الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوة إلى التفاؤل في هذه الحياة والاستمرار على تناول عقار التفرانيل لمعالجة الاكتئاب

السؤال

السلام عليكم.

مررت بثلاث تجارب اكتئاب منذ 2006 م، وتعالجت في نوبة الاكتئاب الثانية بالإيفكسر، والآن أنا في الثالثة وأنا حامل، حالياً وصف لي الدكتور النفسي -كما يقول- دواء تم تجربته بأنه آمن على الحمل، ألا وهو توفرانيل 25 مل غرام مرة يومياً مساء.

سؤالي: هل الدواء آمن؟

وثانياً: هل سأبقى طول حياتي أعاني من الاكتئاب؟

أشعر به كسرطان يأكل جسمي، يضعف إيماني عندما يشتد بي المرض بالرغم من تديني، أصل لمرحلة لا أستطيع الحياة، وأتمنى الموت لما أشعر به من عذاب مستمر (24 ساعة) لمدة أشهر.

أفيدوني، كنت فتاة مجتهدة في الجامعة والمدرسة ومتفوقة، مقبلة على الحياة، لكن لو أصبت به للمرة الرابعة قد أموت، إلى متى هذه الأدوية؟ فعندي جبل من الأدوية، وأخي تأثر بي وأصيب باكتئاب، حتى الأدوية أشعر أنها لا تؤثر عليَّ، بالإضافة أنها غالية الثمن، أرهقت مادياً وجسدياً، فأين المفر، هل لا حل للموضوع سوى الموت؟

الدكاترة النفسيون يصفون الدواء فقط دون التحدث معنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأود أن أوضح لك أولاً حقيقة مهمة جدّاً، أن الاكتئاب النفسي مرض منتشر ومنتشر جدّاً، وهو يتفاوت في حدته وفي شدته، وليست هنالك أي مبالغات إذا قلت لك: إن أربعين بالمائة من الناس يعانون من درجة ما من الاضطراب الوجداني، ونعني بذلك الاكتئاب النفسي.

نعم، الحالة تتفاوت من إنسان لآخر، هنالك عسر المزاج، هنالك الاكتئاب البسيط، هنالك الكدر، هنالك الاكتئاب الشديد، هنالك الاكتئاب المطبق، هنالك الاكتئاب السوداوي، وكما قال أحد الأخوة الأطباء الزملاء بأنه يوجد أربعة وثلاثون نوعاً من الاكتئاب، ولكن -بفضل الله تعالى- يوجد خمسة وثلاثون نوعاً من العلاج.

والمرض أيّاً كان نوعه هو نوع من الابتلاء البسيط، وأنا في رأيي أن الاكتئاب النفسي ابتلاء بسيط جدّاً، قد تقولين لي: أنت لم تجربيه؟ وأقول لك: لكني عايشته، وأعرف كل حقائقه، وحقيقة أنا أقول: إن السعداء من مرضى الاكتئاب هم الذي يقدمون أنفسهم إلى مرافق العلاج؛ لأن الاكتئاب مرض يمكن أن يُعالج، الاكتئاب مرض يمكن أن يُهزم ويجب أن يُهزم.

إذن: الحياة جميلة، والحياة هي هبة الله لنا، ويجب ألا يفكر الإنسان في هذا النوع من السأم واليأس والسوداوية، هذا ليس بالصحيح، أمرك بسيط جدّاً، وهنالك من ابتلي بأصعب وأصعب من ذلك كثيراً، وتجدهم بفضل الله صابرين ومحتسبين، فلا أريدك أبداً أن تنظري لنفسك هذه النظرة السلبية، وأنا أعرف من يعانون من الاكتئاب ويتناولون الأدوية لمدة ثلاثين إلى أربعين عاماً، وهم في غاية السرور، وفي غاية الانشراح، وفي غاية الفعالية، وفي غاية الحمد والشكر.

فلا تقنطي من رحمة الله، ولا تنظري إلى الأمور بهذه النظرة التشاؤمية، وأنا أرى أن نوعية الاكتئاب الذي لديك هو اكتئاب بسيط حقيقة مما وصفته، والاكتئاب ما بعد الولادة اكتئاب شائع جدّاً، والاكتئاب أصلاً هو مرض يكثر وسط النساء، وقد قارنه البعض بارتفاع ضغط الدم البسيط أو الربو أو السكر، وهذا يعني أنني يجب أن أقبل أن أعالجه حتى ولو كان لمدة طويلة.

فأرجو حقيقة أن تراجعي موقفك، وأرجو حقيقة أن تعرفي حالتك أنها أبسط مما تتصورين، وأرجو أن أذكرك بأن لديك أشياء جميلة في الحياة، أنت لديك زوج، ولديك أسرة، ولديك ذرية، ولا تجعلي هذا الذي سميته اكتئاباً يصرفك عن هذه الأشياء الجميلة في حياتك.

يجب أن تعيشي الحياة بكل أمل وبكل قوة وبكل ثقة، وعليك بالدعاء، سلي الله أن يحفظك، وأن يرفع عنك ما بك.

أنت ذكرت أن الأطباء لا يتحدثون مع المرضى وهكذا، نحن نؤمن هنا في إسلام ويب أن حواس الطبيب يجب أن تتلاقى مع إحساس المريض، نعني بذلك أن يستمع إليه بحاسة السمع، وأن ينظر إليه بحاسة النظر، ولكن بعض الأطباء تكون لديهم مشاغل كثيرة، ونحن نسأل الله تعالى أن يهيئ وأن يقيض لك من يساعدك، وعموماً أنا أقول لك: إن الاكتئاب مرض يمكن الإنسان أن يعالج نفسه بنفسه منه إذا بنى الدافعية والقوة، وتفهم طبيعة هذا المرض، هذا المرض يقاوم أولاً بالتفكير الإيجابي، هذا مهم جدّاً، والتفكير الإيجابي: الأشياء البسيطة الجميلة في حياتك يجب أن تعظميها، يجب أن تحمدي الله عليها، وهذا ضروري جدّاً.

ثانياً: يجب أن تديري وقتك بصورة جيدة؛ لأن إدارة الوقت أيضاً تساعد الإنسان للتخلص من الاكتئاب، الاطلاع، القراءة، الانضمام إلى العمل الخيري، الإحسان إلى الآخرين، الاهتمام بالزوج، تربية الأولاد بصورة صحيحة، أليست -يا أختي- هذه كلها علاجات؟ هذه علاجات فعالة جدّاً، ويجب أن نلتفت إليها، فالأمر حقيقة أبسط مما تتصورين، وأنا أقول لك: إن شاء الله تعالى أنت سوف يتم علاجك من هذا المرض، ومهما طالت المدة لا تيأسي، وأنا أقول لك حقيقة -وهذه حقيقة مهمة جدّاً- أن علاج الاكتئاب ينقسم إلى ثلاثة مراحل:

المرحلة الأولى هي: مرحلة بداية العلاج، ثم مرحلة العلاج الفعلي، ثم مرحلة الوقاية، والإنسان حينما يكون في مرحلة الوقاية هذا، لا يعني أنه يتعالج من المرض، ولكن لديه استعداد وقابلية، فيجب أن يقي نفسه، وهذا أمر جيد ومشروع.

أنا أقدر أن الأدوية قد تكون مكلفة بعض الشيء، ولكن الآن توجد منتجات رخيصة جدّاً من الأدوية، فعلى سبيل المثال عقار تفرانيل الذي وصفه لك الطبيب، هذا عقار قليل التكلفة جدّاً وبسيط جدّاً، وأنا أؤكد لك أنه من أسلم الأدوية في مراحل الحمل -كما ذكر لك الطبيب-، وجرعة خمسة وعشرين مليجراماً لا تعني أي شيء، هذه جرعة بداية، هذا الدواء يمكن تناوله حتى مائتين وخمسين مليجراماً في اليوم دون أي مشكلة.

فحقيقة الأمور -إن شاء الله- طيبة، وأرجو أن تستمري على الدواء، وأنا أقول لك: تناولي التفرانيل كما ذكره لك الطبيب بجرعة خمسة وعشرين مليجرام، ولا مانع أن ترفعيه إلى خمسين أو حتى خمسة وسبعين أو إلى مائة مليجرام في أثناء الحمل، وبعد ذلك أعتقد أنك ربما تكونين محتاجة لجرعة وقائية، هذه أيضاً ناقشيها مع طبيبك، وأنا أرى أن خمسين مليجرام في اليوم سوف تكون جرعة كافية، ولو امتد استعمالها لسنوات، لا تيأسي ولا تسأمي؛ لأن هذه جرعة وقائية وليست جرعة علاجية.

هنالك دواء يعرف (بروزاك Prozac)، أو (فلوزاك Flozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، هذا الدواء دواء ممتاز وفعال جدّاً في أثناء الحمل وبعد الحمل، وجرعته مختصرة، وهي كبسولة واحدة في اليوم، وسبحان الله الجرعة العلاجية والجرعة والوقائية واحدة من هذا الدواء، وهو الآن غير مكلف، كان في بداية الأمر من الأدوية الغالية جدّاً، ولكن بظهور منتجات تجارية أصبح غير مكلف، وأنا عرفت من الأخوة الأفاضل في فلسطين المحتلة -نسأل الله تعالى أن يفك أسرها- أن المستحضرات التجارية من هذا الدواء موجودة وهي غير مكلفة.

فإذا كان خيارك هو الفلوكستين -أي: البروزاك- التجاري فلا مانع من ذلك، وجرعته هي كبسولة واحدة في اليوم وليس أكثر من ذلك، وبعد أن تستقر حالتك وتتحسن، يمكن أن تتناوليه بمعدل كبسولة واحدة كل يومين، هل في ذلك مشقة يا أختي؟ لا أبداً.

أنا سعيد جدّاً لرسالتك هذه، وأسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يعافيك، وأن يشفيك، وأن يتم الحمل على السلام، وأن يكون الوضع سهلاً، وترزقي بالذرية الصالحة، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

ويمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

وكيفية الرقية الشرعية: (237993- 236492-247326).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول Mohamed

    لقد تابعت دواء تفرانيل لمدة 6 أشهر لكن بدون نتيجة و عندما أتيت إلى فرنسا قالو لي أن دواء تفرانيل خطير قال لي طبيب أن في الدول الأروبية هنا لا يستعملون مثل هده الأنواع و أعطاني دواء جيد فعال 100% إسمه ستريزم إسألي عن هدا الدواء فهو دواء جيد ليس من الأدوية المدمنة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً