الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكشف عن مرض الصرع وعلاجه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي عمره 23 سنة، وهو يعمل بدوام لمدة 12 ساعة يومياً، وكنا نلاحظ عليه رعشة في جسمه بعد الاستيقاظ من النوم، وبعد أن استلم إجازة لمدة أسبوع سهر طويلاً وعندما استيقظ من النوم شعر برعشة واستمرت طويلاً، وبعد مدة وجدناه فاقداً للوعي لا يتنفس ويشخر، ووجهه مزرق، وبعد محاولات منا استعاد وعيه، ولم تحدث هذه الحالة لمدة شهر، وبعد عودته إلى العمل؛ حيث يعمل من 7 ص إلى 7م لمدة يومين ثم العكس بعد يومين إجازة، لاحظنا بأن الرعشات تزداد ويسقط كثيراً، ثم ذهب إلى المستشفى وقد قال الطبيب بأنه بداية للصرع وأعطاه دواء لاميكتال 25 مل لمدة أسبوعين، ثم ازدادت الجرعة إلى (50 مل) صباحاً و(50) مساء يومياً، ولكن يأخذ (50 مل) في اليوم قبل النوم؛ وذلك لأنه يشعر بالنوم أثناء دوامه، ولكن جاءته حالة تشبه الصرع؛ حيث كان ينتفض ويشخر مرتين بعد استعمال الدواء.

سؤالي هو:
1- إذا استيقظ وكان جالساً تأتيه رعشة فقط، وإذا وقف تأتيه حالة تشبه الصرع، فما هي المدة حتى يتخلص من الرعشات قبل أن يقف؟

2- هل يمكن استعمال الدواء بجرعة (100 مل) مرة واحدة قبل النوم؟

3- هل إذا فقد وعيه مع حالة الصرع يمكن أن يستعيد وعيه دون مساعدة الآخرين؟

نأسف على الإطالة، ونشكر جهودكم.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أخيك هذا، ونسأل الله له الشفاء والعافية.

فإن الوصف الذي أوردته في رسالتك يعتبر وصفا جيداً جدّاً ومفصلاً، ونستطيع أن نقول: إن الدلائل والمؤشرات التي نسميها بـ (المؤشرات الإكلينيكية) تشير أن هذا الأخ – شفاه الله وعافاه – يعاني فعلاً من مرض الصرع، وبالطبع الصرع حين يُكتشف لأول مرة يقوم الأطباء بإجراء بعض الفحوصات اللازمة، منها فحوصات عامة للدم، وإجراء تخطيط للمخ، وإذا توفرت الإمكانيات يمكن أيضاً أن تُجرى صورة مقطعية للمخ.

هذه تعتبر فحوصات مكملة، وبعد ذلك يُعطى العلاج اللازم.

عقار لاميكتال Lamictal - والذي يعرف علمياً باسم (لاموترجين Lamotrigine) - من الأدوية الجيدة لعلاج الصرع، ولكن - مع احترامي الشديد للطبيب - قد لا يفيد وحده، وكثير من الأطباء لا يفضلون البدء بهذا الدواء، أنا لا أقول إنه غير كافي، ولكن ليس من الأدوية التي تعتبر في الخط الأول للعلاج من الصرع، هنالك عقار يعرف تجارياً باسم (دبكين كورونو Depakine chorono) ويسمى علمياً باسم (فالبرك اسد Valopric acid)، وهنالك عقار يعرف تجارياً باسم (تجراتول Tegretol) يسمى علمياً باسم (كاربامزبين Carbamazepine)، وهنالك أحد الأدوية القديمة يسمى بـ (فينوترين)، كلها أدوية تُعطى في علاج الصرع، لأنها حقيقة تعتبر أكثر فعالية.

بالنسبة لبعض الأشخاص إذا لم تتحسن أحوالهم على أدوية الخط الأول تُضاف أدوية المجموعة الثانية ومنها (لاموترجين Lamotrigine).

عموماً أنا على ثقة كاملة أن الطبيب الذي قابله ووصف له هذا الدواء لابد أن تكون له مبرراته وأسبابه العلمية، وأفضل طبيب لمتابعة حالة هذا الأخ هو الطبيب المختص في أمراض الأعصاب، فهو الطبيب الذي يستطيع أن يقدم له النصيحة التامة والمفيدة وكذلك متابعة الدواء.

جرعة اللامكتال يمكن أن تكون حتى ثلاثمائة مليجرام في اليوم، والجرعة تزاد وتنقص حسب متطلبات الحالة.

بالنسبة لسؤالك الأول والذي ذكرت فيه أنه إذا كان نائماً واستيقظ وكان جالساً تأتيه رعشة فقط، وإذا وقف تأتيه حالة تشبه الصرع؟

هذا جزء من مرض الصرع؛ لأن الصرع ينقسم إلى صرع كامل وإلى صرع جزئي، وقد يعاني المريض من النوعين في نفس الوقت، فهذه كلها أعراض مرتبطة بمرض الصرع الذي يعاني منه.

بالنسبة لسؤالك الثاني وهي ما هي المدة التي يتخلص من الرعشات قبل أن يقف؟

هذه قطعاً تعتمد على فعالية الدواء وعلى نوعية البؤرة الصرعية التي يعاني منها، وكمية الشحنات الكهربائية المتعلقة بهذه البؤرة، أي لا أحد يستطيع حقيقة أن يعطي مدة محددة دون معرفة هذه العوامل والروابط.

وعموماً أود أن أضيف أن الهدف الأساسي لعلاج الصرع هو أن يتم إيقاف النوبات بصورة كاملة، هذا هو الهدف، وهذا الهدف ليس صعب المنال أبداً، فالأدوية الحمد لله متوفرة، وكما وصفت لك هنالك أدوية الخط الأول - أو أدوية الدرجة الأولى – وهنالك أدوية الجيل الثاني، وهنالك أدوية الجيل الثالث، وكثير من الأدوية الآن تُستعمل بجانب اللامكتال كما ذكرت لك، وهنالك دواء يعرف باسم (كِبرا) يعتبر من الأدوية التي تستعمل الآن.

عموماً الطبيب المختص - إن شاء الله - سوف يقدم له كل ما هو ممكن، لأننا لا نريد أن تأتيه تشنجات لا في حالة الوقوف أو في حالة الجلوس، ويجب أن يعيش حياة طبيعية، وهذا ممكن جدّاً، والأمر الآخر والمهم جدّاً هو أنه يجب أن يلتزم بالأدوية التي يصفها الطبيب، حيث إن الالتزام بالجرعة وبمواعيدها وبكميتها هي المحددات الرئيسية لنجاح العلاج بإذن الله تعالى.

هذا الأخ يمكنه أن يعيش حياة عادية، فقط يجب أن تكون هنالك تحوطات حول قيادة السيارة، فإذا كانت تأتيه نوبات فيجب ألا يقود السيارة، ويجب أيضاً أن يكون حذراً ولا يدخل البحر أو حمامات السباحة، كما أن تسلق الدرج لارتفاعات عالية لا يُنصح به، هذه فقط مجرد نوع من المحاذير والنصائح التي نراها ضرورية.

الإجهاد النفسي والإجهاد الجسدي الشديد أيضاً ليس من المصلحة، ولكن هذا الأخ يجب ألا يعطل حياته ويمكنه أن يعيش حياة طيبة جدّاً ومتوازنة جدّاً فيما يخص النشاط الاجتماعي والوظيفي، وليس هنالك ما يجعله أبداً أن ينظر إلى نفسه كشخص معاق أو معطل.

أما سؤالك الأخير: هل إذا فقد الوعي مع هذا الصرع يمكن أن يستعيد وعيه دون مساعدة الآخرين؟.. نعم، الشيء الطبيعي هو أن يستعيد مريض الصرع وعيه، إلا في حالات نادرة، حيث إن الصرع ربما يستمر وتكون نوبة متصلة، وهذه بالطبع تعتبر من الطوارئ الطبية التي يجب أن يتم التعامل معها بكل جدية، وأن يؤخذ الشخص إلى المستشفيات الطبية لتقديم الرعاية الطبية له، هذه حالة نادرة وأسأل الله ألا يتعرض لها هذا الأخ مطلقاً.

جزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر أخيك، ونسأل الله له الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً