الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقيقة السعادة الزوجية والطريق إليها

السؤال

السلام عليكم

هل يوجد بالفعل شيء اسمه الحب بين الأزواج؟ وهل حقاً يمكن أن تكون هناك سعادة بينهما؟ ولماذا يعاني الأزواج من النقص العاطفي؟ وكيف هو الطريق للسعادة الزوجية؟!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يمنَّ عليك بحياة زوجية سعيدة مستقرة آمنة مطمئنة.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الحياة بلا حب كصحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، وتكون نوعا من العقوبة للطرفين معاً، وأشبه ما تكون بحياة في داخل سجن حديدي مرهق، ولا تقوم حياة حقيقية إلا في إطار المحبة والمودة بين الطرفين، وكلما كانت الحياة مفعمة بالحب ومليئة بالعطف والحنان كانت سعيدة بكل ما تحمل الكلمة من معاني؛ لأن الحب هو البلسم الشافي وسر هذه الحياة، ولذلك أمرنا الله تبارك وتعالى بحبه وطلب منا أن نسأله أن يرزقنا ذلك، بل وجعل محبته من أساس تذوق حلاوة الإيمان، وكذلك محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل أيضاً المحبة في الله تعالى من أهم عوامل تذوق حلاوة الإيمان.

فنحن كمسلمين لا نرى حياة بغير حب؛ لأن الحب إنما هو ثمرة طبيعية للتفاهم والتراحم والتعاطف بين الزوجين، والحب ثمرة طبيعية لطاعة الله واستقامة الزوجين على منهج الله، فعندما يتم الاحتكام إلى دين الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة تجد بينهما من الانسجام والمحبة والوئام ما تضرب به الأمثال، ولا أدل على ذلك من مسألة خروج النبي عليه الصلاة والسلام للسفر وتسارع كل واحدة من زوجاته لأن تكون معه، حتى اضطره الأمر إلى أن يجري بينهم قرعة أيهم تخرج معه، وهذا يدل على المحبة الكبيرة.

والسعادة الحقيقية التي ينعم بها الزوجان تنتج عن الاختيار الصحيح لبعضهما قبل الزواج، وحتى تتوفر لك السعادة الحقيقية في الدنيا قبل الآخرة لابد من أن تكون أسس الاختيار سليمة، وسوف تجدين ذلك وتحكمين بنفسك بعد أن يمنَّ الله عز وجل عليك بزوج صالح ملتزم يفهم دينه فهماً صحيحاً شمولياً واسعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) كان نتيجة إخبار الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام بعوامل السعادة الحقيقية التي تضمن للفتاة المسلمة أو الزوجة المسلمة سعادتها وأمنها وأمانها واستقرارها، فإذا أكرمك الله تعالى بزوج من هذا الطراز - صاحب دين وخلق - فلابد أن تتوفر السعادة.

وكذلك أيضاً فإن النبي عليه الصلاة والسلام عندما قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) كان يعلم أن الدين هو الذي يجعل المرأة تضحي بكل شيء من أجل إسعاد زوجها، ولا مانع أن يكون مع الدين جمال؛ لأن الجمال مطلوب ويحث عليه الإسلام.

وعليك أن تعلمي أن هناك بيوتاً مليئة بالسعادة وهناك بيوت مليئة بالحب في الإطار الشرعي بعيدة عن كل ما يُغضب الله تعالى، ولكن بعض الناس يفهمون بعض الأمور من الدين ويجهلون كثيراً مما يترتب عليه عدم القدرة على التطبيق أو تقديم النموذج الكامل للحياة الإسلامية الراقية السعيدة، ولو كان لديهم فهم شامل لنتج عن ذلك سعادة ومحبة وألفة ووئام.

فأبشري بهذا الحب وهذه السعادة شريطة أن تكوني ملتزمة بشرع الله فاهمة مدركة لحقوق الزوج عليك وأدب التعامل معه؛ حتى إذا ما جاءك زوجك وجدك كالوردة الجميلة الحسنة المنظر الطيبة الرائحة التي سيظل معها دائماً في بيته لا يخرج إلا للضرورة القصوى من شدة السعادة والحب والتعلق بزوجته الجميلة الطيبة الصالحة، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح فاهمٍ لدينه فهماً صحيحاً متكاملاً حتى تنعمين معه بالحب الحقيقي والسعادة الدائمة في الدنيا والآخرة، والأبناء الصالحين، ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))[الروم:21].

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً