الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف الفتاة ونفورها من خوض تجربة الزواج

السؤال

أنا مرتبطة بشاب منذ 5 سنوات، إلا أنني لا أريد الزواج منه ولا من غيره، ولكن تم تحديد موعد الزواج ولا يفصلني عنه سوى شهر واحد، وأشعر باكتئاب شديد وعصبية غريبة وكأنني سأنفجر! أفضل الموت على الزواج، وكأنني سأجن ولا أدري ما سأفعله ولا أحد يفهمني.

أرجو النصيحة من فضلكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ^Khadija حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذا الموقف السلبي من الزواج عامة ومن الزواج من هذا الشخص خاصة لا شك أنه موقف مؤسف جدّاً، خاصة وأنك على أعتاب الزواج وقد تم تحديد المواعيد، ولا شك أن هذا يعني اتفاقا بين الأسرتين، وهنالك تبعات ومخرجات كثيرة للزواج مما يجعلني حقيقة أتساءل ما السبب في رفضك للزواج، فالزواج هو أمنية لكل فتاة وهو المودة وهو السكينة وهو الرحمة وهو ميثاق غليظ، والحياة لا تكتمل بالنسبة للمرأة أو الرجل إلا بالزواج متى ما تيسر ذلك، وأنت - بفضل الله تعالى - قد أتيحت لك فرصة الزواج، ولكني حقيقة لم أتفهم فهماً كاملاً سبب موقفك السلبي هذا، لاشك أني أجد لك العذر، ولا شك أنه قد تكون لك أسبابك، وبالطبع من المفترض ألا يتم الزواج دون موافقتك، هذا حقك الشرعي، وأنا لست على دراية بخلفيات موقف الأهل: هل أنت أعطيت الموافقة أم لم تعط الموافقة، هل تمت مشورتك أم لم تتم مشورتكم؟

هذه أسئلة لابد أن تجاب، ولكن أيّاً كانت الإجابة إذا كانت بالنفي أو بالإيجاب الذي أرجوه منك هو أن تسحبي هذه السحابة السوداوية التي غطت على الفكر الإيجابي لديك، وأن تعيدي تقييم الأمور مرة أخرى، وألا تنظري للجانب السوداوي والسلبي في الأمر، فالزواج كما ذكرت لك هي أمنية جميلة لكل فتاة وهو أمر طيب، وأن تجديه يسكن إليك وأنت تسكنين إليه هذا يعتبر من أفضل ما يمكن أن يصل إليه الإنسان في حياته.

إذا كان لديك مخاوف أو مواقف سلبية حيال الرجل عامة فتذكري أن الرجل هو الأب وهو الأخ وهو الخال وهو العم وهو الزوج، فإذن لا داعي مطلقاً للموقف السلبي، وإذا كان لديك أي تجارب غير طيبة فهذا لا يعني أن تحكمي على نفسك بألا تتزوجي، أنا أدعوك مرة أخرى بأن تغيري من موقفك، واسألي الله تعالى أن يوفقك.

فوضي أمرك إلى الله تعالى، وعليك أن تستخيري الآن، فإن في هذا الأمر خيراً لك في دينك ودنياك وعاقبة أمرك فسوف يقدره الله لك، وإن لم يكن فسوف يصرفه عنك ويصرفك عنه ويجعل لك الخير حيث كان ثم يرضيك به بإذن الله تعالى.

هذا هو الذي أنصحك به، وحقيقة الإنسان كثيراً ما يكره أشياء ولكنها تكون هي الأفضل له، وكثيراً ما يحب أشياء وتكون شرا له، قال تعالى: ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ))[البقرة:216]^.
فأرجو أن تتمعني في هذه المعاني القرآنية العظيمة وأن تأخذي بها، ولا تنظري لزوجك هذه النظرة السلبية، وتذكري كم من الفتيات الآن هنَّ محرومات من الزواج لأسباب عديدة، فقد ارتفعت العنوسة في بلادنا ونقول الله المستعان على هذا الأمر، وأنت أتتك هذه الفرصة العظيمة وهذه الفرصة الجيدة، فلماذا تضيعيها؟! سلي نفسك ما هو الهدف من حياتك، ما معنى حياتك بدون زوج وبدون زواج وقد أتتك هذه الفرصة.

حقيقة أنا لا أرى سبباً لهذا التشاؤم وهذه النظرة السلبية التشاؤمية والنظرة السوداوية حيال هذا الأمر، وعليه أرجو أن تعيدي تقييم هذه الأمور، وفي نهاية الأمر بالرغم من دعواتي لك، وبالرغم من إصراري أن تقدمي على الزواج، وإذا رأيت أن الأمر مستحيل فيجب أن تتحدثي مع ولي أمرك، يجب أن تخطري والدك بذلك، ويجب أن تكون لك أسبابك ووجهة نظرك، وأن يكون هنالك حوار بينكم كأسرة حول هذا الأمر، ومن ثم إذا كان لابد من اتخاذ القرار المؤسف فيجب أن يُخطر الطرف الآخر، ولابد أن ننظر إلى الأمور بعقلانية وبمهنية، وهذا لا يعني أنني أشجعك على انتهاج هذا المنهج، ولكنه خيار وإن لم يكن خياراً مقبولاً أو مفضلاً بالنسبة لي، ولكن لابد أن أطرحه عليك إذا كانت الأمور مستحيلة.

عليك بالدعاء وعليك بالاستخارة، وإن شاء الله تعالى تجدين الأمور قد تغيرت وأصبحت تنظرين إلى هذا الموضوع بإيجابية أكثر، بل يصبح أمنية حقيقية لك وأن تستقري في بيتك وأن ترزقي الذرية الصالحة.

انظري إلى الزواج، فالزواج ليس أمراً بسيطاً، هو حدث جميل وحدث كبير وتترتب عليه أشياء كبيرة جدّاً في حياة الإنسان، كوني زوجة صالحة، وأسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرضيك به، وأن ييسر أمر زواجك على خير، وأن يزيل عنك هذا التفكير السلبي وعدم الرغبة، وأشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، وأتمنى أن أسمع عنك أخبارا طيبة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً