الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفل يخاف من اللصوص ويغلق الأبواب بعد أذان المغرب.

السؤال

السلام عليكم.

عندي طفل عمره 12 سنة، يُعاني من خوف شديد في ساعات المساء ويخيل إليه بأن هنالك شخصاً سيدخل يسرق المنزل فيقوم بإغلاق الأبواب في ساعةٍ مبكرة بعد أذان المغرب.

كانت هنالك حادثة سرقة عند الجيران منذ 3 سنوات، فهل هذه الحادثة هي السبب؟ وما العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فؤاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
فإن الخوف الذي يعاني منه هذا الابن -حفظه الله- هو نوع من الخوف المكتسب؛ وذلك نسبةً لحادثة السرقة التي حدثت لدى الجيران، ومن الواضح أن الأمر قد أخذ حيزاً كبيراً في تفكير الطفل، وهذا بالطبع مما سمعه عن هذه الحادثة.

الشيء المطلوب في مثل هذه الحالة هو أن نسعى لطمأنة الطفل؛ وذلك بأن نقول له أن اللصوص يوجدون في كل الدول وفي كل البلدان، وأن اللص هو في الأصل جبان ويخاف، لذا يدخل خلسة، وهو إنسان يجب ألا نخافه أو لا نرهبه؛ لأنه هو نفسه يخاف أن يُكتشف أمره لذا يولي هارباً، بمعنى ألا نجسد في تفكير الطفل أي مآثر أو إيجابيات حول اللص، فيجب أن ننبذه، ويجب أن نركز على صفة الجبن والخوف كصفة رئيسية من صفات هذا اللص، وفي نفس الوقت يطمأن الطفل بأن بيتكم -إن شاء الله- آمن، وأنكم تتخذون الحيطة الكاملة، ولا داعي مطلقاً من إغلاق الأبواب في ساعة مبكرة، هذا ليس بالأمر الطيب وليس بالأمر الحسن، بل على العكس تماماً يجب أن تقوموا بفتح الأبواب ولا تسمحوا بإغلاقها حتى ولو احتج الطفل، وأنا أفضل حقيقة أن تشجعوا الطفل أيضاً على الخروج قليلاً أمام المنزل بعد المغرب وحين يحل الظلام، ويكون أحدكم واقفاً أمام الباب حتى يجعله مطمئناً، ونجعله يومياً يذهب مسافة أبعد قليلاً من المنزل.

هذه هي المبادئ السلوكية المطلوبة والتي تقوم على تصحيح المفاهيم لدى الطفل،وبعد ذلك نعرضه إلى مصادر الخوف، ونمعنه من الاستجابات السلبية، فإذن نحن حين نقول للطفل: يجب أن تظل الأبواب مفتوحة ونطلب منه أن يذهب مسافة بعيدة عن المنزل. هنا نكون قد منعناه من الاستجابات السلبية وقد عرضناه لمصدر المخاوف.

هنالك حقيقة أخرى مهمة جدّاً بالرغم من أني قد ذكرت في صدر هذه الرسالة بأن يوضح للطفل حقيقة اللصوص وضعف شخصياتهم وجبنهم وخوفهم، لكن يجب أن يكون إعطاء هذه المعلومات بتوازن ولا ننصح أبداً بالإكثار من الحديث في الموضوع أصلاً، ويجب ألا يكون الموضوع دائماً مسار التحدث عنه ويجب أن نصرف انتباه الطفل لأشياء أخرى ونحدثه عن الأطباء وأن يقرأ عن قصص الأشخاص الذين قاموا بالبطولات -وهكذا- هذا أمر جيد جدّاً، ولا مانع من أن تقصوا له بعض الحكايات عن اللصوص والتي انتهت بخسارة اللص أو بالقبض عليه أو بقطع يده، ولا مانع أيضاً من أن نطرح عليه آيات عقاب السارق ونشرحها له بصورة مبسطة، فهذه - إن شاء الله – كلها تعطي الثقة في نفسه.

يأتي بعد ذلك أمر مهم جدّاً وهو ليس مقترناً بالحالة مباشرة، وهو السعي لبناء شخصية الطفل، وهذا يتأتى بأن نعطي الطفل الثقة في نفسه، بأن نشعره دائماً أنه فرد مهم في الأسرة، بأن نجعله يشارك في قرارات الأسرة، وذلك بمشاورته حتى لو كنت أنت ووالدته مصدر اتخاذ القرارات ولكن دعنا نشعره بأنه عضو فعال ومهم ويستشار، ونجعله أيَضاً يتعلم كيف يقابل الضيوف، ونطور من مهاراته الاجتماعية، ونتحدث له عن المستقبل بأمل، وعن البطولات، وأن يركز على دراسته... هذه كلها أمور مطلوبة ومهمة جدّاً وتساعد الأطفال في هذه المرحلة من أجل تطوير مهاراتهم وإزالة الخوف وتقوية شخصياتهم.

هنالك أدوية كثيرة للمضادة للخوف، ولكني حقيقة لا أنصح باستعمال الأدوية في عمر ابننا هذا – حفظه الله – وأنا في نظري أن الحادثة هي حادثة عارضة ويمكن أن نخفف من الآثار السلبية وذلك بشيء من الشرح وشيء من التجاهل وبناء مهارات جديدة لدى الطفل.

جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً