الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوفيق بين العمل والزواج

السؤال

السلام عليكم.

بداية أحب أن أشكركم على جهودكم، ونسأل الله أن يكون هذا في ميزان حسناتكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاماً، بلدي الأصلي الأردن، وأعمل منذ عامين في السعودية.

أرغب بالزواج، وعندي القدرة المادية، ولكنني أخاف أن يكون الزواج لي بمثابة القيد الذي يمنعني من تغير العمل، حيث إنني لا أشعر بالاستقرار في عملي، وممكن في أي لحظة أن أتركه، وأخاف إن تزوجت أن أجبر على إكمال العمل في المكان الذي لا أرغب به.

أنا عندي أهدافاً وطموحات كبيرة، وأشعر أن الزواج سوف يحملني مسؤوليات جديدة، حيث إنني سوف أربط إنسانة معي، وهذا الشعور يجعلني أتردد قليلاً، لا أنكر مدى رغبتي الكبيرة أن أتزوج بأسرع وقت، ولكن الماديات التي حولي تثبطني.

سؤالي لكم: هل ارتكبت خطأ عندما أجلت زواجي لحين استقراري بالعمل، وتحصيلي مبلغاً أبقيه للظروف الصعبة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الغريب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن المرء هو الأقدر على تقدير حاجته للزواج، وبقدر هذه الحاجة تعطى الأولويات.

إن كنت تشعر نسبياً بالاستقرار العاطفي، وكنت مشغولاً أكثر وقتك في العمل، وتشعر بأنك في مرحلة تأسيس، وأن سنك لا يزال مناسباً لتأخير الزواج سنة أو ما يقاربها، وأنك تشعر بالعفاف وعدم الحاجة الملحة للزواج، فلا مانع من التأخير النسبي ولفترة محددة.

لكن على العكس، إن كنت تشعر بأن حاجتك للزواج ضرورة تمنعك من الوقوع في المحظور، أو أنك على مشارف خطر فقدان العفاف، أو أنك غير مستقر من الناحية العاطفية، وأنك تشعر بالوحدة والغربة بعد الدوام، وأنك غير قادر على ضبط نفسك أمام مشاعر النفس أو المغريات الخارجية، بسبب الظروف التي تعيش بها، فعندها يقدم الزواج على توفير المال، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وعد بأنه حق على الله أن يعين الناكح يريد العفاف.

كما وأني لم أجد رابطاً بين قولك: نقل العمل والزواج، فكما تستطيع أن تنتقل أنت لوحدك من عمل لآخر تستطيع أن تنتقل أنت -وأنت متزوج- وأسرتك من عمل لآخر، أم أن المشكلة في نقل الأثاث -وما أصغرها من مشكلة- ولا أجد مبرراً في أن الزواج قيد يمنعك من تغيير العمل، حيث إنك لن تكون موظفاً عند زوجتك حتى لا تستطيع تغيير العمل إن كنت متزوجاً.

لا ننسى أنه عليك أن توفر الحياة الكريمة لزوجتك، بحيث تكون على الأقل بمستوى ما كانت تعيش به عند أهلها.

أخانا الكريم! توكل على الله ولا تعقد الموضوع، فإن كنت قادراً على الزواج من الناحية المالية والصحية والمهنية فتزوج، (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فهو أغض للبصر، وأحصن للفرج)، ولربما بسبب العفاف وتقوى الله والزواج تفتح عليك بركات من السماء، ويرزقك الله من حيث لا تحتسب من عملك الحالي أو من غيره.

ختاماً: إن كنت قادراً على الزواج فلا تؤجل ذلك إلا لأسباب قاهرة، فلربما اليوم أنت قادر وهناك من يرضى بك زوجاً لابنته، بينما الغيب بعلم الله، ولا ندري هل تتغير الظروف فيصبح قبولك من أهل الزوجة مجال تساؤلات؟!

إن كنت تعلم أن الزواج هو خير لك في دينك ودنياك، فسارع في الخيرات، (( وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ))[آل عمران:114]، ولا تعد إلى الماضي لتندم، وتقول: هل ارتكبت خطأ بتأخيري الزواج أم لا بل ابدأ من الآن، واعمل ما يجب عمله.

والله الموفق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً