الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لمبتلى بطول التبسم وعدم التحكم في ابتسامته مع تفكيره في الانتحار

السؤال

لدى مشكلة نفسية، وهذه المشكلة أثرت على حياتي كثيراً، وهي أني مبتسم طول الوقت، ولا أستطيع أن أتحكم في ابتسامتي، حتى في أوقات الشدة! وهذه المشكلة منعتني من الذهاب إلى المسجد، وحاولت أن أعالج هذه المسألة لكن دون فائدة؛ لأن ملامح الابتسامة في وجهي تكون ظاهرة.

أرجوكم ساعدوني لأني حاولت الانتحار مرات عديدة؛ لأن هذه المشكلة سببت لي عقدة في حياتي.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأذكر أنني قد عُرض عليَّ استشارة مشابهة لرسالتك منذ فترة من الزمن، وأقول لك: إن هذا الأمر يحتاج للمزيد من التوضيح:

هل تكون مبتسماً شكلاً وشعوراً، أم أن المظهر فقط هو الذي يُعطي الانطباع بأنك مبتسم؟

إذا كان شعورك دائماً هو الشعور المبتسم والمنشرح فهذا غالباً يكون ناتجاً من مرض نفسي يسمى بالاضطراب الوجداني من النوع الهوسي، وليس من الضروري أن يكون الهوس بالشدة والحدة المعروفة، وقد يكون من درجة بسيطة.

وهذا يُعطي دائماً الإنسان الشعور بالانشراح وبالابتسامة، فإذا كان الأمر على هذا السياق فأقول لك: توجد علاجات دوائية ممتازة جدّاً، وهناك دواء بسيط يعرف تجارياً باسم (تجراتول Tegretol) ويعرف علمياً باسم (كاربامزبين Carbamazepine).

هذا الدواء سوف يكون مفيداً لك جدّاً، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة مائة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى مائتي مليجرام صباحاً ومساءً، استمر عليها لمدة عام كامل، ثم خفضها إلى مائة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى مائة مليجرام مساءً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا بالنسبة للجانب التشخيصي النفسي وعلاجه.

الأمر الآخر من الناحية النفسية: ربما يكون لديك نوع من الوساوس، لا أقول: إنك تتوهم، ولكن تأتيك هذه المشاعر بأنك مبتسم وأن شكلك ومظهرك يُشير إلى أنك مبتسم.

هذه وساوس والوساوس دائماً تعالج بأن يتم تجاهلها، وتحقيرها، والتفكير بصورة مخالفة ومضادة لها تماماً.

هذا حالة معروفة نفسية وتعالج حسب الأسس التي ذكرتها.

أما الجانب الآخر وهو ليس بنفسي مائة بالمائة، لكن لا يخلو أيضاً من وجود قلق، وهو أنه ربما يكون لديك بروز في الأسنان مثلاً أو استرخاء في الشفة السفلى، وهذا يُعطي في بعض الأحيان الشعور بأن الإنسان مبتسم، وهذه الحالات بالطبع تعالج بتقويم الأسنان بعد أن يقوم طبيب الأسنان بمراجعة الحالة والتأكد من التشخيص ومن ثم سوف يضع العلاج اللازم. هذا من ناحية تفسير هذه الحالة.

أما فيما ذكرته من أن الأمر قد منع من الذهاب إلى المسجد فلا شيء يمنع الإنسان من الذهاب إلى المسجد، فالإنسان المسلم ما دام عاقلاً وما دام لا يوجد ما يمنعه من الذهاب إلى المسجد فيجب أن يذهب إلى المسجد لأداء صلاته فيها، ولا أعتقد أن هناك سبباً يمنعك من ذلك.

فأرجو أن تراجع نفسك في هذا الأمر، وأرجو ألا تتيح أي مجال للشيطان لأن يغويك ويُبعدك عن صلاتك في المسجد.

بالنسبة لتفكيرك في الانتحار أقول لك بأن الانتحار ليس أمراً سهلاً، فهذا لعب بالنار حقيقة، فالمسلم لا يفكر في الانتحار لمثل هذه الأسباب الواهية أو لأي سبب.

فالأمر حتى وإن كان ابتلاء شديداً يجب أن يصبر عليه المسلم، لأني أعلم أن من ينتحر فإن جزاءه النار، قال تعالى: (( وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ))[النساء:29-30]، ويمكنك مراجعة هذه الاستشارات عن موضوع الانتحار:
(262983 - 110695 - 262353 - 230518)

فيا أخي الكريم الفاضل! أرجو أن تتعامل مع الأمر بجدية ومسئولية، ولا تفكر في مثل هذه الأمور، فالحياة جميلة والحياة طيبة، وأنت لك أشياء رائعة في حياتك، ولا شك في ذلك، وإذا كانت هنالك علة فيمكن أن تعالج، فأرجو أن تطرد هذه الأفكار الخبيثة واللعينة من رأسك، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وقل: (رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً