الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريقة التخلص من العادات الخبيثة والعودة لعهد السلوك الحسن

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في العشرين من عمري، كنت فتىً نشيطاً ومتفوقاً، أحب طلب العلم، وملتزماً، كنت مضرب المثل، ولكن كل هذا تغير، بدأت المعاناة منذ مرحلة المراهقة، حيث كنت منعزلا وانطوائيا؛ لأن والدي كان معقداً، يمنعني من كل شيء، ويقمع كل هوايتي، ويضربني، وكان بخيلا جداً، بسبب الضغوط النفسية التي كنت أواجهها تدهور مستواي الدراسي، وساءت أخلاقي، ومرضت نفسياً وجسدياً، بعد أن كنت مضرب المثل أصبحت أهمل الصلاة، وأتغيب عن الدراسة، أصبحت أتخبط يمنه ويسرة، وأقترف المعاصي، من سماع للغناء، ومشاهدة الأفلام الخليعة، وممارسة العادة الخبيثة، لقد أصابني الاكتئاب والقلق والحزن والوهن، أود أن أعود لسابق عهدي، لكن بسبب الظروف والضغوط التي أواجهها أفشل دوماً.

أنا الآن طالب جامعي، لكني مهمل في دراستي، وأتغيب كثيرا؛ لأني دخلت تخصصا لا أرغب به، لا أدري ماذا أفعل؟! أرشدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد ذكرت أنك الآن تمارس ممارسات خاطئة كثيرة على رأسها إهمال الصلاة، والتغيب عن الدراسة، والتخبط وتسمع الغناء، وتشاهد الأفلام الخليعة، وتمارس العادة الخبيثة، فيا أخي الكريم أنت إنسان عاقل ومسئول، ومستبصر ومدرك، وتستطيع أن تفرق بين الخير والشر، والحق والباطل، والحلال والحرام، ويجب أن تعتمد على هذه المقاييس وتكبح نفسك، وتعرف أنك مسئول أمام الله أولاً، ومسئول أمام ضميرك وأمام نفسك، وأنت الذي تستطيع أن تغير نفسك.

إذن أنا أريدك أن تأخذ الأمور على محمل الجد، وأن تعطي هذه الآثام والممارسات الخاطئة حجمها الحقيقي، لا تساوم نفسك أبداً، لا تتساهل في هذا الأمر، وأنا أؤكد لك أنه لا يوجد إنسان يستطيع أن يغيرك، أنت الذي تستطيع أن تغير نفسك، والحق عز وجل استودع فينا طاقات نفسية وعقلية داخلية، نستطيع من خلالها أن نتغير، فقد قال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11]، وقال: (( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))[الأنفال:53].

ثانياً: عليك بالرفقة الطيبة الصالحة، لأنها تساعدك على عمل الخيرات وتشجعك على المحافظة على الصلاة والابتعاد عن الاقتراف الذنوب والمعاصي؛ ولأن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.

ثالثاً: عليك أن ترفع من همتك، وذلك أن تستشعر بقيمتك الذاتية، وهذا يأتي من خلال الحوار مع النفس، فقل لنفسك: (لماذا أنا هكذا؟ لماذا لا أكون يداً عليا؟ لماذا أكون اليد الدنيا؟ لماذا لا أكون من أصحاب الأخلاق والدين؟ من المتفوقين، من الناس المحترمين في المجتمع؟) لابد أن تطرح على نفسك هذه الخيارات وتجد في الوصول إليها والأمر ليس بالصعب أبداً.

بالنسبة للفشل الدراسي فلا شك أن ما تقترفه من آثام وما تقوم به من سلوكيات خاطئة هو السبب في ذلك.

السلوك حقيقة أمر متصل وهي بوابات مفتوحة بعضها على بعض، الذي يقوم بالأفعال الكريمة والمتوازنة ويلتزم بالقيم الحميدة، والأخلاق الإسلامية، لا شك أن أداءه سوف يكون ممتازاً في كل شيء، هذه بوابات مفتوحة بعضها على بعض، والذي يقترف الآثام ويعيش في فوضى وحياة هامشية سوف يكون مآله ومصيره الفشل، الفشل في الدنيا والآخرة.

فأصلح ما بك، أصلح من أخلاقك، ارفع من همتك، وتذكر أن الدراسة مهمة - وإن شاء الله - سوف تتيسر لك الأمور متى ما أصلحت من أمرك، والذي أرجوه منك هو أن تأخذ الأمور بجدية، وأن تكون لك الصحبة الخيرة الطيبة، وأريدك أيضاً أن لا تعيش أبداً في الماضي، لا تحمل أحد مسئولية تصرفاتك.

أنت الآن مسئول عن تصرفاتك، مهما كانت التنشئة ومهما كانت معاملة الوالد، هذا أمر قد انتهى وهذه مجرد عبرة، والكثير من الناس قد عاشوا حياة رغدة وحياة منعمة وكان مصيرهم الفشل، وكثير من الناس عاشوا العكس تماماً، حياة فيها الكثير من المشقة والخشونة والتربية الوالدية الصرامة، وبالرغم من ذلك قد نجحوا نجاحاً عظيماً في حياتهم.

لا توجد معايير نستطيع أن نقول من خلالها يمكننا أن نقيس ما سوف تؤول إليه التنشئة من تصرف مستقبلي، ولكن يجب النظر إلى المستقبل بإيجابية.

والدك هو والدك، فيجب أن لا تحمل في نفسك عليه، يجب أن تبره، وكل ما قام به سابقاً حيالك لا أعتقد أنه كان من سوء قصد، إنما مجرد اختلاف مناهج تربوية.

أنت الآن رجل، ويجب أن تسخر طاقاتك من أجل الانضباط الشخصي، من أجل تقدير الذات، ومن أجل أن تسعى لتطوير نفسك، وأن تكتسب المعارف العلمية، وهذا لا شك أنه يتأتى أولاً بحسن الخلق وحسن السلوك، والاستفادة من الوقت بصورة صحيحة، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً