الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغضب والتشاؤم وحب السيطرة، كيف يمكن التخلص منها؟

السؤال

أنا رجل سادي أحب السيطرة على كل شيء، كما أني كثير الغضب والتشاؤم، وأستغرق في أحلام اليقظة، فهل هناك علاج للسادية وآثارها، وما هو، وهل للعلاج آثار سلبية وما هي، وكم مدة العلاج، وهل تزول الآثار السلبية بعد الانتهاء من العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبداية أتمنى أن يكون مفهومك عن السادية ليس هو المفهوم العلمي لها؛ حيث إنها حالة تدل على أن صاحبها يفتقد الضمير القيمي، ويلجأ إلى العنف وإلى الانتقام دون أي شعور بالذنب، ولا يتعلم من تجاربه، أتمنى أن تكون قد استعملت هذه الكلمة مجازاً وليس حسب مدلولها العلمي.

نحن دائماً حقيقة في إسلام ويب ننصح ألا يشخص الناس أنفسهم، ويجب أن يُترك التشخيص للمختصين مهما أوتي الإنسان من فطنة ومقدرة واطلاع، فإن الأمر يجب أن يُترك للمختص؛ لأن التشخيص النفسي إذا ألصق بالإنسان ربما يُشكل وصمة وعائقاً اجتماعياً كبيراً جدًّا بالنسبة له وللآخرين.

الجزء الآخر من رسالتك هو: أنك كثير الغضب والتشاؤم وتستغرق في أحلام اليقظة، فأعتقد أن هذه كلها مؤشرات أن شخصيتك تحمل جوانب القلق والتوتر وعسر المزاج، وأن شخصيتك غير متوائمة.

أنت سألت عن العلاج ونقول لك: إن العلاج يُوجد، ولكن يجب أن يكون تحت توجيه وملاحظة واسترشاد بواسطة المعالج النفسي، فاضطرابات الشخصية تتطلب علاجاً تواصلياً، وتتطلب جلسات متعددة ليتم فيها استكشاف النفس والنظر إلى نقاط القوة والضعف، ومن ثم تقوية السلوك الإيجابي، ومحو آثار السلوك السلبي ومحاولة تجنبه بقدر المستطاع.

هنالك علاجات أخرى كثيرة يمكن للإنسان أن يمارسها:

أولاً: عليك حقيقة أن ترجع إلى ما ورد في السنة المطهرة، فيما يخص كيفية التعامل مع الغضب والتشاؤم والتطير، ونحن نقول لك: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، غير مكانك حينما ينتابك الغضب، انفث ثلاثاً على شقك الأيسر، وأكثر من الاستعاذة والاستغفار، توضأ وصل ركعتين.. الكثير قد جرب هذا العلاج النبوي ووجده ناجعاً وفاعلاً، فعليك بذلك.

وعليك أن تقيم نفسك مرة أخرى بكل مصداقية وتجرد، لا تظلم نفسك ولا تقس عليها، لا تهول ولا تهون، كن وسطياً ومنطقياً، ويمكن أن يساعدك الأخصائي النفسي بتطبيق بعض الاستبيانات وبعض المقاييس النفسية التي تعتبر من المعايير العلمية التي يُلجأ إليها للتأكد من التشخيص.

انظر مرة إلى المنظومة القيمية لديك، قيم الأمانة، قيم الرحمة، قيم الصدق، قيم الإثار، مساعدة الآخرين، هذه قيم لا بد أن تعززها، ومن خلال تعزيزها سوف تضعف -إن شاء الله- المفاهيم والقيم السالبة.

ربما تستغرب إذا قلت لك إن الانخراط في الأعمال التطوعية والاجتماعية وأعمال البر والإحسان وجد أنه ينمي الشخصية نماءً إيجابياً، يتخلص فيه من خلال هذه النشاطات القضاء على الطاقات النفسية السالبة، وبناء طاقات نفسية إيجابية، فاجعل لنفسك حظًّا من هذا النوع من العلاج، أرجو ألا تستصغره ولا تستحقره، فهو ذو فائدة عظيمة.

ممارسة الرياضة أيها الفاضل الكريم تفيد الإنسان في كل ما ذكرته، وكذا إدارة الوقت بصورة جيدة، خصص لنفسك وقتاً للراحة، ووقتا للعبادة، ووقتا للممارسة الرياضة، ووقتا للعلم والتعلم، ووقتا للترفيه عن النفس بما هو متاح ومباح.

هذه كلها علاجات، ومن الضروري جدًّا أن تجعل لحياتك هدفاً وقيمة، أنت رجل معلم وأنت تحمل رسالة عظيمة، رسالة قيمية، رسالة تربوية، أنا أعتقد أنك يجب أن تكون مستفيداً من هذا الموقف وهذه الوظيفة من أجل بناء وتشبيك منظومة قيمية تقوم -كما ذكرنا لك- على البر والرحمة، والإحسان والإيمان، والثقة بالنفس، ومعاملة الآخرين بكل بر ولطف.

أخي الكريم: أعتقد أنك قصدت في رسالتك: هل توجد هنالك علاجات لمثل هذه الحالات؟

أقول لك وحسب ما فهمته من رسالتك: إن العلاج الدوائي يساعد كثيراً، ونحن نعتبره جزءاً من العملية العلاجية، هذه منظومة متكاملة، فما ذكرته لك من إرشاد يجب أن تأخذ به، وأقول لك إنه توجد أدوية جيدة نعتبرها مفيدة.

هنالك دواء يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وله مسميات تجارية عديدة منها (بروزاك Prozac)، حاول الحصول على هذا الدواء وهو متوفر في سوريا، وأعرف أن هنالك صناعات محلية جيدة، لا أستحضر أسماءها، ولكن بإعطائك الاسم العلمي للصيدلي سوف يقوم بإعطائك هذا الدواء.

ابدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجراما (كبسولة واحدة) يومياً، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ويفضل تناوله بعد الأكل، وبعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم، واستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكن أن تتوقف عن الدواء.

الدواء الآخر الذي أنصحك بتناوله يعرف تجارياً باسم (سوركويل Seroquel) ويعرف علمياً باسم (كواتيبين Quetiapine)، وربما تجده تحت مسمى تجاري آخر في سوريا، تناول هذا الدواء بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراماً ليلاً، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

هذه أدوية فعالة وسليمة ومفيدة وغير إدمانية، فابدأ في تناولها، وإن شاء الله تعالى سوف تجني منها خيراً كثيراً.

عليك بتطبيق الإرشادات السلوكية السابقة، وأرجو أن لا تتهاون في تطبيقها، أرجو ألا تعتبرها كشيء من الأبجديات والمسلمات، فهي ذات قيمة علمية، وأثبتت البحوث العلمية المتكررة أنها ذات جدوى، وكما ذكرت لك: إذا استطعت أن تتواصل مع أخصائي نفسي فهذا أيضاً سوف يكون أمراً محبذاً ومطلوباً.

نحن نشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، ولمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة هذه الاستشارات فيما يخص علاج العصبية والغضب سلوكياً: (276143 - 268830 - 226699 - 268701)، وعلاج التشاؤم (278993 - 282714)

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً