الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا أفعل ووالدي يمنعي من الزواج بمن أرغب؟

السؤال

وفقكم الله.

كنت أريد أن أتزوج منذ سنتين؛ لكن أبي يريد أن يجبرني على الزواج ممن يرغب، ويمنعني ممن أرغب، فما الحل معه هداه الله؟ علماً بأنه دائماً يقول: تتزوج على كيفي أو لا تتزوج؟ والآن أنا أعمل بمنطقة بعيدة عن إقامة والدي، وأفكر بالزواج من غير علمه، والتفكير قتلني، فالزواج من بنات البلد مكلف، وقد يجعلني أستمر سنتين بلا زواج، ومن غير البلد أقل من ذلك بكثير، وإنا أفكر بالزواج من فتاة ملتزمة من بلد آخر.

والله الموفق.


الإجابــة

الأخ الفاضل / أبا جبرية المحترم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

كان الله في عونك أخي أبا جبرية، فهذه النوعية من الأباء ما زالت موجودة، وترى أن لها الحق في أن تتحكم في مصائر أولادها، وذلك من باب حرصها على مصلحة أبنائها، ولا أظن أن أباً يكره ولده فذلك خلاف الفطرة، فإن الأباء هم وحدهم الذين يتمنون أن يكون أبناؤهم أفضل منهم، ولكن الإشكال يكمن في ظن الأباء أنهم أقدر على معرفة مصلحة أبنائهم أكثر منهم، وهذا ليس صواباً في كل الأحوال، ومن ذلك تدخل والدك -حفظه الله- في أمر زواجك رغم أن هذا خلاف الشرع في العموم، فإن الزواج قضية شخصية في المقام الأول، ما دام الولد قد تخير من أسرة صالحة محترمة؛ فعلى الأب أن يبارك وفقط، ولذا أرى أن تصرف والدك غير شرعي، ولا حق له فيه، كما أتمنى أن تعرض الأمر على بعض ذوى المكانة عند والدك؛ حتى يعرف الحق ويترك لك حرية الاختيار، وفق الضوابط الشرعية.

وأما موضوع زواجك من غير البلد أو بدون علم والدك؛ فهذا أمر محفوف بالمخاطر، أولاً لأن فيه كسراً لخاطر والدك، وقد يؤدي إلى قطيعه بينك وبينه لا قدر الله، إلا إذا كنت تعرف أن والدك من النوع الذي يمكن إرضاؤه فهذا أمر آخر.

ثانياً: إنني ومن خلال التجارب أسمع كثيراً أن هذه الزيجات غير موفقة؛ لتفاوت الثقافات والأعراف والعادات والتقاليد.

ثالثاً: أنا لا أدري هل نظام الإمارات يسمح لك بالزواج من غير بلدك أم لا؟ فإن كان لا يسمح فتلك مشكلة أخرى؛ إذ قد يؤدي إلى تشتيت الأسرة وضياعها، وهذا مشاهد في كثير من بلاد الخليج.

فإذا كنت لا تستطيع توفير نفقات الزواج من بنات بلدك لارتفاع النفقات وعدم قدرتك على ذلك بأي وسيلة مشروعة، وإذا كنت ترى أن والدك سوف يرضى بعد فترة ولن يقاطعك وستعود المياه إلى مجاريها، وكذلك أنت على ثقة من أن تلك الأخت سوف تكون زوجة موفقة لديها القدرة على تخطي العقبات التي ذكرتها، وأنها تستحق هذه التضحية من كونها من الصالحات والأسر المحافظة، وأنها لا تختلف كثيراً عما أنت عليه؛ فلا أرى مانعاً من الزواج بهذه الأخت بالشروط التي ذكرتها، وإلا فالصبر خير لك من أن تدخل في دوامة مشاكل أنت في غنى عنها.

أوصيك ثم أوصيك بالدعاء والتضرع إلى الله؛ لأن الدعاء هو الذي يرد القضاء، بل إنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل.

مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً