الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستيقاظ المبكر.. هل يدل على حدوث نوبة من نوبات ثنائي القطبية

السؤال

السلام عليكم

الاستشارة بخصوص زوجي الذي يبلغ من العمر 45 سنة، وأصيب بالاضطراب ثنائي القطبين من شهر مايو الماضي، كان إنساناً طبيعياً وقويا، وهو غير حساس في طبيعته وصبور ومتحمل ومؤمن جداً وملتزم.

تعرض لضغط نفسي شديد بسبب أنه كان مسافرا للعمل في دولة عربية بعيداً عنا، ولكنه كان صابرا وتحمل مشاق البعد عن الأسرة لكن بصعوبة؛ لأنه لا يجيد الاعتماد على نفسه في شئون المنزل، ولأنه كان شديد الارتباط بأسرته تزامن الضغط النفسي، مع تناوله لدواء الكحة بكمية زائدة، فحصل له أول نوبة مانيا.

عولج باللثيوم ورجع إلينا لاستكمال علاجه هنا، تحسنت الحالة بعد أن عولج عند طبيبين بأدوية كثيرة منها اولابكس وديباكين اريببرازول، ومضادات اكتئاب.

لكنه أتته نوبة اكتئاب بعدها بشهرين استمرت معه حوالي شهر، وأخيراً ارتاح إلى علاج طبيب حيث تناول عقار الزبركسا10 ملجم لمدة شهرين ثم الزبركسا 5 ملجم، وديباكين كورنو 500 مرتين في اليوم لمدة 3 شهور، ثم طلب الطبيب أن يقسم قرص الزبركسا 5 إلى نصفين في اليوم مع الاستمرار على ديباكين 500 مرتين في اليوم.

وزوجي الآن أصبح بخير وتحسن كثيراً، حيث كان يعاني من البرود والسلبية والصمت، وكثرة النوم والكسل، وعدم الرغبة في فعل أي شيء.
كل هذا تحسن وعاد إلى طبيعته نوعاً ما، وأصبح لا يستسلم للكسل لكن الذي أستشير عنه الآن هو أنه يأتيه الآن الاستيقاظ المبكر! حيث أنه يصحو قبل الفجر، ويصلي، ولا يستطيع النوم حتى موعد عمله.

أنا خائفة من أن يكون بوادر لنوبة جديدة، فالمرة السابقة قبل نوبة الاكتئاب حدث معه الاستيقاظ المبكر مدة أسبوعين، بعدها أتت النوبة.

هل عندما يتغير فجأة ويعود إلى طبيعته من حيث شعوره بالسعادة والمتعة لمدة نصف ساعة فقط، هل يدل على نوبة انشراح سريعة؟ مع العلم أن طبيعته قبل المرض أنه منشرح وكثير المزاح، ومستمتع بكل ما في حياته.

حدثت له النوبة الخفيفة من الانشراح مرتين، كل واحدة نصف ساعة فقط، لكنه لا يستطيع التمييز.

هل هي نوبة أم أنه عاد إلى طبيعته فقط؟ أرجوك يا دكتور طمئنا، هل الاستيقاظ المبكر يدل على حتمية حدوث نوبة قريبة؟ وكيف يكون علاجها؟ لأنه يكون غير يقظ ومتعبا بسبب عدم كفايته من النوم.

أرجوكم دلونا ماذا نفعل لنبعد عنا الشبح؟ وهل هو معرض لحدوث نوبات في حياته كل 3 شهور؟ كما حدث سابقا.

آسفة على الإطالة وربنا يجزيكم عنا الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فنحمد الله كثيراً أن زوجك قد استجاب للعلاج بصورة جيدة، ويعرف عن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية أنه إذا تم تشخيصه بصورة صحيحة وأن الإنسان تناول العلاج بجرعة صحيحة وبالمدة الصحيحة وبالتزام قاطع، فإن شاء الله تكون النتائج وعلاج المرض رائعا جدّاً، لذا أختي الفاضلة أريد أن أحتم على أمر ضرورة تناول العلاج.
الدبكين كورونو Depakine chorono من أفضل الأدوية المثبتة للمزاج، وجرعة ألف مليجرام في اليوم التي يتناولها زوجك تعتبر جرعة وقائية ممتازة، علماً بأن الجرعة يمكن أن تصل حتى ألفين وخمسمائة مليجرام في اليوم، ولكن قطعاً زوجك ليس في حاجة لهذه الجرعة.

مجموعة الأدوية التي وجدت أنها مفيدة جدّاً لتثبيت المزاج هو الزبركسا Zyprexa الذي يتناوله زوجك، وهنالك عقار آخر يعرف تجارياً باسم (سوركويل Seroquel) ويسمى علمياً باسم (كواتيبين Quetiapine)، أيضاً هذا من الأدوية المشهودة لها بالفعالية، وهو قريب جدّاً من الزبركسا فيما يخص الطرق الكيميائية التي يعمل بها.

أنت الآن منزعجة للبوادر التي ظهرت على زوجك، وأقصد بذلك أنه أصبح قليل النوم، وأن الاستيقاظ المبكر ربما يكون مؤشراً لحدوث انتكاسة.

أنا أقول لك إن اضطراب النوم حقيقة مؤشر هام وضروري جدّاً؛ لأن اضطراب النوم يؤدي إلى الإجهاد، والإجهاد يؤدي إلى حدوث الانتكاسات، واضطراب النوم من ناحية أخرى قد يكون مؤشراً لحدوث انتكاسة، لابد أن أكون واضحاً وصادقاً وأميناً معك في هذه النقطة، وهذا هو منهجنا دائماً إن شاء الله.

ولكن أيتها الفاضلة الكريمة ليس هنالك ما تنزعجين له مطلقاً، كل المطلوب هو أن يرفع زوجك جرعة الزبركسا إلى خمسة مليجرام، ومع احترامي الشديد جدّاً للأخ الطبيب الذي قسّم الجرعة أو جعلها اثنين ونصف مليجرام، أنا أقول لك: إن خمسة مليجرام هي الجرعة الدنيا – أقل جرعة – تستعمل في الوقاية، وعليه أرجو أن يرفع جرعة الزبركسا إلى خمسة مليجرام، وإذا لم يتحسن مع جرعة الخمسة مليجرام فيما يخص النوم يرفعها إلى عشرة مليجرام لمدة أسبوعين، ثم يرجع مرة أخرى ويخفض الجرعة إلى خمسة مليجرام.
إذن أيتها الفاضلة الكريمة: العلاج الوقائي لهذا الأخ الكريم هو أن يتناول ألف مليجرام من الدباكين، ويفضل الدباكين كرونو وليس الدبكين العادي، زائد خمسة إلى عشرة مليجرام من الزبركسا، وهذا في نظري سيكون علاجاً كافياً.

هنالك أمر مهم وضروري وهو: إلى متى سوف يستمر زوجك في العلاج؟
لابد أن الأخ الطبيب قد أوضح لك المدة، وأنا من رأيي أنه يجب أن يستمر على الدواء لسنوات، أرجو ألا تنزعجي لذلك مطلقاً؛ لأن الاضطراب الوجداني مثله مثل مرض السكر أو الضغط يحتاج إلى جرعة وقائية.

وليس من الضروري أبداً أن تأتيه النوبات كل ثلاثة أشهر، هذا ليس بالصحيح، فإنا لدينا مرضى يتناولون علاجهم لمدة خمس إلى سبع سنوات دون حدوث أي نوبة.

والتغيرات البسيطة لا تعتبر هذه انتكاسات أبداً، كالانشراح البسيط الذي يأتيه، هذا إن شاء الله مؤشر إيجابي على أن الحالة مستقرة، وأرجو ألا تنزعجي لذلك مطلقاً.

الذي أرجوه هو الحرص على تناول الدواء كما وصفناه، ويجب ألا ينزعج مطلقاً من أن يتناول العلاج، وهذه الأدوية سليمة جدّاً وممتازة جدّاً، فقط ربما تؤدي إلى زيادة في الوزن، وهذه بالطبع يمكنه تجاوزها بممارسة الرياضة وتنظيم الطعام وخفض السعرات الحرارية فيه.
فإذن: نصيحتي هي أن يظل على العلاج الدوائي، والحمد لله تعالى البحوث جارية بشكل مطرد فيما يخص الأدوية لعلاج مثل هذه الحالات، وربما يأتينا المستقبل بإشراقات أخرى، وأنا على ثقة كاملة أنك سوف تكونين خير سند لزوجك، وهو سوف يعيش حياة طبيعية اجتماعية وأسرية وفي نطاق عمله، فقط الدواء الدواء الدواء، ونسأل الله له العافية والشفاء.
ونشكرك على اهتمامك بأمر زوجك، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً