي يرتفع فيه هرمون Fsh.

أما التحليل الذي عملته لمعرفة الالتصاقات في الأنابيب فإذا كنت تقصدين ما يسمى بفحص الصبغة (Hystro- salpingography) فهذا الفحص كذلك يبين مشاكل الرحم وليس فقط الأنابيب، وبما أن التحليل سليم ـ فالحمد لله ـ لا تحتاجين إلى إعادته ويسهل عليك موضوع العلاج إذا احتجت له.

أما بالنسبة للبطانة المهاجرة فهذا المرض له أعراض نعرف من خلالها أو تكون احتمالية وجوده عالية، كوجود آلام خلال الدورة أو قبلها بأيام وتكون شديدة بشرط أن هذه الآلام طرأت على المرأة أي لم تكن تعاني منها من قبل وتكون قوية كما ذكرت ليست كما اعتادت النساء عليه من الأوجاع والآلام، وقد تسبب آلاما عند الجماع دائماً وليس عارضا، وهذا يمكن معرفته عن طريق الفحص السريري والتشخيص الأكيد له هو عن طريق المنظار، وأرى أنك لم تذكري شيئاً من ذلك فلا تفتحي عليك أبواب الوساوس والهواجس.

أما بالنسبة لالتهاب البول أو أمراض القولون فليس لها أي علاقة بتأخير الحمل.

فالتحاليل التي عليك عملها إذا لم تعمليها:

أولاً: التحاليل الهرمونية:

( اعملي هذه التحاليل في اليوم الثاني أو الثالث من الدورة ).
1. تحليل الغدة الدرقية Tsh ، T4 ، T3
2. تحليل هرمونات المبايض Fsh، Lh ، Dhea-s ،
Total testeron
17-Hydroxyprogestrone
3. أعيدي تحليل هرمون البرولاكتين Prolactin، ومن المهم أن لا تعملي أي جهد عضلي كالرياضة أو الجماع أو التعرض للضغط النفسي قبل التحليل بثلاثة أيام.

ثانياً: تحليل السكر.
1. تحليل وأنت صائمة (صوم حوالي 10 ساعات مثلاً من 10ليلاً إلى7 صباحاً ) وهذا يسمى تحليل مقاومة الأنسولين Fasting insulin resistence
2. وتحليل الجلوكوز صائمة كذلك Fasting glucose

ثالثاً: تحاليل الأشعة:

1. التلفزيون أي الموجات الفوق الصوتية ( Ultrasound ) للحوض لرؤية المبايض إذا كان فيه تكيس، فإذا عملت الفحص فلا تحتاجين لإعادته، أما بالنسبة لمتابعة حجم البويضات فبعد أن يتم تنظيم الدورة وعلاج ارتفاع هرمون الحليب يمكن عمل تحليل هرمون البروجيستون لمعرفة نسبة الإباضة ومتابعة حجم البويضات مع استخدام المنشطات إذا لزم.

2. الأشعة المقطعية للرأس لتشخيص أي أورام حميدة إذا وجدت (CT) أو (Mri) والحمد لله العلاج عادة بالأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع البرولاكتين، أي ارتفاع هرمون الحليب.

للعلم، فإذا عولج ارتفاع هرمون الحليب ( كان هو السبب الرئيسي ) فستعود بإذن الله الإباضة لطبيعتها، وقد يحدث حمل مباشرة بعد العلاج وقد لا تحتاجين إلى أي علاج إضافي.

أما وزنك فهو طبيعي وجيد، لكنك لم تذكري إذا زوجك قد عمل أي تحاليل؟ وهل كانت طبيعية أم لا؟

أسأل الله العظيم أن يرزقك الذرية الصالحة التي تقر بها عينك، آمين.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً