الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزوجة سيئة الخلق مع الزوج وأهله وكيفية التعامل معها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مضى على زواجي سنة ولكنها كانت أتعس وأصعب سنة في حياتي، فزوجتي سفيهة وعنيدة وذات لسان سليط، وعلاقتها مع أهلي سيئة، ومشاكلها معي تكون بصفة يومية، وقد قمت بضربها أكثر من مرة نتيجة وقاحتها وسبها وشتمها لي ولأهلي، وقد قمت بتطليقها ثم أرجعتها بسبب حملها.

علماً بأن الحمل تم بغير اتفاق، فقد اتفقنا على تأجيل الحمل فترة، ولكنها فاجأتني به، وقد رزقنا الله بطفل قيدني بها أكثر، ولكني غير قادر على الاستمرار معها، وصرت أفكر جدياً بالطلاق النهائي، ولكن خوفي من الإثم وأثر ذلك على مستقبل الطفل جعلني أتردد في أمر الطلاق، لكوني على ثقة بأن زوجتي غير قادرة على تربية الطفل تربية إسلامية صحيحة، وأخاف من أن تنحرف بعد الطلاق لكونها ضعيفة الإيمان، وأحد أسباب خلافي معها هو أمر الحجاب، فماذا يجب أن أفعل؟

وأريد أن أنقذ ابني الذي تريد أن تحتفظ به إذا طلقتها بحكم القانون، وأود أن أعيد علاقتي مع أهلي الذين ساءت علاقتي معهم بسببها، فدلوني على الطريق الصحيح.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد سليمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يعوضك خيراً عن هذه الزوجة أو يصلح ما بينك وبينها، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فيبدو أنك أسأت الاختيار وترتب على ذلك أنك تدفع الثمن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذرك حتى لا تقع في مثل هذا المنزلق، فقال: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها وجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ويقول الله تبارك وتعالى: (( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ))[البقرة:221]، ولكن يبدو أنك نظرت إلى الجانب المادي أو الجانب الجمالي الظاهر ونسيت أن ذلك كله لا يمكن أن يؤدي إلى استقرار أسرة أو سعادة زوجٍ إذا انعدم الدين والإيمان.

وها أنت تدفع الثمن غالياً، حيث خدعتك وأنجبت منك طفلاً رغم اتفاقك معها على أن يتم تأخير الحمل إلى فترة، حتى تربطك بها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سوء طويتها - بناء على تعبيراتك التي وردت في رسالتك -.

وأما خوفك عليها من الانحراف وخوفك على ولدك فإنها لم ترع ذلك ولم ترتدع رغم أنك قمت بتذكيرها وضربها وطلقتها وقمت بإرجاعها عندما علمت بحملها، فأنصحك بأن تقوم بمحاولة أخيرة لعل الله أن يصلحها سبحانه وتعالى، حتى وإن كنت لا تتوقع حدوث نتيجة فإن الله تبارك وتعالى أخبر فقال: (( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ))[الأعراف:164].

فهذه النصيحة من باب الإعذار إلى الله تعالى لاحتمال أن تكون نفسيتها قد تغيرت، وقد تقبل كلامك لأنك قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، وإذا حضر هذا الاتفاق أحد من أقاربها الكبار لكان ذلك خيراً، حتى يشهدوا عليها ويعلموا أنك ما ظلمتها، فإن استجابت وتركت هذا الجنوح الذي يظهر في تصرفاتها وتوقفت عن هذه السفاهة فحسن، وأما إذا لم يؤد هذا إلى نتيجة أو تقدم أو تحسن فهي حتى وإن كانت معك ستفسد ولدك، لأنك يستحيل أن تكون مع ولدك طيلة الوقت، ومهما كنت فإنها ستنقل إليه طباعها سواء كانت في بيتك أو بعيدة عنك، حتى وإن كانت معك في بيتك ولم تطلق فإنها بهذه الصفات لا تصلح أن تكون مربية أو أمّاً فاضلة.

وينبغي أن تقف طويلاً عند قضية الولد، فإن الولد قطعاً سيكون ضحية حتى وإن كانت معك في بيتك، وعليك بالدعاء لها والاجتهاد فيه، وإذا كانت هناك دروس أو محاضرات أو ندوات دينية فما المانع أن تصحبها إلى هذه الدروس وأن تجعلها تستمع وتحتك بالصالحات المؤمنات الصادقات من أخواتها المسلمات، فحاول أن تأخذها إلى الأماكن الدعوية والمجالس الطيبة لعل الله أن يصلحها.

وإذا لم يُجد ذلك نفعاً فليس أمامك من خيار إلا تطليقها، ويكون أمر ولدك إلى الله تعالى، ومن الممكن أن تساومها عليه مستقبلاً؛ لأن مثلها لا يستطيع أن يربي ولداً ولا يستطيع أن يحتفظ به، ولكني أتمنى أن تسلك سبيل الإصلاح وأن تتوجه إلى الله بالدعاء أن يصلحها وأن تساعدها أن تحضر مجالس العلم وحلق الذكر لعل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدرها وأن يعافيها من هذا البلاء، وما ذلك على الله بعزيز، نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأله لك العون والتأييد وأن يصلح لك زوجتك، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً