الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأم مأوى أطفالها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا كما تعلمون أعيش مع زوجي وأطفالي في أمريكا، الآن أصبح ابني الكبير عمره أربع سنوات والأصغر منه سنتان وطفلتي 5 شهور، في السابق شرحت لكم ما أعاني من غربة وفراغ وعزلة عن العالم هنا في أمريكا، إننا نعيش وحدنا ولا يوجد لنا أصدقاء دائمين، وهذا الشيء أثر سلباً على أطفالي، إذ أنهم أصبحوا دائمي الصراخ بسبب أو بدون سبب، وكثيري البكاء وشديدي التعلق بي، لدرجة أنهم أحياناً يجعلونني أصرخ عليهم بصوت عالٍ لكي يبتعدوا عني، لأنهم أينما ذهبت يأتون إلي سواء بالمطبخ أو بالغرف أو -أجلكم الله- بالحمام يجلسون وراء الباب ينتطرونني كي أخرج، لا أعلم ما هو سبب هذا الشيء!؟ والمشكلة أنهم ليسوا محرومين من الألعاب، بل يوجد عندهم ما يرغبونه أو يطلبونه، وأحياناً كل أسبوع أخرج بهم إلى المتنزه لتغيير جو البيت.

والله لا أخفي عليكم أنني أصبحت مجنونة من العصبية والصراخ، لأنني أنا أيضاً أعاني مشكلة الفراغ والروتين اليومي، وأقول لنفسي لا ألوم أطفالي ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف لي أن أشعر أطفالي بالأمان وأنا لا أشعر به، أو أشغل وقتهم وأنا لا أعرف كيف أشغل وقتي من قلة الناس حولنا؟ أرجوكم كيف لي أن أجعل أولادي في أمان من هذا كله؟

السؤال الثاني: ابني الكبير دائماً يحاول اللعب بعضوه، ويحاول دائماً أن يحتك ببعض الأشياء، وأنا أعرف أن هذا الشيء مرحلة وتمر، ولكن أحياناً أنزعج من تصرفاته، فأنا لا أضربه بل أنهره وأقول له إن هذا الشيء لا يفعله إلا الشيطان ويجب ألا نعمل ذلك، ولكن يقوم مرة أخرى بذلك، فكيف لي أن أجنبه هذا العمل، وجزاكم الله خير الجزاء على كل ما تفعلونه للإسلام والمسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غربة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، ولأطفالك الحفظ والرعاية والتربية الصالحة، وأن يجعلهم الله قرة عين لك.

أختي: من الواضح جدّاً أن التصرف الذي يبدر من أطفالك هو تصرف مرحلي، وذلك نسبة لعدم وجود الحيز الجغرافي والحيز النفسي المتسع الذي يستوعب الأطفال، فأصبحتِ أنتِ الملجأ الوحيد لديهم، وهذا جعل الترابط العاطفي والوجداني بينكما قوياً، ولكن بكل أسف بدأ التحمل لديك يقل، وأنا لا أود أن أضع أي لوم عليك، ولكني أعتقد أن درجة القلق والتوتر وعدم التحمل لديك قد ارتفعت للدرجة التي ربما تكون أدخلتك في مزاج اكتئابي، وهذا لا شك أنه عامل مهم جدّاً في طبيعة الشكوى التي وردت في رسالتك.

أولاً يجب أن تتذكري أن الله تعالى قد أنعم عليك بنعمة عظيمة وهي نعمة الذرية، وتذكري أن الأطفال من حقهم أن يستمتعوا بطفولتهم، وتذكري أننا لا نتعامل مع أبنائنا كشريحة واحدة أو كما نود أن يكونوا، فالأطفال فيهم من يتحمل ويبدل سلوكه وطبعه بالتشجيع، وآخر قد يؤثر فيه التوبيخ البسيط، وهكذا، إذن لا تعاملي أطفالك كشريحة واحدة، ادرسي نفسياتهم، حاولي أن تخترقي ما بداخلهم، وحاولي أن تجدي لهم العذر أنهم دائماً يلتصقون بك ويحاولون الذهاب إليك أينما ذهبت، حتى وإن ذهبت إلى الغرفة أو المطبخ، وفي نفس الوقت استمري تماماً فيما تقومين به من أخذهم إلى الحدائق العامة، ويا حبذا أيضاً لو في نهاية الأسبوع ذهبت بهم إلى أحد المراكز الإسلامية القريبة منكم، وأنا متأكد أن هنالك إمكانيات للأطفال بأن يلتقوا مع بعضهم البعض في مثل هذه الأماكن والأوقات، هذا كله متنفس جيد، وإن شاء الله تزول هذه الأعباء التي أنت منزعجة نحوها، ولابد أن يشاركك أيضاً زوجك في الاهتمام والرعاية بالأطفال، فلا شك أن هذا واجب عليه، وفي نفس الوقت سوف يزيل عنك الكثير من الأعباء.

أنا حقيقة أرى أنه من الضروري جدّاً لك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق والتوتر؛ لأن هذه الأدوية سوف تساعد في التحمل، وأنا لا أقول لك إنك مريضة، ولكن الدراسات تشير إلى أن الأم حين تصل لهذه الدرجة من عدم القدرة على المواكبة والموائمة مع أطفالها فهذا ربما يكون انعكاساً في وجود حالة اكتئابية.

إن عقار ما يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، من الأدوية الجيدة، وكذلك يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو يعرف باسم (باكسيل Paxil)، فأرجو أن تبدئي بأيّ من هذين الدوائين، والجرعة واحدة ومتساوية، وهي أن تبدئي بعشرين مليجرام يومياً لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ترفعي الجرعة إلى أربعين مليجراماً يومياً لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرين مليجراماً يومياً لمدة ستة أشهر أخرى، وبعد ذلك يمكن أن تتوقفي عن الدواء إذا كان هو البروزاك، أما إذا كان اختيارك الباكسيل فيجب أن تستمري عليه لمدة شهر آخر، وذلك بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – يومياً؛ لأن هذا الدواء يتطلب بعض التدرج في انسحابه.

لا بد أن تأخذي أيضاً بالمحددات والعوامل الأخرى التي تساعد على الهدوء وعلى الاسترخاء وعلى الترويح عن النفس، كالحرص على الصلوات في وقتها، وقراءة القرآن، والذكر والدعاء، والزيارات وإن كانت قليلة لمن تعرفون، أو للمراكز الاجتماعية والإسلامية الموجودة في المنطقة، واعرفي أنكم الآن تعيشون في مرحلة تتطلب الكثير من الجهد والمواءمة.

أود أن أشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأن يجعل ذريتك قرة عين لك، وأرجو ألا تيأسي ولا تسأمي، وأرجو أن تتحملي وتتذكري أن هؤلاء الصغار هم نعمة عظيمة من الله تعالى عليك.

أما بخصوص لعب الطفل بعضوه التناسلي، فستجدين الإفادة عن ذلك في استشارات ذات صلة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً