الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأرق .. الأسباب والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مشكلتي أني لا أستطيع النوم بسهولة، بل أظل أتقلب في الفراش ساعات طويلة، قد تصل إلى ست ساعات، حتى لو كنت مرهقاً أو نعسانا، وقد استعملت البرازولام 50 ملجم لمدة شهر بمقدار حبتين في الأسبوع، وذلك لأنني لم يكن بمقدوري الاحتمال أيام الامتحانات، إلا أنني توقفت عن هذا الدواء خوفاً من الأضرار الجانبيه لهذا الدواء، كما أنني لا أعاني من القلق أو الاكتئاب، بل جاءني الاكتئاب بسبب الأرق وقلة النوم، وهذا الأرق أتعبني وجعلني أكره الحياة، فبم تنصحونني؟ وهل المدة التي استخدمت فيها الدواء قد تكون أثّرت عليّ وسببت لي الإدمان؟!

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأرق قد يكون سببه ظرفياً، بمعنى أنه مرتبط بتغير حياتي معين أو ظرفي، وهذا يكثر في أيام الامتحانات لدى بعض الطلاب، والبعض حتى إن غيَّر مكانه أو سافر من مكان إلى مكان ربما يأتيه اضطراب في النوم وصعوبة في بدايات النوم خاصة.

وأسباب الأرق الأخرى قد تكون أسباباً نفسية ومنها القلق النفسي والاكتئاب النفسي، وهنالك أمراض نفسية وذهانية أخرى قد تؤدي أيضاً إلى الاضطرابات في النوم، وتوجد أسباب عضوية أيضاً للأرق وهذه لا علاقة لها بمشكلتك الحالية.

وفي رأيي أن الأرق الذي تعاني منه هو نوع من الأرق الظرفي، وربما يكون لديك أيضاً أعراض قلق بسيط أنت لم تستشعره بصورته الإكلينيكية الكاملة، ولكن مجرد انشغالك وعدم مقدرتك على النوم بصورة صحيحة هذه في حد ذاتها تدل على وجود القلق النفسي وإن كان بدرجة بسيطة.

ولا شيء أبداً يدعوك لأن تكره الحياة وتتمنى الموت، هذا ليس صحيحاً ولا يجوز، المشكلة بسيطة وأنت شاب لديك الكثير مما يمكن أن تقوم به في الحياة ولله الحمد، ويجب أن لا تفكر بمثل هذه الأفكار السوداوية، وفوق ذلك أنت مسلم والمسلم لا يتمنى الموت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد متمنيا فليقل اللهم أحيّني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).

ولكي تساعد نفسك لتتحصل على نوم جيد يجب أن توزع وقتك بصورة صحيحة، تعطي نفسك قسطا من الراحة، تمارس بعض التمارين الرياضية، كما أنه سيكون من الجيد والمفيد لك أن تذهب للفراش ليلاً في وقت معلوم؛ لأن تثبيت وقت النوم يساعد في استجلاب النوم، وهذا الانتظام في تحديد وقت النوم يؤدي أيضاً إلى الشعور بالراحة والاسترخاء وعدم القلق، كن دائماً حريصاً على أذكار النوم، وهنالك أدعية مأثورة لعلاج الأرق وهي موجودة في كتاب الأذكار للإمام النووي أرجو أن ترجع لها.

وإذا كنت تتناول الشاي والقهوة أو المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين بكميات كبيرة فأرجو أن تقلل من ذلك، ويفضل أن لا تتناول أبداً هذه المشروبات بعد الساعة السادسة مساء.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فأنت تناولت البرازولام Alprazolam، وهو دواء استرخائي ويساعد على النوم لأنه يعالج القلق في الأصل، وأنت استعملته بجرعة خمسين ميلجرام، واستعمالك له بمعدل حبتين في الأسبوع هذا - إن شاء الله – استعمال بسيط لهذا الدواء ولن يؤثر عليك سلباً أبداً، فأرجو أن لا تتخوف من أي أضرار قد تكون حدثت لك من تناول البرازولام، لأني لا أعتقد أنك قد أدمنت عليه والمدة والجرعة التي تناولتها بسيطة، فلا تقلق أبداً حيال استعمالك لهذا الدواء، ولكني بالطبع لا أنصحك بالاستمرار عليه بعد ذلك.

والأدوية التي نفضل استعمالها الآن في علاج مثل حالتك هي الأدوية المضادة للقلق، وأنت تقول أنك لا تعاني من أي نوع من القلق ولكن هناك أدوية تعالج حتى القلق الداخلي وتساعد في تحسين النوم وفي نفس الوقت هي سليمة ولا تؤدي إلى أي نوع من الإدمان.

وهناك عقار يعرف تجارياً باسم (تربتزول Tryptizol) ويسمى علمياً باسم (امتربتلين Amtriptyline)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراماً لساعتين قبل النوم، سوف تجد أن مستوى النوم لديك أصبح يتحسن، كما أن القلق سوف يزول وسوف تحس أن مزاجك - إن شاء الله - أصبح أفضل كثيراً.

ويمكنك أن تتناول هذا الدواء بانتظام لمدة ثلاثة أشهر فهو كما ذكرت لك غير إدماني، ربما تحس ببعض الآثار الجانبية لتناول هذا الدواء أرجو أن لا تنزعج لها، لأنها سوف تختفي بعد ثلاثة إلى أربعة أيام من تناولك للدواء، هذه الآثار الجانبية تتمثل في الشعور بالجفاف في الفم، وربما الشعور أيضاً بثقل بسيط في العينين، وربما تحس في الصباح أنك متكاسل بعض الشيء، هذه أعراض ربما تحدث وربما لا تحدث، ولكن رأيت من الأفضل ومن الواجب أن أنبهك لها، وعموماً حتى لو حدثت فهي لن تدوم وسوف تختفي بعد أيام قليلة لتناول الدواء.

هذا هو العلاج الدوائي الأفضل لحالتك، وإذا لم تتحسن الحالة بصورة مرضية فهنا يمكنك إضافة عقار آخر يعرف تجارياً باسم (أتراكس Atarax) ويعرف علمياً باسم (هايدروكسين Hydroxzine)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي عشرة مليجرام، تتناولها أيضاً ساعتين قبل النوم، ولا مانع من أن تتناول الأتراكس بجانب الامتربتلين. ويمكن استعمال الأتراكس أيضاً عند اللزوم، بمعنى ليس من الضروري أن تداوم عليه بصورة منتظمة، ولكن بالنسبة للأمتربتلين – كما ذكرت لك – يفضل أن تتناوله كل ليلة لمدة ثلاثة أشهر، ويمكنك الاطلاع على هذه الاستشارة حول أذكار وآداب النوم (277975)، نسأل الله لك حياة هانئة وسعيدة ومستقبلا زاهرا والنجاح في دراستك، والحصول على أعلى الدرجات والتميّز، ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول ابو فهد

    جزاك الله خير وبارك الله فيك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً